رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللواء سيد الجابرى: الحرب على غزة مخطط لها مسبقًا وكانت ستقع بعملية 7 أكتوبر أو بدونها

اللواء سيد الجابرى
اللواء سيد الجابرى

- قال إن إسرائيل فشلت فى تحقيق أهدافها.. وخسرت 25% من معداتها التى دخلت القطاع

- مخطط تهجير الشعب الفلسطينى قديم والفلسطينيون يثبتون اليوم كذب مقولة أنهم باعوا الأرض

- محاولات التشكيك فى الدور المصرى هراء وجزء من الحرب النفسية ولن يؤثر على إدارتنا الأزمة

- مصر الأكثر تأهيلًا لقيادة الشرق الأوسط لذا يسعى الجميع لإضعافها من جميع الاتجاهات

- الجيش المصرى صخرة تتكسر عليها موجات الأعداء وأفشل أكبر مشروع استعمارى لتفتيت الدول العربية

قال الخبير الاستراتيجى اللواء سيد الجابرى، رئيس حزب المصرى، إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كانت ستقع، سواءً بعملية ٧ أكتوبر أو بدونها، لأنها جزء من مخطط المجمع الصناعى العسكرى العالمى للسيطرة على العالم وتدشين النظام العالمى الجديد، مؤكدًا أن البربرية الإسرائيلية فشلت فى تحقيق أهدافها وصنعت حالة من الوعى لدى الأجيال الشابة فى مصر والعالم بحقيقة ما يحدث، وزادت من التعاطف مع الشعب الفلسطينى، الذى يتمسك بأرضه، ويضحى من أجل تحريرها. وأكد «الجابرى»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن مصر ظلت دائمًا الشريك الأساسى والدائم والمستمر للقضية الفلسطينية، والصخرة التى تتحطم عليها جيوش الأعداء، رغم سعى كثير من القوى لإضعافها؛ لكونها الدولة الأكثر تأهيلًا لقيادة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن محاولات التشكيك فى الدور المصرى، من الداخل أو الخارج، جزء من الحرب النفسية، التى يشنها العدو، ومؤكدًا أنها لن تؤثر فى القيادة المصرية وطريقة إدارتها الأزمة. 

■ بداية.. شاركت فى حرب أكتوبر فما المعنى الحقيقى لكلمة الحرب؟

- الحرب مقدمة لمفاوضات السلام بين كل الدول وبعضها بعضًا، وهى ضرورة حتمية فى حالة هزيمة طرف نتيجة مؤامرة أو تضافر بعض الجهود عليه، فيحاول استعادة توازنه عن طريقها، لكن كل الحروب على مر التاريخ تنتهى باتفاقيات وسلام ومفاوضات من الناحية العلمية.

■ ماذا عن الحرب بالمعنى الإنسانى؟

- الحرب بالمعنى الإنسانى شىء مكروه، لأن فيها يتم تدمير الأسر، وهى تخلف العديد من المآسى على المستوى الإنسانى، لكن عندما تكون الحرب عن عقيدة، مثل الدفاع عن الوطن، فتكون العقيدة القتالية عند المدافع أنه سينتصر فى الحالتين، الانتصار بالشهادة أو الحصول على الأرض.

ولذلك، فإن الجيش المصرى لم يحارب أبدًا إلا من خلال عقيدة قتالية ودون اعتداء طوال الوقت، والجيش المصرى دائمًا هو الصخرة التى تتكسر عليها موجات الأعداء، ولولا الجيش المصرى أيام التتار والمغول لكانت تلك الحضارة قد ذهبت إلى مكان آخر، وكذلك الوضع أيام الصليبيين.

والجيش المصرى فى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو أفشل أكبر مشروع استعمارى فى العصر الحديث، وهو مشروع الشرق الأوسط الكبير أو مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذى كان الهدف منه تفتيت المنطقة العربية وكسر الإرادة العربية بصفة محددة عن طريق تحويلها إلى دويلات.

والشعب المصرى شعب عظيم، سواء كان فى القوات المسلحة أو بين المدنيين، فالشعب المصرى فى أوقات الشدة يكون رائعًا ومخرجاته لا يتوقعها إلا المصرى الحق، ولذلك دائمًا لدىّ سؤال وهو: هل يستطيع العالم العيش دون مصر؟، وأرى أن هذا استحالة.

