رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حديث وزيرة الثقافة وتساؤلات الغزالى حرب

أثار اللقاء الذى أجريناه مع الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، ونشر في الأيام الماضية بجريدة "الدستور" تحت عنوان "لجنة لمتابعة تنفيذ توصيات الحوار الوطني.. وتعديل قوانين العمل الثقافي أولوية"، جدلًا واسعًا بين النخبة الثقافية المصرية؛ لما فيه من تساؤلات وجهناها لوزيرة الثقافة، ولما قدمته من إجابات خاصة فيما يتعلق بأزمة تمويل الوزارة التي تعاني منها منذ عقود، وقضايا ثقافية ملحة أخرى مثل رقمنة صناعة النشر.

ومن أبرز ردود الأفعال على هذا اللقاء مقال كتبه الكاتب الكبير محمد سلماوي بجريدة "الأهرام"، نشر بعنوان "سياسة وزيرة الثقافة"، ومقال آخر نشره الدكتور أسامة الغزالي حرب، بنفس الجريدة، نشر بعنوان "كلمات حرة يا وزيرة الثقافة"، والذى طرح فيه الأخير على وزيرة الثقافة العديد من التساؤلات والمقترحات لحل أزمة التمويل التي كشفت عنها في حديثها، والذي أشارت فيه إلى أن أزمة "التمويل التى تعانى منها الوزارة منذ عهود، والتى تعد إحدى أكبر العقبات التى طالما كبلت المشروعات الثقافية المتوقعة من الوزارة، مثل إعادة تأهيل قصور الثقافة المنتشرة فى جميع المحافظات، وأنها اتجهت إلى إبرام بروتوكولات تعاون مع وزارات وهيئات أخرى تسمح بمشاركتها فى تمويل وتجهيز المنشآت الثقافية المعطلة مثل المتحدة للخدمات الإعلامية".

وهنا أود أن أشير إلى أن وزيرة الثقافة عندما تحدثت معنا عن اتخاذ الوزارة خطوات فعلية في مسألة تعديل لوائح الهيئة العامة لقصور الثقافة لكي تكون بالمرونة التي تسمح بدخول القطاع الخاص والمجتمع المدني في تمويل المشروعات الثقافية، مع عدم الإخلال بما نص عليه الدستور (المادة 48): "إن الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي أو غير ذلك. وتولي اهتمامًا خاصًا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجًا"، وهو يرد على تساؤلات الدكتور أسامة الغزالي حرب للوزيرة في مقاله حول: أين القطاع الخاص؟ وأين المجتمع المدنى؟ وأين أغنياء وأعيان وسراة مصر فى الدلتا والصعيد؟، فمعنى أن وزارة الثقافة بدأت في إجراء تعديلات على لوائح قصور الثقافة أنها في طريقها للبحث عن حلول لأزمة التمويل من خلال إشراك القطاع الخاص ورجال الأعمال والمجتمع المدني في دعم الخدمة الثقافية.

ثانيًا، أعلم أن وزيرة الثقافة التقت عددًا من رجال الأعمال في الفترات الماضية، وما كان منهم سوى البحث عن الربح في المقام الأول، وتقليلهم العمالة في القطاعات التي اختاروها وجهة استثمارهم الثقافي بوزارة الثقافة.. فرجال أعمال اليوم يا دكتور أسامة غير رجال أعمال أمس، ومؤكد أنك تعلم ذلك، فالبحث عن الربح وجهتهم دون سواها، إلا من رحم ربي.

ثانيًا، وأزيد الدكتور أسامة الغزالي حرب بيتًا من الشعر، أن هناك مصادر أخرى ومتعددة لتمويل النشاط الثقافي الرسمي غير إشراك رجال الأعمال، تتبعها وزارات ومؤسسات الثقافة حول العالم منذ عقد من الزمن، تبرز في رقمنة الخدمة الثقافية وتدعم الصناعات الثقافية والإبداعية، وهو اتجاه يقوده رواد الأعمال من المبرمجين والمتخصصين في علوم البيانات والتسويق الرقمي. ومع اتجاه مؤسسات الدولة المصرية للرقمنة أتصور أننا في طريقنا لاتباع هذا المسار الذى سيوفر المزيد من الموارد لوزارة الثقافة في حال الاتجاه إليه وبقوة ومع تعديل لوائح قصور الثقافة وقطاعات الوزارة.

وهنا أود أن أشير إلى أنه على سبيل المثل تربح تطبيقات الكتب الصوتية حول العالم ملايين الدولارات، وأنه في حال اتجاه الوزارة لإطلاق تطبيقها الرقمي لإصدارات هيئة الكتاب وقصور الثقافة والمركز القومي للترجمة، وهو مقترح واحد من بين جملة مقترحات، سيسهم في توفير الموارد المالية للوزارة، وبالتبعية حل جزء من أزمة تمويل الوزارة التي هي، بحسب وزيرة الثقافة السابقة في حديثها للبرلمان عام 2021، تبلغ 3.541 مليار جنيه، 19% منها تذهب للنشاط الثقافي والباقي للأجور، وهي ميزانية تراجعت بفعل فرق السعر الذى حدث للعملة منذ عام 2021 إلى الآن.