رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استعمال داعش فى روسيا

هجوم إرهابى على صالة للحفلات الموسيقية، بالقرب من العاصمة الروسية موسكو، أعلن تنظيم «داعش» عن مسئوليته عنه، زاعمًا أن عناصره «انسحبوا إلى قواعدهم بسلام». بينما أعلنت الرئاسة الروسية، أمس السبت، فى بيان، عن قيام جهاز الأمن الاتحادى الروسى بإلقاء القبض على ١١ شخصًا، من بينهم «الإرهابيون الأربعة»، الذين قاموا بتنفيذ الهجوم، خلال توجههم «نحو الحدود مع أوكرانيا»، وذكر البيان، نقلًا عن مدير الجهاز، أن الإرهابيين تواصلوا مع أشخاص على الجانب الأوكرانى.

لماذا هاجم داعش روسيا؟!

السؤال المنطقى، دون علامة تعجب، طرحه موقع «الحرة» الأمريكى. أما غير المنطقى، فهو أن ينسب الموقع، ووكالة «رويترز»، إلى «خبراء»، أن التنظيم «عارض الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى السنوات القليلة الماضية». ولعلك تعرف أن الرئيس الروسى فاز منذ أيام قليلة، بولاية خامسة نظريًا، وسادسة واقعيًا، وقد لا تكون الأخيرة. وكنا قد توقفنا، فى مقال سابق عند إعلان إيلا بامفيلوفا، رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية، عن تعرض موقع اللجنة لأكثر من ١٢ مليون هجمة إلكترونية. كما أشرنا إلى أن أسبوع الانتخابات شهد محاولات أوكرانية مستميتة، للتوغّل فى الأراضى الروسية.

لـ«وكالة رويترز» قال «مسئول أمريكى» إن الولايات المتحدة لديها معلومات مخابراتية تؤكد صحة إعلان تنظيم «داعش خراسان» مسئوليته عن الهجوم. وللوكالة نفسها، قال مايكل كوجلمان، من مركز «ويلسون» الذى يقع مقره فى واشنطن، إن «داعش خراسان»، يرى «أن روسيا متواطئة فى أنشطة تضطهد المسلمين باستمرار». كما ذكرت الوكالة أن «أكبر جنرال أمريكى فى الشرق الأوسط» قال، فى وقت سابق من الشهر الحالى، إن «داعش خراسان» يمكن أن يهاجم «مصالح أمريكية وغربية» خارج أفغانستان «خلال أقل من ستة أشهر ودون سابق إنذار». وبالفعل، سبق أن قال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، فى شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إن «داعش خراسان» وحلفاءه لديهم ملاذ آمن فى أفغانستان، ويواصلون تطوير شبكاتهم داخل وخارج البلاد.

خراسان هو الاسم القديم للمنطقة التى تضم أجزاءً من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى. ويحلم التنظيم بجعل تلك المنطقة نواة لـ«دولة الخلافة»، التى عجز عن إقامتها فى المنطقة العربية. وبدأ الإعلان عن هذا الفرع أو التوكيل، سنة ٢٠١٥، حين قال زعيم التنظيم أبوبكر البغدادى، إنه اختار حافظ سعيد خان، القيادى السابق فى «طالبان باكستان» أميرًا لـ«داعش خراسان». وكان الأخير قد بايع البغدادى سنة ٢٠١٤، ومعه عدد من قادة «طالبان باكستان»، وعبدالرءوف كاظم، القيادى فى «طالبان أفغانستان»، الذى صار نائبًا للأمير. وقيل إن الاثنين، الأمير ونائبه، تم اصطيادهما، سنة ٢٠١٦، بطائرة مسيرة، وقيل، أيضًا، إن من يقود الآن، اسمه «سناء الله»، ومعروف أيضًا باسم «الشاب المهاجر»، أو «شهاب المهاجر» وكان قياديًا فى «شبكة حقانى» المتحالفة مع «طلبان»، ولا يزال على تواصل مع هذه الشبكة!

قد تتضح الصورة بدرجة أكبر، لو عرفت أن السفارة الأمريكية فى موسكو، كانت قد وجهت تحذيرات للمواطنين الأمريكيين، أحدها أو أحدثها، فى ٧ مارس الجارى، وطالبتهم فيه بتجنب التجمعات الكبيرة، خاصة الحفلات الموسيقية، وقالت إنها «تراقب التقارير التى تفيد بأن المتطرفين لديهم خطط وشيكة». وهنا، قد تكون الإشارة مهمة، إلى أن الرئيس الروسى وصف هذه التحذيرات، الثلاثاء الماضى، بأنها «استفزازية»، وقال إنها «تشبه الابتزاز الصريح»، فى خطاب ألقاه أمام جهاز الأمن الاتحادى. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، أصدر قرارًا، سنة ٢٠١٨، بوقف «برنامج سرى» كانت تديره المخابرات المركزية الأمريكية، لتدريب «جماعات المعارضة السورية»، التى كانوا يصفونها بـ«المعارضة المعتدلة المسلحة». وهو البرنامج، الذى قيل إنه تم إطلاقه، سنة ٢٠١٣، بقرار من الرئيس الأسبق، باراك أوباما، بينما تقول شواهد كثيرة إنه بدأ قبل ذلك بثلاث سنوات، على الأقل، وجرى خلاله تدريب وتمويل وتسليح وتقديم كل أشكال الدعم لتنظيمات إرهابية عديدة، أبرزها الجماعة الأم، التى خرج من رحمها «داعش» و«القاعدة»: جماعة الإخوان.