■ ما المختلف فى أنواع الحروب الآن عن حرب ١٩٧٣؟

- الحروب قديمًا كانت دائمًا دول ضد دول، لكن أصبح ذلك صعبًا بسبب وجود الأسلحة النووية، فأصبحت الحروب بين الدول وبعضها تقل، وكانت هناك أيضًا الحرب الأهلية، التى بدأت أيضًا تقل بشكل كبير، وبدأ ينشأ النوع الثالث من الحروب، وهو الحروب على الإرهاب، على أساس أن الإرهاب ليس له وطن.

وقد كانت هناك أنواع من الحروب، مثل الحرب العالمية الأولى والثانية والثالثة، وفقًا لأنواع الحروب، ففى الأولى كانت الدبابة والمدفع والطائرة، والثانية التى انتصرت فيها أمريكا وروسيا، والثالثة هى الحرب الباردة، التى انتهت سنة ١٩٩١ بتفكك الاتحاد السوفيتى.

أما الحرب من النوع الرابع، فتكون من دولة ضد جماعة أو حركة، وهذا هو النوع الرابع من الحروب، ونطلق عليه «الحرب اللا متماثلة»، وتكون بين جيش نظامى وحركة، وهذا ما يحدث فى غزة الآن، وحدث أيضًا قبل ذلك فى أفغانستان بين أمريكا وطالبان، والعراق أيضًا، ويحدث الآن بين إسرائيل وحركة «حماس» و«حزب الله».

والميزة الرئيسية فى الحروب اللا متماثلة هى أن قوة صغيرة مقاومة ترهق قوة كبيرة جدًا، ويتوقف هذا على مدى إطالة أمد الحرب، فكلما طال أمد الحرب تنتصر القوة الصغيرة.

■ ما الأسباب الرئيسية التى تؤدى إلى الحروب التى نراها حاليًا؟

- الحروب الحالية أساسها المجمع الصناعى العسكرى العالمى، وتجهيز أنواع جديدة من السلاح، وطبعًا السبب رقم واحد هو الطاقة، بمعنى آخر: ابحث عن الطاقة والمجمع الصناعى العسكرى العالمى، تعرف سبب الحروب التى نعيشها حاليًا.

فهذا المجمع يصنع الأزمات لكى تبدأ الحروب؛ لأنه عبارة عن تجمع مصالح ورءوس أموال ضخمة جدًا ومستثمرين كبار.

والحرب على غزة مخطط لها مسبقًا، العدو المعلن لأمريكا فى القرن العشرين كان الشيوعية، وعندما كان يجهز عليها كان يحضر للعدو الجديد، وهو «العدو الأخضر»، أى الإسلام.

وقد قالوا وقتها فكرة خبيثة جدًا فى الحروب اللا متماثلة، وأسسوا فى البنتاجون هيئة التخطيط الاستراتيجى، وهى التى وصفت الحرب اللا متماثلة ونشأتها وأدواتها وكيف يتم تنفيذها، وقالوا: إذا كانت أمريكا هى التى انتصرت فى الحرب العالمية الثانية وانتصرت فى الحرب الباردة، فإنها قادرة على أن تنتصر فى الحرب ضد الإرهاب.

والهدف كان أن الرأى الأمريكى هو الذى يسود، فهم يريدون أن تكون أمريكا هى القوة الأعظم الأولى والأخيرة فى التاريخ، لكن مجريات الأمور اختلفت، فأصبحت هناك أقطاب جديدة فى النظام العالمى الجديد، وسيكون هناك اقتصاد جديد وسياسة جديدة وشكل جديد للحروب والمنظمات الدولية، وشكل جديد للدين والأموال.

وهذا النظام العالمى يتم تشكيله حاليًا على هذا الأساس، وما نراه من أزمات بين روسيا وأوكرانيا هو بسبب النظام العالمى الجديد، وأيضًا ما يحدث فى الشرق الأوسط هو من أجل النظام العالمى الجديد.

■ كيف أثر ذلك على الأوضاع فى الإقليم؟

- هناك ٥ دول فى منطقة الشرق الأوسط تتصارع من أجل قيادة المنطقة فى النظام العالمى الجديد، وهذه الدول هى: إيران، وتركيا، والسعودية، وإسرائيل، ومصر.

وأنا أرى أن البلد الوحيد المؤهل لقيادة هذه المنطقة فى النظام العالمى الجديد ومصر، ومصر أيضًا أكثر دولة معرضة للصراعات فى المنطقة، التى تحيط بها من جميع الاتجاهات، وعندما تجد ذلك تعرف أن مصر هى القوة الحقيقية الموجودة فى المنطقة، والكل يسعى إلى إرهاقها وإضعافها.

