رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

برنامج «الفاو» فى مصر

لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، FAO، مكتبان فى القاهرة، أحدهما إقليمى والآخر قُطرى، بضم القاف. ويحدّد نطاق عمل المنظمة فى مصر، برنامج إطارى، يتجدد كل خمس سنوات، وسيركز فى نسخته الجديدة، التى تم توقيعها، أمس السبت، على تحقيق الأمن الغذائى، وتمكين المزيد من الأفراد، خاصة الأكثر احتياجًا، من الوصول إلى غذاء كافٍ ومستدام وعالى الجودة، ودعم الأنشطة الزراعية المستدامة، وتعزيز قدرة نُظم إنتاج الغذاء على مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.

تأسست منظمة «الفاو»، سنة ١٩٤٥، لتقود جهود القضاء على الجوع فى العالم. ومنذ بدأ تعاونها مع مصر، جرى تنفيذ العديد من سياسات ومشروعات التنمية الزراعية. وبموجب البرنامج الإطارى الحالى، الذى توشك مدته على الانتهاء، يجرى التعاون، حاليًا، فى تنفيذ العديد من المشروعات، من بينها مشروع «تعزيز إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية والإنتاجية من خلال تبنى ممارسات وتقنيات زراعية مبتكرة». كما يجمعنا بالمنظمة، أيضًا، الإطار الاستراتيجى لـ«الشراكة من أجل التنمية المستدامة ٢٠٢٣- ٢٠٢٧» الذى يهدف إلى تحقيق خمسة أهداف تنموية رئيسية، هى الاستثمار فى رأس المال البشرى، تحقيق النمو الشامل والمستدام، تعزيز الاستدامة البيئية، الشفافية والحوكمة، وتمكين المرأة.

إجمالًا، يتماشى برنامج أو نطاق عمل «الفاو» فى مصر مع أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠، والنسخة الوطنية منها، «رؤية مصر ٢٠٣٠»، كما يتوافق مع الاستراتيجيات القطاعية وخطط العمل الوطنية والمبادرات الرئاسية: استراتيجية مصر للتنمية الزراعية المستدامة، والاستراتيجية الوطنية للغذاء والتغذية، وبرنامج «نُوَفِّى» أو منصة تمويل المشروعات الحكومية الخضراء فى مجالات الطاقة والغذاء والمياه، و«الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠»، ومبادرة «حياة كريمة»، و... و... وسبق أن تعاونت مصر مع المنظمة لإطلاق «مبادرة الزراعة والأمن الغذائى من أجل تحول مستدام»، FAST، خلال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب- ٢٧، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر ٢٠٢٢، والتى حرصت مصر خلالها على إدراج نظم الغذاء ضمن مُخرجاتها.

على ذكر الغذاء و«الأمن الغذائى»، نشير، بالمرة، إلى أن «مركز تنسيق النُظم الغذائية» التابع للأمم المتحدة، أيضًا، عقد منذ سنة تقريبًا، تحديدًا فى ١٣ مارس الماضى، اجتماعًا عربيًا إقليميًا لتقييم التقدم العالمى فى نظم الغذاء، كان أبرز ما استوقفنا فيه هو إشارة مداخلتى الأردن ولبنان إلى أعباء استضافة المهاجرين واللاجئين، وتأثيراتها العميقة على الأمن الغذائى ومتطلبات التحول إلى نظم غذائية مستدامة. وهى الإشارة، الأعباء والتأثيرات، التى كان طبيعيًا، ومنطقيًا، أن تؤكد عليها مداخلة مصر، التى تستضيف أكثر من تسعة ملايين مهاجر ولاجئ، وما زالت تستقبل المزيد، برغم التحديات الاقتصادية المتزايدة، ومحدودية الدعم، الذى يقدمه المجتمع الدولى، والذى لا يتناسب مع حجم الأعباء التى نتحملها.

المهم، هو أن أولويات النسخة الجديدة من البرنامج الإطارى لنطاق عمل «الفاو» فى مصر تستهدف، أيضًا، تحسين وحوكمة أنظمة مراقبة الأغذية والصحة النباتية، وتحسين إدارة الأراضى الزراعية والمياه والأسمدة والمبيدات والمدخلات الزراعية الأخرى ومياه الصرف الصحى والمخلفات الزراعية والغذائية، وجعلها أكثر ابتكارًا واعتمادًا على التكنولوجيا، و... و... وبميزانية تقديرية، قيمتها حوالى ٧١ مليون دولار، سيتم تقديم الدعم الفنى لأنشطة تطوير الرى الحقلى، واستنباط البذور النباتية عالية الإنتاجية والمقاومة لتغير المناخ، ودعم صغار المزارعين والمشروعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة، وإدارة المخلفات، وتطوير خدمات الإرشاد الزراعى، ومنظومة سلامة الأغذية، و... و... وتقديم الدعم الفنى فى حالات الطوارئ مثل مكافحة الآفات الزراعية، ومواجهة تفشى الأوبئة بين الحيوانات.

.. وتبقى الإشارة إلى أن شو دينيو، مدير عام منظمة «الفاو»، أشاد، على هامش توقيع البرنامج الإطارى الجديد، بدور وزارتى التعاون الدولى والزراعة واستصلاح الأراضى فى تحقيق أفضل النتائج من التعاون المشترك. كما ثمّن دور مصر الكبير فى دعم سكان قطاع غزة المتضررين من الحرب الجارية هناك، مؤكدًا أن الوضع فى القطاع كان سيزداد سوءًا لولا الدعم المصرى، وبالنص قال إن «هذا ليس جديدًا على مصر، ذات القدرات والخبرات التى جعلتها تقوم، منذ آلاف السنين، بدورها الإقليمى المهم».