رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جدوى قرار مجلس الأمن

بامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، وموافقة الـ١٤ عضوًا الباقين، تبنى «مجلس الأمن»، أمس الإثنين، قراره الأول، منذ بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، الذى يطالب بوقف فورى لإطلاق النار، «خلال شهر رمضان» على أن «يؤدى إلى وقف دائم»، ويدعو إلى «الإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن»، و«إزالة كل العوائق» أمام تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

القرار، الذى جاء فى اليوم الـ١٧١ للعدوان المستمر، قوبل بحالة من التفاؤل، إقليميًا ودوليًا، وطالبت الخارجية الفلسطينية، بتنفيذه على الفور، ووصفته، فى بيان، بأنه «أرضية صالحة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار». وبرغم ما يشوب هذا القرار من عدم توازن، نتيجة إطاره الزمنى المحدود، والالتزامات الواردة به، رأته الخارجية المصرية «خطوة أولى مهمة وضرورية لوقف نزيف الدماء ووضع حد لسقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لدخول المساعدات الإنسانية».

طالبت، مصر، أيضًا أو طبعًا، بضرورة التنفيذ الفورى لوقف إطلاق النار، مؤكدة أنها ستواصل جهودها الحثيثة مع الأطراف الدولية والإقليمية من أجل احتواء الأزمة فى أسرع وقت. كما شدّد سامح شكرى، وزير الخارجية، أمس الثلاثاء، على ضرورة التنفيذ الفورى للقرار والبناء عليه لتحقيق الوقف الدائم لإطلاق النار لما بعد شهر رمضان، خلال مباحثاته مع وفد «حركة فتح»، الذى زار القاهرة، وأعرب عن شكر وتقدير القيادة الفلسطينية، والشعب الفلسطينى، لموقف مصر المشرف، الداعم للقضية الفلسطينية، وحرصها على التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

اللافت، هو أن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لـ«حركة حماس»، المقيم فى قطر، زار إيران، أمس الثلاثاء، للمرة الثانية منذ ٧ أكتوبر، على رأس وفد من قيادات الحركة، وأكد من هناك أن «الاحتلال الإسرائيلى فشل فى تحقيق أهدافه العسكرية أو الاستراتيجية»، بالتزامن مع صدور بيان عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى يتهم «حماس» بطرح «مطالب وهمية»، تظهر أن الحركة غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق، خلال المفاوضات غير المباشرة، التى لا تزال مستمرة فى العاصمة القطرية الدوحة، زاعمًا أن هذه المطالب «شهادة مؤسفة على الضرر الذى أحدثه قرار مجلس الأمن»!

كانت حركة «حماس» قد رحبت بقرار مجلس الأمن وطالبت المجلس بالضغط على دولة الاحتلال للالتزام بتنفيذه «ووقف حرب الإبادة والتطهير العرقى ضد الشعب الفلسطينى». وفور صدور القرار، قالت الحركة، فى بيان، إنها أبلغت الوسطاء، فى المفاوضات غير المباشرة، أنها متمسكة بموقفها الأصلى المتعلق بالتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، والذى يتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وعودة النازحين الفلسطينيين وتبادل «حقيقى» للأسرى، موضحة أنها تريد أن يكون تبادل السجناء الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين جزءًا من اتفاق شامل، لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب.

قبول الحركة بـ«الاتفاق المطروح على الطاولة»، كان هو الشرط الذى وضعته الولايات المتحدة، بلسان مندوبتها الدائمة، ليندا توماس جرينفيلد، لتنفيذ قرار مجلس الأمن، الذى أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، خلال مؤتمر صحفى، إنه غير ملزم، تاركًا «لخبراء القانون الدولى» التعليق بالتفصيل على هذه المسألة. والحقيقة، هى أن قرارات مجلس الأمن، بصفة عامة، غير ملزمة، وتفتقر إلى آليات التنفيذ، خاصة تلك الصادرة بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الخاص بـ«تسوية النزاعات بالطرق السلمية»، التى لا يتم الإشارة فيها إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين. وإنْ كان أعضاء الأمم المتحدة تعهدوا، طبقًا للمادة ٢٥ من الميثاق، بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها!

.. وتبقى الإشارة إلى أن دولة الاحتلال، التى رفضت القرار، كالعادة، وهاجمته وأكدت أنها لن تلتزم به، واصلت عدوانها، وأعلنت صباح الثلاثاء، عن قيام قواتها بمهاجمة ٦٠ هدفًا، بسلسلة عمليات نفذتها فى مناطق مختلفة من قطاع غزة. ونقلت «وكالة الأنباء الفرنسية» عن شهود عيان أن اشتباكات عنيفة دارت فى حى الرمال ومخيم الشاطئ وتل الهوى بمدينة غزة ووسط خان يونس وغربها. كما قامت قوات الاحتلال، فجر الثلاثاء، بحملة مداهمات واعتقالات فى مدن وبلدات الضفة الغربية.