وبعد تأميم قناة السويس سنة ١٩٥٦، قالت رئيسة إدارة الشرق الأوسط فى الخارجية البريطانية، إليزابيث مونوريو، إنه يجب تنفيذ خطة جديدة بخصوص مصر، التى تتحكم فينا بالتحكم فى قناة السويس، لأنهم درسوا المستقبل وعرفوا أن النفط كله سيأتى من الخليج ويعبر من خلال قناة السويس.

وقالت إن الخطة تتضمن ٤ أشياء، أولها الحاجة لتفريغ قطاع غزة بالكامل من الفلسطينيين، وثانيًا الاستيلاء على تيران وصنافير، وثالثًا تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ورابعًا إنشاء قناة من إيلات لتكون بديلة لقناة السويس، وقد أرادوا أيضًا إنشاء قناة بن جوريون، وقدموا بحثًا لصندوق النقد الدولى وتم تمويلهم بـ١٢ مليون دولار، ثم فشلت الدراسات.

■ هل يعنى ذلك أن الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة كان معدًا لها من قبل؟

- مخطط تهجير الفلسطينيين قديم جدًا، كما قلت، والسياسة الدولية ليست معادلة بسيطة لكنها معقدة، وقد اكتشفوا على الشاطئ البحرى لغزة أكبر حقول غاز، لذا كانت إسرائيل تريد تفريغ قطاع غزة بالكامل، كما أن كل القطع البحرية التى ذهبت إلى باب المندب كان هدفها تأمين القناة الجديدة، وفى المقابل، فإن المقاومة الفلسطينية، بدءًا من «حماس» ثم جميع الفصائل، أصبحت كتلة واحدة تدافع عن وجودها.

وفى التاريخ قيل لنا إن الفلسطينيين هم من فرطوا فى الأرض وباعوها، واليوم يثبت الشعب الفلسطينى لنفسه أولًا وللعالم أجمع أن هذا الثبات أصبح مثالًا عالميًا للتمسك والتشبث بالأرض وعدم التفريط فيها بأى شكل.

وإذا لم تنفذ «حماس» عملية ٧ أكتوبر فإن إسرائيل كانت ستختلق سببًا وتشن حربًا على القطاع لتحقيق أهدافها، لذا فإن الخبراء الاستراتيجيين ينصحون القوى الصغيرة ببداية المعركة، أيًا كانت، لأن من يبدأ هو من يستطيع إدارة زمام الأمور.

ولذلك كان الرد الإسرائيلى بشعًا وبربريًا ولم يحدث فى التاريخ من قبل.

■ ما الانتصارات التى حققتها إسرائيل و«حماس» فى هذه الحرب؟

- إسرائيل كانت تريد تحقيق أهدافها، وصرفت مليارات الدولارات، وتم إسقاط أكثر من ٣٠ ألف طن متفجرات، ورغم ذلك لم تحقق أى شىء، فطالما الضعيف لم ينكسر فهو منتصر، وطالما القوى لم ينتصر ويحقق الأهداف الاستراتيجية للحرب فهو مُنهزم.

وهذه هى المشكلة، وهذا ما يزيد حالة التوحش لدى إسرائيل؛ لأنها لم تحقق أيًا من الأهداف الاستراتيجية المزعومة التى أعلنتها، فهى تريد تفريغ القطاع، وصرفت المليارات، وأعلنت أن هدفها القضاء على «حماس» والإفراج عن المحتجزين دون شروط، والتهجير، وحتى الآن لم تحقق أى شىء من هذه الأهداف، فهى لم تستطع القضاء على «حماس» ولم تحرر المحتجزين لمدة ٧ أشهر كاملة، رغم تزويدها بأكبر وأحدث التقنيات الموجودة فى العالم، من أمريكا وإنجلترا وألمانيا. كما أنها لم تستطع الوصول إلى الأنفاق، بعد أن جربت كل الاختراعات والقنابل الإسفنجية، ولايزال حجم الأنفاق التى سيطرت عليها إسرائيل لا يتعدى ١٠٪ أو ١٥٪ من حجم الأنفاق الحقيقى الموجود فى غزة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك أيضًا خسائر فى القوات البرية الإسرائيلية، و٢٥٪ من المعدات التى دخلت إلى غزة تم تدميرها، والدبابة الميركافا، التى كانت تتباهى بها إسرائيل، أيضًا فشلت، لأن القوى الصغيرة يمكن أن تخترع أشياءً مثل ضرب الدبابة من النقطة صفر، وهذا أفقد الميركافا قوتها، كما أن الـ٧ ألوية التى دخلت غزة والـ٣ فرق معظمها دخلت وانسحبت رغم أنها من النخبة.

