رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقلاء فى تل أبيب!

هناك، طبعًا، عقلاء فى دولة الاحتلال، أو عقلاء نسبيًا، من بينهم، مثلًا، يائير لابيد، رئيس الوزراء السابق، زعيم المعارضة الحالى، الذى أكد، أمس الأول، الأربعاء، أن تعامل حكومة بنيامين نتنياهو مع مصر «ليس مهنيًا»، وكرر إعلان موقفه الداعى إلى «إعادة المختطفين» الإسرائيليين إلى ديارهم، عبر اتفاق هدنة، بدلًا من شن عملية عسكرية برية فى رفح الفلسطينية، لافتًا إلى أن دخول الجيش الإسرائيلى إلى خان يونس وجباليا ومدينة غزة لم يحقق أى نتيجة ملحوظة.

كنا قد أشرنا، أمس، إلى أن الصفات السيئة أو السلبية العديدة التى التصقت بالإسرائيليين، أضيفت إليها «خفة العقل»، أو الغباء المستحكم، بتوالى تصريحات وزرائهم العبثية، أو الجنونية، التى كان أحدثها محاولة وزير خارجيتهم استعماء العالم، وتحميلنا مسئولية إعاقة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. والطريف، هو أن يسرائيل كاتس، وزير خارجية دولة الاحتلال، لم يكن بين «الحمقى الخمسة»، الذين قال الجنرال الإسرائيلى المتقاعد إسحاق بريك، فى حوار نشرته جريدة «معاريف» العبرية، إنهم يقودون تلك الدولة إلى كارثة لم تشهد مثلها من قبل، موضحًا أنهم يقرّبونها من حرب إقليمية شاملة، دون أن يجهزوا الجيش أو الجبهة الداخلية، لتلك الحرب، التى ستكون أفظع الحروب الإسرائيلية.

الحمقى الخمسة، فى رأى «بريك»، الذى قاد سلاح المدرعات بين عامى ٢٠٠٩ و٢٠١٨، هم بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت وهيرتسى هاليفى، وبينى جانتس وجادى آيزنكوت. ويمكنك أن تضيف هذا الجنرال الإسرائيلى المتقاعد إلى عقلاء تل أبيب، ليس فقط لأنه قال إن دخول قوات إسرائيلية إلى رفح الفلسطينية سيكون المسمار الأخير فى نعش قدرتهم على إسقاط حماس، لكن أيضًا لتحذيره الإسرائيليين من أن المصريين سيدفنونهم، لو قامت الحرب بين الجانبين، لافتًا إلى أن مصر لديها اليوم أقوى جيش فى المنطقة، وأن الصدام معها سيكون دراما سوداء لا حل لها. وقال إن خوف الجنود الإسرائيليين من خوض المعارك البرية يُحرمهم من تحقيق أى إنجاز على الأرض، مؤكدًا أن من يخشى الموت لا يحقق الانتصار.

المعنى نفسه تقريبًا، أكده تقرير أعده إيلى ديكال، المقدم المتقاعد بالجيش الإسرائيلى، الذى حذّر من تعاظم القوة العسكرية الكبيرة للجيش المصرى فى سيناء. وأكد أن «افتقار الجيش الإسرائيلى إلى الاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة مع مصر يرقى إلى مستوى الإهمال الإجرامى»، وبعد أن انتقد القيادات السياسية والأمنية الإسرائيلية، لأنها تتعامل مع مصر على أنها دولة صديقة وليست عدوًا، أعرب عن مخاوفه من تكرار حرب السادس من أكتوبر، والفشل المخابراتى الإسرائيلى فى توقع الهجوم المصرى المباغت.

أيضًا، حذّر المحلل السياسى الإسرائيلى، شاى هار تسيفى، حكومة نتنياهو من «استفزاز مصر»، وطالبها بتجنب أى تحركات يمكن أن تؤدى إلى توتر العلاقات بين البلدين. كما ذكرت جريدة «هآرتس» أن مسئولين إسرائيليين كبارًا حذروا من عواقب توقف مصر عن التوسط فى مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى والمحتجزين. وأعرب هؤلاء المسئولون، الذين لم تسمهم الجريدة العبرية، عن مخاوفهم من تفاقم الأزمة بين مصر وإسرائيل فى ظل استمرار القتال فى غزة، وبالتحديد فى مدينة رفح الحدودية. وخلال حديثه مع إذاعة 103FM الإسرائيلية، قال حاييم كورين، السفير الإسرائيلى السابق لدى القاهرة، إن تهديدات المصريين بقطع العلاقات مع إسرائيل يجب أن تؤخذ على محمل الجد.

.. وتبقى الإشارة إلى القادة العرب، الذين عقدوا قمتهم العادية الثالثة والثلاثين، أمس، الخميس، فى العاصمة البحرينية المنامة، نددوا بالعدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، وأعربوا عن القلق الشديد من التصعيد العسكرى الأخير فى المنطقة وخطورة انعكاساته على الأمن والاستقرار الاقليمى، ودعوا كل الأطراف إلى ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحرب وزيادة حدة التوتر. كما طالبوا مجلس الأمن بتحمل مسئوليته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين والعمل على تنفيذ قراراته المتعلقة بالوقف الدائم لإطلاق النار فى غزة، والحيلولة دون تفاقم الأزمة وتوسع رقعة الحرب فى منطقة الشرق الأوسط.