رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مع الشيوخ.. فى ميونخ

مجموعة الشيوخ، أو الحكماء، The Elders، الداعمة للسلام، أسسها نيلسون مانديلا، رئيس جنوب إفريقيا الأسبق، سنة ٢٠٠٧، لاستثمار ما يعادل ألف سنة، هى مجموع تجارب أعضائها فى الحياة، والاستفادة من استقلالهم السياسى، فى إيجاد حلول للأزمات غير قابلة للحل، والمساعدة فى تسوية أكثر الصراعات تعقيدًا فى العالم، والتصدى للتهديدات الوجودية التى تواجه البشرية. والخميس الماضى، دعت المجموعة قادة دول العالم، فى رسالة مفتوحة، إلى إظهار الشجاعة اللازمة لتحقيق مستقبل أفضل.

كعادتهم، منذ تأسست المجموعة، يشارك قادة مجموعة الحكماء، أو الشيوخ، فى «مؤتمر ميونخ للأمن»، الذى بدأت فعاليات دورته الستين أمس الأول، الجمعة، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد كبير من رؤساء الدول والحكومات والمؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى، ونحو ١٠٠ وزير، من بينهم سامح شكرى، وزير الخارجية، الذى كان متحدثًا رئيسيًا فى جلسة «السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط»، وافتتح مائدة مستديرة عقدها «مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، عنوانها «بزوغ حقبة جديدة؟ منظومة السلم والأمن الإفريقية فى عالم متغير»، كما عقد، على هامش المؤتمر، عددًا من اللقاءات مع وزراء الخارجية وكبار المسئولين، وقادة مجموعة الشيوخ.

تأسس مؤتمر ميونخ، سنة ١٩٦٣، تحت اسم «اللقاء الدولى لعلوم الدفاع»، وبعد عدة مراحل تحول المؤتمر، الذى تستضيفه ثالث أكبر مدن ألمانيا، سنويًا، إلى ملتقى للسياسيين والدبلوماسيين، ومنصة تتواصل فيها الحكومات، بشكل غير رسمى، لتبادل وجهات النظر، حول سبل تسوية النزاعات وكيفية التعامل مع التحديات التى يواجهها المجتمع الدولى. ومنذ أن استردت مصر عافيتها تحرص على المشاركة فى المؤتمر، لطرح رؤيتها بشأن كيفية استعادة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، والقارة الإفريقية، وفق الثوابت أو المحددات المصرية. وهذا بالضبط هو ما فعله وزير الخارجية، مجددًا، خلال مشاركته فى الدورة الستين، التى ركزت على التحديات الأمنية والاستراتيجية الراهنة على الساحة الدولية، خاصة الأزمة الروسية الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.

فى هذا السياق، استعرض وزير الخارجية، خلال لقائه قادة مجموعة الشيوخ، رؤية مصر حيال التطورات الجارية فى قطاع غزة، والتحركات التى تقوم بها على الصعيدين السياسى والدبلوماسى، لتحقيق وقف إطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل المحتجزين، وضمان إدخال المساعدات الإغاثية لأبناء الشعب الفلسطينى بالقدر الكافى والمستدام، دون أى عوائق، للتعامل مع الأوضاع اللا إنسانية التى يتعرضون لها يوميًا. وأعاد «شكرى» تأكيد الموقف المصرى الداعى إلى ضرورة تجنب المخاطر المتعلقة بتوسيع دائرة الصراع، محذرًا من مخاطر الاجتياح الإسرائيلى لرفح الفلسطينية، وتداعياته شديدة السلبية، الكارثية، على كل المستويات. كما شدّد وزير الخارجية على ضرورة تحرك الأطراف الدولية لمنع إسرائيل من تنفيذ سيناريو التهجير القسرى وتصفية القضية الفلسطينية، الذى ترفضه مصر جملةً وتفصيلًا.

تطرقت مناقشات وزير الخارجية وقادة المجموعة، أيضًا، إلى التحركات الرامية لتحقيق التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصِلة بالأزمة فى غزة، وكذلك التدابير المؤقتة التى نصت عليها محكمة العدل الدولية. وأكد الجانبان المسئولية القانونية والإنسانية والسياسية للأطراف الدولية فى وقف نزيف الدماء، وتسريع عملية إدخال المساعدات إلى القطاع، وفقًا للقرارات الدولية، لاحتواء تداعيات الأوضاع الإنسانية المتردية، مع ضرورة استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا»، فى تقديم خدماتها الحيوية للفلسطينيين وفقًا لتكليفها الأممى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن قادة مجموعة الشيوخ، أو الحكماء، The Elders، أعربوا عن تقديرهم الرؤية المصرية حيال التطورات الجارية فى قطاع غزة، وأشادوا بدور مصر الإقليمى البارز، وبما تبذله من جهود حثيثة، على مختلف الأصعدة، لإقرار التهدئة، والدور المهم الذى تضطلع به على مسار تقديم وإيصال المساعدات الإنسانية، مؤكدين حرصهم على مواصلة التشاور معها، ومع الأطراف الدولية، للحد من تداعيات هذه الأزمة، والدفع بجهود السلام، حفاظًا على استقرار المنطقة والسلم والأمن الدوليين.