رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جوتيريش يفضحهم مجددًا

واقفًا أمام آلاف الشاحنات المتراصة على الجانب المصرى من معبر رفح، أدلى أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الأول السبت، بتصريحات وتحذيرات لم تختلف كثيرًا عن تلك التى أطلقها من المكان نفسه، فى ٢٠ أكتوبر الماضى، والتى أكد فيها أن «على هذا الجانب لدينا الكثير من الشاحنات محملة بالماء والغذاء والدواء، التى نحتاج لتحريكها إلى الجانب الآخر بأسرع وقت ممكن».

فى المرتين، وفى سياقات أخرى عديدة، أعرب «جوتيريش» عن امتنانه لمصر، شعبًا وحكومة، ووصفها بأنها «الركيزة الأساسية لعبور الأمل إلى الجانب الآخر من الحدود». ومجددًا، أعرب عن تقديره الكبير لدور مصر الإقليمى كركيزة محورية للاستقرار، خلال لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأحد، بقصر الاتحادية، مشيدًا بالجهود المصرية للدفع نحو وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وحرص مصر على إبقاء منفذ رفح البرى مفتوحًا، بشكل متواصل، على مدار الشهور الماضية منذ بدء الأزمة الراهنة، مثنيًا على ما لمسه، خلال زيارة المعبر، من جهد مصرى ضخم لقيادة وإدارة عملية إيصال المساعدات إلى أهالى غزة، على الرغم من العراقيل والصعوبات الشديدة التى تواجهها تلك العملية.

بشكل عملى، فضح «جوتيريش» أكاذيب دولة الاحتلال بشأن عدم مسئوليتها عن منع إدخال المساعدات، موضحًا أن إدخال وتوزيع هذه المساعدات بشكل جيد وعادل غير ممكن دون وقف إطلاق النار، ودون جهود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا». كما أظهرت كاميرات وسائل الإعلام الدولية، التى رافقته، أن حوالى سبعة آلاف شاحنة تصطف على الجانب المصرى من المعبر فى انتظار سماح الإسرائيليين لها بالدخول. وهو ما أكدته، أيضًا، عدة منظمات إنسانية دولية، قالت فى بيان مشترك، إن عرقلة وتقييد إدخال المساعدات، يرجع إلى قيام السلطات الإسرائيلية بإغلاق الجانب الفلسطينى من المعبر الحدودى وفرضها قواعد تعسفية ومبهمة ومتغيرة بشأن أنواع المساعدات المسموح بها.

من رفح، جاء «جوتيريش» إلى القاهرة، واستقبله الرئيس السيسى، بحضور سامح شكرى، وزير الخارجية، واللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، وفيليب لازارينى، مفوض عام وكالة «الأونروا»، وإلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة فى مصر. وجرى خلال اللقاء تناول العديد من الموضوعات الدولية والإقليمية. ولدى التطرق إلى تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، استعرض الرئيس الجهود المصرية المكثفة للوصول إلى وقف فورى لإطلاق النار، وإنفاذ المساعدات بالقدر الكافى لإغاثة المنكوبين، سواء بريًا بالتنسيق مع الأجهزة الأممية، أو من خلال الإسقاط الجوى فى شمال القطاع.

شهد اللقاء، أيضًا، تطابقًا فى الرؤى بشأن خطورة الموقف وضرورة تجنب تغذية العوامل المؤدية لاتساع نطاق الصراع، وكذلك الرفض التام والقاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، والرفض والتحذير من التبعات الكارثية لأى عملية عسكرية فى رفح الفلسطينية. كما شدّد الرئيس والأمين العام على حتمية حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق العدل والأمن والاستقرار بالمنطقة، وضرورة تهيئة الظروف الملائمة لتفعيله.

مواقف الأمين العام للأمم المتحدة المتوازنة، أو المحترمة، منذ بداية العدوان على قطاع غزة، قوبلت بتشنجات وحملات هجوم إسرائيلية ممنهجة، وتهديدات وتعليقات، تجاوزت حدود الانحطاط، من مسئولين إسرائيليين. وعليه، كان طبيعيًا، أو واجبًا، أن يثمن الرئيس هذه المواقف، وأن يشيد بحرص «جوتيريش» على الالتزام بمبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، ونشاطه المستمر لحث المجتمع الدولى على التحرك لإنهاء الحرب. والأهم، كان تأكيد الرئيس ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسئولياته، فى هذا الشأن، وتشديده على خطورة قيام بعض الدول بقطع دعمها عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، الذى عدّه عقابًا جماعيًا للفلسطينيين الأبرياء.

.. وأخيرًا، من المقرر أن يقوم مجلس الأمن اليوم، الإثنين، بالتصويت على مشروع قرار يرعاه ثمانية أعضاء غير دائمين فى المجلس، «يحضّ على وقف إطلاق نار إنسانى فورى فى شهر رمضان، يقود إلى وقف دائم»، وإزالة «كل العقبات» أمام المساعدات الإنسانية، وفق آخِر نسخة من مشروع القرار البديل لذلك الذى قدمته الولايات المتحدة، وعرقله الاعتراض، «الفيتو»، الروسى الصينى، الجمعة الماضى، وجرى وصفه بأنه محاولة نفاق رخيصة، هدفها الوحيد هو استرضاء الناخبين الأمريكيين.