رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشراكة بين الإمارات ومصر.. من منظور الاقتصاد

ما زالت وسائل الإعلام العالمية بمختلف منصاتها مهتمّة بالتوجه الاستثماري الإماراتي في مصر، من خلال عدة تقارير وآراء تبحث تداعيات وآثار التعاون الاقتصادي في البلدين وتتعمّق في غاياته وأسبابه، والذي بلغ ذروته مع الصفقة الأكبر في مشروع “رأس الحكمة”.

إن الحديث عن الأثر الاقتصادي لهذه الاستثمارات، يتوازى جنبًا إلى جنب مع الجانب السياسي، حيث يرتبط البلدان بشراكة استراتيجية راسخة، واجهت الظروف، وهزمت التحديات، ووقفت صلبة أمام المكائد والفتن، ولم تكن تلك الأزمات التي مرت بها المنطقة حينًا بعد حين، إلا عاملًا معززًا لتقوية هذه الروابط، وعنصرًا مؤثرًا لصد المخططات التي لم ترد الخير لمصر والإمارات.

ومع التحديات التي واجهها العالم خلال الفترة القريبة الماضية، والمستجدات الجيوسياسية التي نالت من أهم اقتصادات العالم، وفي ظل التداعيات التي نشهدها مع رفع أسعار الفائدة، وبحالة الركود وعدم اليقين الاقتصادي التي سيطرت على أهم القطاعات، تواجه مصر كمثيلاتها من دول العالم، مجموعة من التحديات الاقتصادية الجوهرية.

إن التحديات الاقتصادية جزء أصيل من مكوّن التحديات التي تواجه تركيبات الدول، حيث واجهت الدول الآسيوية عام 1997 أزمة جوهرية، حيث أثارت تدفقات رءوس الأموال المضاربة من البلدان المتقدمة إلى اقتصادات شرق آسيا، حالة من التفاؤل المؤدي للإفراط في الائتمان، مما أدى لتوجه بعض الحكومات إلى التخلي عن سعر صرف عملتها الثابت مقابل الدولار الأمريكي بسبب قلة مصادر العملات الأجنبية، وهو الأمر الذي كانت له تداعيات اقتصادية تم تجاوزها بعد اتخاذ سياسات مالية ناجحة لمكافحة الأزمة وبعد دخول صندوق النقد الدولي طرفًا في المعادلة.

ويحفل التاريخ بالعديد من المحطات الاقتصادية البارزة، بداية بأزمة الائتمان في 1772 في المملكة المتحدة، وحالة الكساد الكبير التي انطلقت بانهيار أسواق الأسهم الأمريكية، مرورًا بالأزمة الاقتصادية الشهيرة عام 2007، وآخرها ما شهده العالم من ظروف اقتصادية خلال جائحة كوفيد 19، هذه التحديات التي تعكس بأن الظروف الاقتصادية متغيّرة ومتقلّبة، بما يتطلب اتخاذ سياسات مرنة وضمان إجراءات لإدارة المخاطر المتوقعة.

إن هذه الحقائق الثابتة حول متغيرات الاقتصاد العالمي، ومنها التحديات التي واجهت الاقتصاد المصري، لم تؤثر على الموقف الاقتصادي الإماراتي في مصر، حيث تأتي الاستثمارات الإماراتية لتشكل استثمارًا في المستقبل قبل الحاضر، ولتؤكد جاذبية مصر الاستثمارية الباقية، والتي تدلل عليها الإحصاءات، حيث تعد الإمارات أكبر مستثمر في السوق المصرية، وهو الأمر الذي يؤكد شراكة البلدين الثابتة والراسخة.

هذه الشراكة التي تمضي قدمًا، مع دعم القيادة السياسية للبلدين، حيث يأتي الدعم ليشكل ركيزة رئيسة يُبنى عليها للمزيد من المشاريع المشتركة والتي سيكون لها بالغ الأثر على تعظيم العوائد الاقتصادية للبلدين الشقيقين.

نبذة عن الكاتب:

  • يشغل حاليًا منصب رئيس القسم الاقتصادي بوكالة أنباء الإمارات ”وام“.
  • كتب المقالات في عدة صحف من بينها صحيفة ”الاتحاد“ و”الرؤية“ الإماراتية.
  • له عدة إصدارات ومؤلفات معنية بالشأن الاجتماعي.