رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة الرئيس الإريترى

إلى جانب التوترات المتزايدة، أو التطورات الأمنية الخطيرة، فى منطقة القرن الإفريقى والبحر الأحمر، ناقش الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الإريترى أسياس أفورقى، أمس السبت، العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، وشدّدا على ضرورة التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل مستدام إلى القطاع، وإطلاق مسار حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا للمرجعيات الدولية المعتمدة.

تربطنا علاقات قوية بالدولة الإفريقية الشقيقة، الواقعة عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر وعلى مقربة من مضيق باب المندب ذى الأهمية الاستراتيجية البالغة. ومنذ ٩ سبتمبر ٢٠١٤، زار الرئيس الإريترى مصر ست مرات. وفى ١١ نوفمبر الماضى، التقى الرئيس السيسى، بالعاصمة السعودية الرياض، على هامش مشاركتهما فى القمة العربية الإسلامية الاستثنائية، وتناولا آخر تطورات الأوضاع فى القرن الإفريقى والسودان والصومال والبحر الأحمر. وقبل هذا اللقاء، استقبل الرئيس السيسى، فى ١٤ أكتوبر، عثمان صالح، وزير الخارجية الإريترى، ويمانى جبر آب، مستشار الرئيس أفورقى للشئون السياسية، اللذين سلّما الرئيس رسالة خطية من أخيه الرئيس الإريترى، تضمنت الإعراب عن تطلعه إلى تطوير العلاقات الثنائية، على مختلف الأصعدة، فى ضوء ما يشهده المحيط الإقليمى من تحديات متلاحقة.

المهم، هو أن الرئيس الإريترى زار القاهرة، أمس السبت، واستقبله الرئيس السيسى، فى قصر الاتحادية، وركزت المباحثات بينهما على تنشيط التبادل التجارى بين البلدين، وتعزيز التدفق الاستثمارى عبر دعم وجود الشركات المصرية بالسوق الإريترية فى القطاعات ذات الأولوية للجانبين، والتى تتمتع فيها الشركات المصرية بميزات نسبية وخبرات متراكمة. كما أكد الرئيسان اهتمامهما بمواصلة تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق نقلة نوعية فى مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية.

مباحثات أمس تناولت، كما أشرنا، التوترات، أو التطورات الأمنية الخطيرة، فى منطقة القرن الإفريقى والبحر الأحمر، وأكد الرئيسان أهمية استمرار العمل المشترك، فى إطار «مسار دول الجوار»، من أجل التوصل إلى حلول جادة للأزمة السودانية، تفضى إلى وقف إطلاق النار، وتضع حدًا للمعاناة الإنسانية التى يمر بها الشعب السودانى الشقيق، وتلبى تطلعاته وآماله فى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية. كما توافقا على ضرورة احترام سيادة دولة الصومال، ودعمها فى رفض كل الإجراءات التى من شأنها الانتقاص من هذه السيادة.

التطورات الإيجابية، التى شهدتها دولة الصومال الشقيقة على صعيد مكافحة الإرهاب وما حققته من تطورات إيجابية سياسية واقتصادية، تُوجب على كل الدول العربية والإفريقية دعم تلك التطورات، ودعم سيادة الصومال ووحدة وتكامل أراضيه، خاصة بعد «مذكرة التفاهم»، التى وقعها رئيس الوزراء الإثيوبى مع زعيم ولاية «أرض الصومال»، والتى تمنح إثيوبيا ميناءً بحريًا وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر، مقابل اعترافها بهذه الولاية، التى تعد جزءًا من جمهورية الصومال الفيدرالية، كدولة مستقلة. 

الخطوة الإثيوبية، غير المحسوبة، التى انتهكت سيادة الصومال، ولم تحترم القانون الدولى ومبادئ الاتحاد الإفريقى، قد تقود إلى مواجهة عسكرية تهدد مصالح دول القارة السمراء وأمنها القومى. ومع تأثيرها السلبى على الاستقرار الإقليمى والدولى، وحركة التجارة العالمية، ستكون الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر هى الأكثر تضررًا من هذه الخطوة. وعليه، لم تتوقف محاولات القاهرة وأسمرة لكبح جماح أديس أبابا، التى تصر على اختلاق صدامات واضطرابات فى محيطها الإقليمى.

.. وأخيرًا، لعلك تعرف أن إريتريا كانت قد استقلت عن إثيوبيا، أوائل تسعينيات القرن الماضى، ثم دخل البلدان فى عداء طويل، تخللته عدة حروب، أسفرت عن مقتل نحو مائة ألف من الجانبين، قبل أن يقوم الرئيس أفورقى ورئيس الوزراء الإثيوبى، فى يوليو ٢٠١٨، بتوقيع اتفاق السلام والمصالحة، الذى رحبت به مصر وأعربت عن تطلعها إلى تكثيف التعاون مع البلدين، ومع كل دول القرن الإفريقى الشقيقة، من أجل تعزيز الاستقرار وتحقيق أهداف التنمية ورفع معدلات النمو.