■ كيف ترى تأثير ذلك على القضية الفلسطينية؟

- الدعم العالمى الشعبى للقضية الفلسطينية الذى حدث منذ عملية ٧ أكتوبر أكبر بكثير من دعم القضية على مدار الـ٧٥ سنة الماضية، فإسرائيل فقدت معظم الدعم والتعاطف الشعبى العالمى، وهناك حكومات أوروبية بدأت تغير نظرتها لها.

وحتى أمريكا نفسها، وبها «جيل z»، وهم جيل الشباب الذين سيحكمون العالم بعد ٢٠ عامًا، كلهم متعاطفون مع القضية الفلسطينية، وهو ما نراه يحدث حاليًا فى الجامعات الأمريكية، لأن الطرف الثانى فى حرب غزة هو شعب قُهر وطُرد من أرضه ومُحتل منذ ٧٥ عامًا، ولديه رغبة أكيدة فى التحرر، لأن كل القرارات التى صدرت لصالح القضية الفلسطينية لا يحترمها الطرف الآخر.

ولكن، لكى يتحرر الشعب فهو يحتاج إلى أن يدفع الثمن، وفى المنطقة العربية لدينا تجربة الجزائر، التى يمكن أن تقتدى بها شعوب أخرى، فقد دفعت الجزائر الثمن مليون شهيد، وأعتقد أن هذا هو الموجود والمترسخ اليوم فى الإنسان الفلسطينى، فرغم كل المآسى فإن لديه رغبة دفينة وقوية فى تحرير نفسه. وهذه المرة هناك فرصة تاريخية للشعب الفلسطينى لتحرير نفسه، والوصول إلى حل الدولتين، ولكى يصل إلى ذلك يجب أن يقدم الفاتورة بأرواح الشهداء والجرحى والأطفال، والدمار البربرى الذى نراه، والفاتورة غالية لكن يجب دفعها.

■ كيف ترى إدارة مصر الأزمة فى غزة؟

- مصر هى الشريك الأساسى والدائم والمستمر للقضية الفلسطينية، فهى دولة ذات سيادة، وتعرف مقدراتها تمامًا، ولا تتخلى عن التزاماتها القومية أو التزاماتها المحلية.

ومصر منذ اليوم الأول للحرب فى غزة تدرك جيدًا أنها الشريك الأساسى، وأنها تقف كتفًا بكتف مع القضية الفلسطينية، وهذا تجلى منذ مؤتمر القاهرة للسلام، وفيه قالت مصر: «لا تهجير للفلسطينيين»، وأن القضية الفلسطينية يجب أن تُحل بحل الدولتين.

والأمن القومى المصرى والعربى يحتم على الدولة المصرية أن تكون المفتاح الأساسى لحل الصراع، وقد رأينا دولًا تدخل وتنسحب، مثل قطر والإمارات، لكن الدولة الوحيدة التى تُكمل وتستمر هى مصر، بسبب التزام الدولة والشعب المصرى تجاه الفلسطينيين، فالشعب المصرى ودولته فى خندق واحد ضد الكيان الصهيونى فيما يخص تهجير الفلسطينيين أو محاولة توطينهم خارج بلادهم.

وما زالت مصر مستمرة فى تقديم كل أوجه الدعم الممكنة، الدبلوماسية واللوجستية والعسكرية، للشعب الفلسطينى، فهى الشريك رقم ١ للشعب الفلسطينى وقضيته، حتى يصل إلى مبتغى العالم الحر، الذى يريد دولتين، فى مواجهة حكومة إسرائيلية بربرية متطرفة، لأن ما يحدث فى غزة هو إبادة جماعية، ولأول مرة تصدر محكمة العدل الدولية، رغم الازدواجية الموجودة فى عرض الأمور، قرارًا يدين الإبادة الجماعية التى تحدث.

■ كيف ترى بعض حملات التشكيك والهجوم على مصر والانتقاص من دورها فى القضية الفلسطينية سواء من الداخل أو الخارج؟

- هراء، فالعدو يحاربك حربًا نفسية، ويخلط ذلك بالحرب العسكرية، وهم يرون أن مصر هى الوتد الواقف دائمًا بجانب القضية الفلسطينية، فمصر لا يهمها فلوس أو ترهيب أو ترغيب، وتقوم بدورها فى أى ظرف، ومحاولات التشكيك لن يكون لها أثر كبير على الأفعال التى تنفذها مصر، وإدارة الأزمة تتطلب عدم الالتفات لمثل هذه الأمور.

