رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطوة للأمام

لست خبيرًا اقتصاديًا، ولكننى أؤمن بالمثل الذى ينصح بأن نعطى «العيش» لخبازه، وأنا أثق فى البنك المركزى، وأظن أن رئيسه «خباز شاطر».. البنك يعمل وفق منظومة الدولة بكل تأكيد، وأظن أنه أدار أزمة نقص العملة بشكل جيد حتى الآن.. فى العالم كله الاقتصاد والسياسة توأمان، وفى حالة مصر فإن السياسة هى الأخ الأكبر، لولا وزن مصر السياسى لما سارع العالم كله لتقديم التمويل الكافى، وأولى حلقاته صفقة رأس الحكمة المهمة للغاية، بكل الأسى أتذكر مصير دول عربية شقيقة كان اقتصادها ممتازًا، ولكن ابتلعها وحش السياسة والمؤامرات الدولية، والمعنى أن الاقتصاد ليس كل شىء رغم أهميته، وزن مصر السياسى وقيادتها وجيشها تلعب دورًا فى حل أزمتها الاقتصادية أولًا، وفى تحقيق طموحها فى النمو ثانيًا، ولعل هذا هو تفسير اعتزاز المصريين بقيادتهم السياسية واعتزاز القيادة بنفسها.. الاقتصاد فى مصر يسير تحت مظلة السياسة، لذلك يمكن فهم قرار التعويم بعد ثمانية أشهر من إعلان الرئيس السيسى للعالم أنه يرفض التعويم، منذ ثمانية أشهر لم تكن هناك صفقة رأس الحكمة، ولم تكن مليارات الدولارات قد دخلت البنوك، كما هو الوضع الآن.. كان التعويم سيقود لارتفاع جنونى فى الأسعار لأن الطلب كان كثيرًا، والعرض كان قليلًا جدًا، عكس الوضع الآن الذى هو أقرب للتوازن.. خلال ساعات أو أيام ستدخل مليارات أخرى للبنك المركزى كتمويل من البنك الدولى، وبالتالى سيزداد العرض أكثر أمام الطلب، وبالتالى يقل السعر أو يستقر.. أعتبر أن القرار بمثابة خطوة فى سياسة تصحيح المسار التى أعلن عنها رئيس الوزراء.. نريد أن نترك السوق تتفاعل بحرية وتصحح نفسها بنفسها، ونريد أن تتراجع السياسة - رغم أهميتها البالغة- لتسير مع الاقتصاد جنبًا إلى جنب كما فى العالم كله.. بغض النظر عن نباح بعض كلاب الإرهاب الإلكترونية، فقد تفهم الناس القرار وسط مناخ من الاطمئنان لتوافد تمويلات كبيرة على مصر فى الفترة المقبلة.. من الوارد جدًا أن تتأثر الفئات الأقل دخلًا لأن الاقتصاد الحر يُشبه البحر، والذين لا يملكون مهارات السباحة يواجهون أعظم الأخطار، لا بديل سوى مزيد من الإجراءات الحمائية للأقل دخلًا، وبعضها موجود بالفعل، الدولة ترعى تحالفًا ناجحًا للعمل الأهلى يشكل مظلة لكل المحتاجين، والرئيس يهتم بالأمر بنفسه، إجراءات الحماية حل مؤقت، والحل الدائم هو فى قدرة الاستثمارات الجديدة على خلق وظائف وتوفير فوائض توجه للتعليم والصحة، التعليم هو الوحيد القادر على تحويل أبناء الفقراء إلى أغنياء إذا كانت لديهم الموهبة، ولعل هذه هى قصة نهضة مصر فى العصر الحديث من طه حسين إلى جمال عبدالناصر، ومن رفاعة الطهطاوى إلى أحمد زويل.. قرار تحرير سعر الصرف من شأنه عودة تحويلات العاملين بالخارج لمعدلها الطبيعى «٣٣ مليارًا» كل عام، وهذا من شأنه إتاحة مزيد من الدولارات، ما ينعكس على تلبية احتياجات الاستيراد واستقرار الأسعار مرة أخرى، فى الوقت نفسه فإن رفع الفائدة على الجنيه المصرى من شأنه امتصاص التضخم وتقليل الطلب على الدولار كسلعة ومخزن قيمة.. كلما علا نباح الإخوان على قرار ما، أدركت أن القرار فى مصلحة مصر، لذلك يسعدنى جدًا أن يعلو نباحهم ضد هذا القرار، لأنه فى مصلحة مصر فعلًا.

سعر الفائدة على الشهادات الادخارية للسنة الأولى كما أعلنها البنك الأهلى