رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. ومدير «الفاو» فى القاهرة

التعاون، إذن، مستمر لخمس سنوات جديدة، بين مصر و«منظمة الأغذية والزراعة»، FAO، التابعة للأمم المتحدة. وكنا قد تناولنا، «برنامج الفاو فى مصر»، وتحت هذا العنوان أوضحنا أن أولويات النسخة الجديدة من هذا البرنامج، التى تم توقيعها، أمس الأول السبت، ستركز على تحقيق الأمن الغذائى، وستقدم، بميزانية تقديرية قيمتها حوالى ٧١ مليون دولار، الدعم الفنى لأنشطة تطوير الرى الحقلى، واستنباط البذور عالية الإنتاجية والمقاومة لتغير المناخ، و... و... وغيرها.

لحضور مراسم توقيع النسخة الجديدة من البرنامج القطرى، أو الإطارى، الذى يحدّد نطاق عمل «الفاو» فى مصر للسنوات الخمس المقبلة، زار القاهرة الدكتور شو دونيو، المدير العام للمنظمة الأممية، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأحد. وجرى خلال اللقاء تأكيد الاعتزاز المتبادل بالشراكة طويلة الأمد بين مصر و«الفاو»، التى تنعكس فى مشروعات التنمية المتعددة، فى مجالى الزراعة والغذاء. وفى هذا السياق، أعرب الدكتور دونيو، Qu Dongyu، عن تقديره الكبير لما شهده خلال الزيارة من تطور تنموى لافت، عمرانيًا وزراعيًا وصناعيًا، مؤكدًا التزام «الفاو» بمواصلة وتكثيف التعاون مع مصر.

تخرّج الدكتور دونيو فى جامعة «هونان الزراعية» بالصين، ثم درس تربية النباتات والعلوم الوراثية فى «الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية»، وحصل على درجة الدكتوراه فى العلوم البيئية من جامعة «فاخينينجن» الهولندية. وقبل أن يصبح فى أول أغسطس ٢٠١٩ المدير العام التاسع لمنظمة «الفاو»، وأول صينى يتولى هذا المنصب، كان نائب وزير الزراعة وشئون الريف فى الصين، كما كان نائبًا لمحافظ «نينجشيا»، إحدى أفقر المناطق الصينية غير الساحلية. وفى ٢ يوليو الماضى، أعيد انتخابه لولاية جديدة، تنتهى فى ٣١ يوليو ٢٠٢٧، بأغلبية ١٦٨ صوتًا، من أصل ١٨٢، نتيجة قيامه، خلال ولايته الأولى، بمجموعة واسعة من الإصلاحات والمبادرات، استهدفت مكافحة سوء التغذية والقضاء على الجوع.

الرجل، الذى يصف نفسه بأنه «مزيج من الروح الآسيوية والذهنية العالمية»، شهد لقاؤه مع الرئيس تباحثًا معمقًا بشأن الأوضاع الإنسانية الكارثية فى قطاع غزة، وجهود مصر المكثفة لإدخال المساعدات، برًا وجوًا، لإغاثة أهالى القطاع. ومجددًا، أعرب الدكتور دونيو عن بالغ تقديره لـ«الدور المصرى التاريخى الذى يتسم بأعلى درجات المسئولية والتجرد»، وأكد حرص المنظمة على تقديم كافة أوجه الدعم للجهود المصرية. ولعلك تتذكر أننا كنا قد أنهينا مقال أمس بأن مدير عام «الفاو» أعرب، على هامش توقيع البرنامج الجديد، عن تثمينه دور مصر الكبير فى دعم سكان قطاع غزة المتضررين من الحرب الجارية هناك، وأكد أن الوضع فى القطاع كان سيزداد سوءًا لولا الدعم المصرى، وبالنص قال إن «هذا ليس جديدًا على مصر، ذات القدرات والخبرات التى جعلتها تقوم، منذ آلاف السنين، بدورها الإقليمى المهم».

تباحث الرئيس السيسى مع الدكتور دونيو، أيضًا أو طبعًا، بشأن أزمة الغذاء العالمية، خاصة ما يتعلق بتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على مصر، كونها أحد أكبر مستوردى الحبوب فى العالم. وأوضح أن الدولة المصرية تسعى إلى تجاوز هذا التحدى، بشكل جذرى، سواء من خلال تحقيق طفرة فى مساحة الأراضى الزراعية، أو بالتوسع الرأسى وتحسين الإنتاجية، عن طريق التركيز على البحث العلمى والتكنولوجى. ومن جانبه، أكد مدير عام «الفاو» متابعته، والمنظمة، بشكل وثيق، التجربة المصرية فى التنمية الزراعية، ما تم منها وما يجرى تنفيذه، وأبدى حرصه على تعميق التعاون القائم، مشددًا على أن المنظمة ستواصل دعم مصر فى تحقيق أهدافها الطموحة، لتحسين الأمن الغذائى للشعب المصرى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن محفظة التعاون بين مصر ومنظمة الأغذية والزراعة، «الفاو»، تضم ٧٩ مشروعًا، فى ١٢٤ موقعًا، بمختلف محافظات الجمهورية، انتهى تنفيذ ٥٩ منها، ويجرى استكمال المشروعات الـ٢٠ الباقية. ومن المتوقع، المأمول أو المنتظر، أن تشهد السنوات الخمس المقبلة مزيدًا من المشروعات، التى تدعم جهود الدولة المصرية، وخطط العمل الوطنية، والمبادرات الرئاسية، لتحقيق الأمن الغذائى، وتعزز التنمية الزراعية المستدامة، وتحسين الدخل والظروف المعيشية فى المناطق الريفية.