■ إلى متى ستستمر إسرائيل فى مسارها الحالى فى رأيك؟

- السمة الرئيسية للعدو الإسرائيلى هى الكذب، فإسرائيل تكذب طوال الوقت، وقد اتضح كذبها أمام محكمة العدل الدولية، وهى تمارس كذبها يوميًا فى المنصات الإعلامية، كما أن مؤرخيها أيضًا يتسمون بالكذب، وقد كانت هناك دولتان عنصريتان فى العالم؛ هما جنوب إفريقيا وإسرائيل، وقد انتهت جنوب إفريقيا والمتبقى هى إسرائيل، وسوف تنتهى أيضًا، وهذا هو التوقع العلمى الاستراتيجى.

وسيسل رودز أسس جنوب إفريقيا على الفكر الاستعمارى، الذى كان يقوم على عمل شركة ومن ثم تحويلها إلى دولة، مثل بريطانيا التى أسست شركة الهند الشرقية قبل أن تستعمر الهند بالكامل، فهو من أنشأ روديسيا وأنشأ منها دولة جنوب إفريقيا، وقد أرسل له تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية ليطلب منه أن يعلمه كيف ينشئ الشركة اليهودية.

والمتعصبون اليهود وشركاء هرتزل فى أمريكا استغلوا فكرة الدولة اليهودية، وهى فكرة صهيونية عنصرية استعمارية، واليوم جاءوا ليقلبوا العالم، بعد العولمة والحروب من النوع الرابع، ليجعلوا من أصحاب الشركات الكبرى والقوى المصرفية الكبرى سادة العالم، ليصبح الأسياد الجدد هم أصحاب المال من المجمع الصناعى العسكرى والمجموعات المصرفية الكبرى، وهذا هو المسرح الاستراتيجى الذى يتم العمل عليه الآن، فالاستعمار يعيد تشكيل العالم من أجل النظام العالمى الجديد، وهذا هو السبب فى ظهور شخصيات مثل إيلون ماسك وأمثاله.

■ فى عام 2014 أسست حزب «المصرى» بهدف الاهتمام بالإنسان المصرى كيف ترى التغير فى وعى الناس خاصة الشباب تجاه القضية الفلسطينية؟

- الشعب المصرى شعب عظيم، ويجب أن نحييه، والموضوع بدأ بمقاطعة الشركات الأجنبية التى تدعم الكيان الصهيونى، والمقاطعة وصلت للأطفال فى عمر الـ٩ سنوات والـ١٠ سنوات، الذين يسألون الآن عن المنتجات وهل تنتمى للشركات المقاطعة أم لا. أما عن جهود الشعب المصرى فى تقديم المساعدات لأهالى غزة فحدث ولا حرج، فلو أردت أن ترى عظمة المواطن المصرى البسيط، فانظر إلى السائق الذى يخرج بسيارته ويقول: «أنا بقالى ١٤ يوم قاعد عشان أدخل المساعدات لأهالينا فى فلسطين»، فهذا هو الشعب المصرى الذى يضحى بروحه وماله فى سبيل عقيدته، وبالتالى فإن الشعب المصرى بكل أطيافه اليوم هو فى خندق واحد مع الدولة ضد الهجمات البربرية التى يرتكبها الكيان الصهيونى.

ومن بين الأهداف الرئيسية فى الحرب على غزة من قبل الكيان الصهيونى كان تغييب الوعى الفلسطينى والعربى، لكن المصريين فاجأوا العالم بزيادة الوعى بالقضية الفلسطينية.

ووصول الوعى إلى السن الصغيرة والشباب أمر يجب أن نطمئن به على بلادنا، لأنهم هم الأجيال القادمة، وفرصتهم أفضل من فرصتنا بكثير، لأن مصر كانت تحارب فى ١٩٤٨ و١٩٥٦، و١٩٦٧، و١٩٧٣، وكان يوجد جزء من الرأى العام العالمى، والأوروبى بشكل خاص، تسيطر عليه إسرائيل، لكن اليوم على مستوى الشعب، فشبابنا المصرى يوجد مثلهم شباب فى أوروبا وفى الأمريكتين، ولديهم القدرة على التواصل مع بعضهم بشكل أكبر، وبالتالى سيكون هناك نوع من المشاركة الوجدانية فى وضع تصور جديد لمستقبل العالم، مع النظام العالمى الجديد. 

ومصر دائمًا هى صوت السلام العادل، وهناك ثوابت مصرية فى غاية الوضوح لدى شبابنا وأولادنا ونسائنا، ولدى قيادتنا، وكل أولادنا فى القوات المسلحة والأجهزة الحكومية والأحزاب السياسية لديهم نفس القناعة، بأن القضية الفلسطينية هى قضية مصرية، وساعة الجد ستجد أن الإنسان المصرى العظيم يظهر.