رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل التفاؤل

دون شك، فإن ثمة مناخًا من التفاؤل يسيطر على مصر الآن بعد فترة أزمة ثقيلة وطارئة مثلما هو حال الأزمات، يترقب الجميع سؤال المستقبل وكل قلب بما فيه ينضح، من يحبون هذا البلد ويعرفون قيمته يتمنون أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة على كل المستويات، تسد فيها مصر الذرائع، وتخرس ألسنة المشككين، وتتعامل مع انفراج الأزمة كفرصة تاريخية نادرة، نعرف قيمتها، وننوى ألا نضيعها، أما كارهو مصر والذين فى قلوبهم مرض فأكثر ما يتمنونه أن تضيع مصر هذه الفرصة، كى يجدوا مبررًا لاستمرار حقدهم ضد مصر، وإحباطهم لشعبها، ودعوتهم له لإحراق كل شىء، وهدم الدولة بدعوى الثورة والبدء من جديد.. إن أكثر ما يدعو للتفاؤل أن هناك إشارات عديدة لطريق جديد فى الأداء الاقتصادى تسير فيه مصر، فرئيس الوزراء فى إعلانه عن مشروع رأس الحكمة تحدث عن مرحلة جديدة من تصحيح المسار نرى فيها أداءً اقتصاديًا مختلفًا، ودون شك فإن هذه هى رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذه المرحلة التى بدأ فيها بالأمس متفائلًا، وواثقًا من رعاية الله لمصر وأهلها، حيث وضع الرئيس الأمور فى نصابها بكل صدق، وتحدث عن موقف مصر فى مساندة أهل غزة، شارحًا العوائق التى أعاقت ذلك بكل وضوح، ومبشرًا بقرب وقف إطلاق النار فى غزة، وهو سبب ثانٍ للتفاؤل يرفع عن قناة السويس عبء ما يحدث فى البحر الأحمر، ويعيد دخل مصر من القناة والسياحة إلى نصابه الطبيعى، ولا شك أن مصر تعمل على تدعيم المرحلة الجديدة من تصحيح المسار الاقتصادى، لأن المشكلة الاقتصادية هى «كعب أخيل» الذى يوجه له الإخوان والإرهابيون سهامهم، ويتخذونه تكأة لإهالة التراب على الجهد الكبير الذى تم بذله خلال عشر سنوات.. فى هذا الإطار تبدو أهمية الجولة الجديدة من جولات الحوار الوطنى فى المحور الاقتصادى، الذى ضم عددًا من الخبراء وأساتذة الاقتصاد الذين يملك بعضهم وجهات نظر نقدية قوية فى أداء مصر الاقتصادى، وتستمع الدولة لملاحظاتهم باهتمام وإنصات، وإذا كان لى أن أقترح فأظن أننا فى حاجة للاستماع لوجهة نظر رجال الصناعة المصرية فى مؤتمر مستقل، تتم فيه مناقشة مشاكل الصناعة المصرية، ليس فقط مع الوزارات والأجهزة الرسمية، ولكن مع العالم كله، ذلك أن تحديات الصناعة فى مصر لا تقتصر على التراخيص فقط ولا المنافسة العادلة، ولكن على العلاقة بالتكنولوجيا، وكيفية توظيف العلم، وكيفية تطوير العامل المصرى ليمتلك القدرة على المنافسة، وما هى الصناعات التى يمكن أن نملك فيها ميزة نوعية وسط الدول الصناعية الأخرى فى العالم.. هذا المؤتمر العلمى يمكن أن تشارك فى تنظيمه مبادرة ابدأ، مع اتحاد الصناعات المصرى، وجمعيات المستثمرين، والهدف البدء فى مرحلة جديدة من دعم الصناعة المصرية بعد حل أزمة مستلزمات الإنتاج، وهو سيكون أفضل رد على كتائب الحقد الإخوانى التى تنشر نصًا موحدًا يقول إن مصر ستعتمد على بيع الشواطئ فقط، فى حين أن فى مصر آلاف المصانع وملايين الأفدنة المزروعة وعشرات الموانئ والمدن.. كلها جزء من ثروة مصر وأنشطتها الاقتصادية. من علامات تصحيح المسار التى لا يجب أن نحيد عنها، والتى سيبدأ الإخوان فى معارضتها بعد أن كانوا من قبل يدعون إليها، هى الاعتماد على رأس المال الخاص بصورة أكبر، سواء كما حدث فى صفقة رأس الحكمة، أو إدارة وتطوير المطارات، أو فى شركات القطاع العام التى ستشكل إضافة كبرى للاقتصاد إذا اشتراها مستثمرون يحافظون على نشاطها الصناعى، وأضرب مثلًا بأكبر شركة «شيكولاتة» مصرية، ارتبطنا بها جميعًا فى طفولتنا، حيث لاحظت ازدهارًا فى منتجات الشركة آخر عامين، وقدرة على منافسة المنتج الأجنبى بأسعار أرخص، ودخلت أبحث عن بيانات عن الشركة التى تم تأميمها منذ الستينيات، معتزمًا توجيه الشكر لإدارتها التى كنت أظنها تابعة للقطاع العام، ولكننى فوجئت بأن الشركة تمت خصخصتها عام ٢٠٠٠، ولكن المستثمر حافظ على نشاطها الرئيسى فى الصناعة ولم يبعها كأراضٍ كما حدث مع غيرها، والنتيجة أنه أصبحت لدينا إضافة مهمة للصناعة المصرية على يد مستثمر خاص، وبتشجيع من الدولة التى تتبع سياسة الحد من الواردات، وهذا هو النموذج الذى نريده مع كل شركات القطاع العام، دون خوف من ابتزاز الإخوان والإرهابيين، ودون تردد فكرى ونفسى أخرنا كثيرًا، ودون استيحاء لميراث الستينيات التى مضت عليها ستة عقود ويزيد.. نحن نحتاج لتصحيح مسار تحت مظلة التفاؤل والفرصة التاريخية التى استحقتها مصر بوزنها ووضعها وقوتها.. وأظن أننا لا يجب أن نتأخر.