رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

« نجوم لكن بخلاء».. قصة الثروة والبخل فى حياة طه حسين وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب

أم كلثوم ومحمد عبد
أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب

فى كتابه "البخلاء" كشف لنا "الجاحظ" عن صور البُخل في الذين قابلهم وتعرف عليهم في بيئته الخاصة خصوصًا في بلدة مرو عاصمة خراسان، وقد صور الجاحظ البخلاء تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً، حيث وثق فى كتابه حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم وأطلع القراء على مختلف أحاديثهم، وكشف عن نفسياتهم وأحوالهم جميعاً.

 

ورغم ان كتاب "الجاحظ" قُدم الى العالم سنة 1900 بعد ان درسه المستشرق فن فلوتن؛ إلا أن الدكتور والأديب والشاعر زكي مبارك (5 أغسطس 1892 - 23 يناير 1952) قدم لنا مواقف طريفة فى حياة كل من عميد الادب العربى الدكتور طه حسين، وكوكب الشرق أم كلثوم، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب يمكن أن نصفها بـ"نوادر البخلاء"، وذلك مقالة نشرتها له مجلة "الدوحة" تحت عنوان "4500 ثانية فى صحبة أم كلثوم" بتاريخ 1 يناير 1984؛ وهى مقالة قدمت لنا وجوهاً أخرى لهؤلاء خاصة فى قصة علاقتهم بالمال؛ فلنستعرضها معاً.

طه حسين والعقاد.. هل ظلمت شهرتهما كاتبا مثل زكى مبارك؟ - اليوم السابع

أم كلثوم التى جعلت القصبجى يصوم فى موعد على العشاء

يقول زكي مبارك : "دعتنى أم كلثوم مرة لتناول العشاء فى أحد مطاعم القاهرة فاجبت الدعوة، ولكنى رأيت أن أدفع عن نفسى، فاستظرفتنى جداً وصرحت بأنى لم أقل غير الحق حين قلت" إنى أعظم من الجاحظ ولو غضب الدكتور طه حسين"؛ وقتها لم أنسى أبداً موقف القصبجي الملحن وقد زعم انه صائم مع أن العشاء كان فى جوف الليل ولم تكن فى رمضان ولا شعبان، ولكنه كان يعرف ان"حمامة الشرق"لا يسرها أن يكون القصبجي رجلاً له أمعاء تظما وتجوع كسائر الناس، وكيف يكون فناناً وهو يحس الجوع والظما؟!". 

حدث_بالفعل: "حب" أم "وهم"؟! ... محمد القصبجي "عاشق" أم كلثوم التي لم تحب  سوى نفسها | رأي | في الفن

لم يأكل فى منزل طه حسين سوى مرة خلال 10 سنوات

أشهد ان البخل حق ، وإنه خصائص أهل العبقرية؛ وإلا فكيف صحبت الدكتور طه حسين عشر سنين لم أتناول الغداء فى داره غير مرة واحدة لظروف قهرية قضت بأن نمضى النهار كله فى درس شواهد الشعر المنحول سنة 1926، هذا ما قاله زكي مبارك عن كوكب عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين.

الغريب فى علاقة زكى مبارك بالدكتور طه حسين هو أن الأخير تسبب في خروجه من الجامعة إلى الشارع بلا وظيفة وبلا مرتب، بالرغم من حصول "مبارك" علي الدكتوراة ثلاث مرات وتأليفه أكثر من أربعين كتابا، وقد أتيح له أن يعمل في الجامعة المصرية، وعمل في الجامعة الأمريكية وعين مفتشاً للمدارس الأجنبية في مصر ولكنه لم يستقر في هذه الوظيفة واخرج منها بعد أن جاء النقراشي وزيرا للمعارف والدكتور السنهوري وكيلا للوزارة.

الكاتب هانى أبو الخير كشف عن أطراف القصة فى كتابه “مشاهير القرن العشرين” عندما كشف أن الخلاف بين العميد ومبارك تعود إلى عام 1919؛ قائلاً :«يقول ما كاد طه حسين ينتهي من محاضرته عن إحياء التراث اليوناني حتى قام الطالب زكي مبارك ليرد عليه بخطاب رائع هاجمه فيه وأثار إعجاب الطلاب لكن طه حسين لم ينس فأسقطه في امتحان الليسانس أكثر من مرة».
وبحسب الكاتب فأن المعركة بين طه حسين وزكي مبارك استمرت 9 سنوات كاملة رغم ما بلغه الأثنين من قيمة كبيرة لكنها في الأساس كانت أكثر عنفًا من جانب عميد الأدب العربي؛ وهو ما يتناقض وما ذكره"مبارك" فى مقاله عندما أشار إلى أن المرة الوحيدة التى أكل فيها فى منزل العميد كانت سنة 1926 عندما مضى النهار كله فى درس شواهد الشعر المنحول وهو ما يخالف رواية الكاتب هانى أبو الخير أن الخلاف استمر 9 سنوات بينهما.

القاهرة 24 | طه حسين صفحة 2

محمد عبد الوهاب سافر فى سيارة لمدة 3 أيام بسبب دينارين

أما موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب؛ قال إنه أبخل من الجارم بمراحل طوال، وانه لا يدرك ان الدينار قد ينقسم إلى دراهم،وان الدرهم قد ينقسم إلى فلوس، إنما الدينار دينار ، وإذا أنقسم فهو هباء، مسوقاً واقعة فى حديثه لمحمد عبد الوهاب تثبت مدى حرصه على إقتناء الأموال، قائلاً:"نشر الموسيقار محمد عبد الوهاب كلمات فى مجلة الاثنين عن ذكرياته فى زيارة العراق . وقد قرأت تلك الذكريات وأنا فى بغداد فحزنت لأنى عرفت منها أن الاستاذ الصراف خدعه فزين له الذهاب من دمشق إلى بغداد فى سيارة عربية لا إنجليزية ، وكانت النتيجة أن يقضى ثلاثة أيام بلياليها فى الطريق بين دمشق وبغداد، فصممت على تأنيب الأستاذ الصراف حين أراه، ثم عظمت الدهشة وعظم الإستغراب حين عرفت من الأستاذ الصراف أن الموسيقار محمد عبد الوهاب هو الذى اختار تلك السيارة لأن أجرتها أرخص بمبلغ لا يقل عن بحال من الاحوال عن دينارين".

غنى يوم وفاة والده| أصعب موقف في حياة محمد عبدالوهاب | الوفد