رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقوق مكفولة فهل من مزيد «1»


لقد شهدت المنظمة الدولية غير الحكومية «هيومان رايتس ووتش» بأن مسودة مشروع الدستور المصرى تكفل الكثير من الحقوق الأساسية المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما نصت المسودة على الحق فى عدم الاحتجاز التعسفى والحق

فى السلامة البدنية وحرية إنشاء الأحزاب السياسية وحرية التنقل وحرية التجمع وتكوين الجمعيات وحقوق المواطنة والعمل والصحة والتعليم وضمان استقلال القضاء، وقد شاهدنا بأعيننا كيف عاد النائب العام إلى منصبه احتراماً لمبدأ الفصل بين السلطات، ولا حصانة لأى قرار إدارى مهما بلغت مكانة الجهة التى تصدره من رقابة القضاء عليه.

كما أكدت مسودة الدستور أنه لا يجوز محاكمة مدنى أمام قضاء عسكرى، كما يضمن الدستور عدم سقوط المحاسبة على التعدى على الحقوق والحريات التى يحميها الدستور بالتقادم مهما بلغت مدته طالما كان الحائل دون ذلك قائماً، كما يلزم الدستور الدولة بتعويض عادل لمن انتهكت حريته، إلا أن المؤسسة الحقوقية الأهلية الأمريكية أبدت بعض الملاحظات، بل فى الحقيقة تناولت بعض الملاحظات التى بدت منا كأعضاء فى الجمعية التأسيسية، ومن هذه الملاحظات على سبيل المثال التى تتحاور حولها ما ورد بالمادة الثامنة والمتعلقة بحرية الاعتقاد، فهى - صحيح - مطلقة وتمارس الشعائر بما لا يخالف النظام العام، وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية على النحو الذى ينظمه القانون.

وقد أبدينا ملاحظاتنا حول حصر الحريات فى اتباع ديانات بعينها فى الوقت الذى نتطلع فيه إلى انفتاح مصر على العالم، وسقنا أمثلة: فماذا لو جاء إلى مصر من بلاد العالم من يقيم مشروعات ومصانع من اليابان والصين والهند وبالطبع سوف يأتى عدد من أصحاب الأعمال والخبراء بلادنا وهم لا يدينون بما ندين، فأكثر من نصف سكان العالم لا يدينون بما ندين، فهل سنغلق الأبواب عليهم حتى لا يمارسوا عباداتهم طالما لا يعتدون على حرياتنا؟

إننا فى حاجة إلى أن نفكر بحرية وأكثر اتساعاً، فالحرية أولى خطوات الانفتاح على العالم، ولنأخذ مثالاً من الصين، فهى تمثل نحو ربع سكان العالم، وغالبيتهم لا يدينون بما ندين، ولكن يوجد بها أقليات مسلمة وأقليات مسيحية، ولا أظن أن حرية الأقليات مقيدة، فكيف نطالب العالم بألا يغلق الأبواب على حريتنا، بل ومن حقنا أن نجاهد بدياناتنا فقط، ولكن لندعو الآخرين إليها، وفى ذات الوقت نغلق نحن الأبواب والنوافذ على من يعيش معنا أو يأتى إلينا.. إن القول الحق الذى نادى به السيد المسيح هو «كما تريدون من الناس أن يفعلوا لكم افعلوا أنتم هكذا بهم» أى علينا أن نبدأ بأنفسنا فى المعاملة الحسنة للآخرين حتى نلقى ذات المعاملة منهم، إن ثقتنا بأنفسنا وبما نعتقده تجعلنا لا نخشى ولا نخاف من أن نعرضه فى النور والهواء والشمس مؤمنين بما نعتقد وننادى به فى العلانية.

أما النص على صيانة الذات الإلهية وكذا الرموز الدينية، فلا أعتقد أن دستوراً من دساتير العالم يتضمن مثل هذه المواد، ولنا على إدراجها فى الدستور ملاحظات أبديناها ونعيد التأكيد عليها ومنها:

1ـ من نحن الخلائق الضعيفة أن نحمى الذات الإلهية فى الوقت الذى ندعو فيه طالبين من الذات الإلهية حمايته ورعايته وعنايته وتوفيقه، وكأن الذات الإلهية تحتاج من مخلوقاته الحماية، إننا نسبح الله ونعبده ونطلب منه العون مع كل نبضة من نبضات قلوبنا، فالله - سبحانه وتعالى - ضامن أنبياءه ورسله المكرمين، وما علينا إلا الشكر والحمد والتسبيح.

2ـ أما الخوف الذى يجب مواجهته من النص المقترح فهو فتح أبواب جهنم للادعاء الباطل والتأويل والتفسير وتفتيش الضمير حتى يصبح لكل عابر أن يدعى على جاره أنه أساء التعبير ضد الخالق أو رسله ولتتفرغ المحاكم ودور الشرطة وما حولها لمثل هذه الادعاءات التى لن تتوقف وإثباتها ليس إلا من شاهدين، ما أسهل الحصول عليهما بطرق متعددة الكلة يعرفها.. تلك هى بعض الملاحظات وسوف نذكر المزيد منها فى مقال تال