رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية قارئة كادت تطلق بسبب رواية إحسان عبد القدوس "أين عمري"

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

عاش إحسان عبد القدوس، حياة ثرية، فهو خريج الحقوق الذي وجد ضالته في دنيا الأدب والصحافة والفن، ليصبح الكاتب الصحفي المرموق منذ شبابه المبكر، وصاحب الآراء والكتابات والمواقف السياسية المهمة، من قبل حتى أن يصبح الروائي الشهير وربما الأكثر رواجًا في تاريخ الأدب المصري المعاصر.

ماذا قال إحسان لغالي شكري عن حياته في الرسائل المتبادلة بينهما؟

 

وعن مرحلة الطفولة والصبا في حياته يقول إحسان عبد القدوس في رسالة للناقد غالي شكري علي خلفية حوار نشره معه الأخير، لقد أعجبني الحوار الذي أجريته معي بسبب حرصك علي تدوين كل ما خطر لي قوله، وليس لي من ملاحظة تخص سردك لحياتي إلا قولك أني ولدت في قرية، والواقع إني ولدت في مستشفي الدكتور سامي بالقاهرة عام 1919 وكانت أمي لا تزال فقيرة، وكانت وحيدة بعد أن افترقت عن أبي٬ قبل ولادتي بشهرين.

وبعد مدة جاء أبي وأخذني٬ ووضعني في بيت جدي وتحت رعاية عمتي، وقد عشت في بيت جدي حتي حصلت علي شهادة التوجيهية، ودخلت الجامعة ثم انتقلت لأعيش في بيت أمي.

وكان جدي الشيخ أحمد رضوان القماش من خريجي الأزهر٬ ويعمل في القضاء الشرعي ومن بين تناقضات الجد أنه كان يحب الموسيقي٬ لأنه كان صديقا للمطرب محمد عثمان٬ وأشهر رجال الموسيقي في عهده٬ وتعود أن يجمعهم في داره ويقدم لهم شراب النعناع٬ فغني محمد عثمان أغنية اشتهرت أيامها مطلعها:"يا بتاع النعناع يا منعنع..يا بتاع النعناع يا شيخ أحمد".    

أسرار بطلات رواياته

في حوار نشر في مجلة الكواكب الفنية، باح إحسان عبد القدوس، بأسرار بطلات رواياته، ورأيه فيهن، مشيرا إلي: كل بطلة من بطلات قصصي تستطيع أن تقول أنها موجودة، بل وتسطيع أن تسميها باسمها، وفي الوقت نفسه تستطيع أن تقول أنها غير موجودة.

ويفسر إحسان عبد القدوس: أن في حياتي شخصيات كثيرة. بنات وسيدات ألتقيت بهن وعرفتهن واستطعت أن أختزن ملايين الملاحظات عن الطريقة التي يفكرن بها، والتي يتصرفن بها، فإذا أردت بعد هذا أن أكتب قصة فأنني في الواقع لا أستعين بشخصية واحدة من هذه الشخصيات التي عرفتها بل أجمع صفات أكثر من واحدة، وأخلق من المجموع بطلتي الجديدة. تستطيع أن تقول أن كل واحدة من بطلات قصصي تساوي عشر فتيات علي الأقل، وتمثل بعد هذا مليون فتاة علي الأقل.

مرض القراءة كاد يتسبب في طلاق سيدة قلدت بطلة " أين عمري" 

وحول شخصيات روايات إحسان عبد القدوس شديدة الواقعية حتي يخيل للقارئ أنها شخصيات حقيقية، يقول إحسان عبد القدوس: كل قصة كتبتها نسبت إلي أكثر من فتاة أو نسبتها إلي نفسها أكثر من فتاة، فهناك ثلاث فتيات مثلا أدعت كل منهن أنها بطلة قصة "لا أنام". وقد نسبت مجموعة قصص "البنات والصيف" إلي الكثيرات. أن هناك شيئا، نوع من المرض أسميه أنا مرض القراءة، يحدث مثلا أن القارئة تعيش في القصة وتتزثر بشخصية البطلة حتي تتخيل نفسها البطلة، وأنا أرجع هذا إلي الكبت الذي تعاني منه المرأة عندنا، وأذكر مثلا سيدة حدث لها هذا عندما قرأت قصة "أين عمري"، انطلقت في القصة وأخذت تتصرف كبطلتها تماما حتي أوشك زوجها أن يطلقها.

ويستطرد إحسان عبد القدوس، ولعل من سوء حظي أن أرزق أيضا ببعض "المجنونات" فعلا، فهناك سيدة كلما كتبت قصة تخيلت نفسها بطلتها وراحت تشكوني لكل من يقابلها، هذه السيدة يعرفها "التابعي" و"فكري أباظة" وغيرهما من كبار الكتاب، فقد ذهبت إليهم تشكوني وتتهمهم بما هم منه أبرياء، فإذا هاجم أحدهم شخصية سياسية مثلا تصورت أن اسم تلك الشخصية ليس إلا ستارا وأنها هي المقصودة بالهجوم، وكل هذا بتحريض مني، والمصيبة أنها تتدعي أني أفعل هذا لأني أحببتها ولاحقتها كثيرا، دون جدوي. ولكن لا أحد يصدقها لسبب بسيط وهي أنها في عمر جدتي تقريبا.