رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلال فعاليات معرض أبو ظبي للكتاب

معرض أبوظبى للكتاب.. عبدالوهاب الحمادى: نجيب محفوظ بالنسبة لى كان بداية كل شىء (صور)

عبد الوهاب الحمادي
عبد الوهاب الحمادي خلال اللقاء

تحدث الروائي الكويتي عبد الوهاب الحمادي، عن أديب نوبل العالمي نجيب محفوظ، والذي اختير الشخصية المحورية لمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب، وذلك خلال اللقاء الذي عقد اليوم بالمعرض تحت عنوان “نجيب محفوظ: ويبقى الأثر”.

 

نجيب محفوظ بالنسبة لى كان البداية

 

وقال الحمادي: لا أدري هل هو من حسن حظي أم من سوئه، أنني كقارئ لم أتعرف على نجيب محفوظ في مرحلة مبكرة، قبلما أبدأ بالكتابة. بلى سبق لي أن قرأت أولاد حارتنا ثم انقطعت السبل. وحين بدأت بكتابة كتابي الأول "دروب أندلسية" ثم ثلاث روايات كنت قد بدأت رحلة اكتشاف نجيب محفوظ؛ رواية بعد أخرى كنت أغرق في رمال الدهشة. 

 

لن أبالغ ولا أدعي إنجازا معجزا عندما أقول إنني قرأت كل منجزه السردي الروائي. بل وأعدت قراءة روايات بعينها عدة مرات استمتاعا وتعلما وتمحيصا، بدأت كما يبدأ أغلب القراء بالاستمتاع بالحكاية والشخصيات والطرافة والمفارقة ثم بدأت بالاهتمام بالأدوات السردية التي يستخدمها ببراعة خبير وفي مرحلة لاحقة وهي الأهم بالنسبة لي كروائي مرحلة اكتشاف الرمز في أعماله، لحظتها عرفت أنني يجب أن أعيد القراءة وعرفت كيف تتحول حكاية عن خادمة جاءت تعمل في بونسيون تديره يونانية ويقيم فيه كبار في السن وشباب إلى رمز لمصر وما مرت وتمر به منذ الملكية إلى ما بعد الثورة في لحظة الإدراك تلك، عرفت ماعرفه غيري قبلي أن لهذا الرجل غورا عميقا وطبقات جيولوجية تحتاج من يطيل النظر والفكر وينقب فيها.

 

الحمادي خلال اللقاء متحدثا عن محفوظ

 

هكذا بدأت الرحلة مع نجيب محفوظ

 

وأوضح “الحمادي”: ولأنني من زوار مصر، شاغبني خاطر بأنني أريد أن أرى أين عاش نجيب محفوظ وأين عاشت شخصياته، فهذا الرجل لديه سيرتان متوازيتان؛ سيرته الشخصية وخط سيرها وسيرة شخصياته وخط سيرها والأماكن بالطبع مشتركة بينهما. لذلك دشنت في عام 2017 عبر مشروع باب للرحلات مع تسنيم المذكور رحلة أسميناها "قاهرة نجيب محفوظ" التي احتفي بها حتى قال كاتب مصري دمث: جاء الكويتي ليعلمنا كيف نسير على درب محفوظ؟.

 

 

من أين بدأت؟ كنت قد شاهدت فيلما وثائقيا صورته قناة أوروبية عن مسيرة نجيب محفوظ اليومية من بيته في العجوزة وصولا لمقهى علي بابا ثم متابعة المسير إلى صحيفة الأهرام لذلك بدأت في تقصي مكان الشقة الملاصقة لمستشفى الشرطة ومن هناك بدأنا المشي على خطاه.

 

عبرنا الأوبرا مسترشدين بتمثال سعد زغلول، محاذين كازينو قصر النيل حيث كان يعقد جلسة أسبوعية مع الناس وعبرنا الكوبري بين الأسدين الرابضين إلى ميدان التحرير كان مقهى علي بابا أوصد بابه إلى الأبد ولن ينجح ترديدنا لتعويذة افتح يا سمسم في فتح بابه وعودة الزمان لذلك أكملنا ناحية مقهى ريش، حيث كان مسرح اجتماعه بمريديه يوم الجمعة من كل أسبوع في السبعينيات، وقضينا ساعتين في نقاش أعماله مع الناقد الثقافي سيد محمود. ثم أكملنا إلى مبنى أقدم الصحف العربية، صحيفة الأهرام الذي بني في الستينيات أيام محمد حسنين هيكل وقيل لنا إن معماره مماثل لصحيفة البرافدا السوفييتية، والبرافدا بالمناسبة تعني "الحقيقة". 

المبنى مهيب والأكثر مهابة هو الدور السادس. الذي تعاهد الناس على تسميته بـ"دور العظماء" لأن أغلب أساطين الثقافة المصرية كانت لهم مكاتب فيه عدا نجيب محفوظ الذي كان يجلس على كنبة بقرب توفيق الحكيم في ذلك المكتب، تحدثنا مع الأستاذ محمد سلماوي عن تجربته مع نجيب وكيف كان يلم به أسبوعيا ليكتب له المقال الأسبوعي بعد حادثة الطعن المشهورة، وقبلها وهو الأهم قص علينا كيف عرض عليه نجيب أن يذهب إلى استوكهولم ليلقي كلمة الفائز بنوبل نيابة عن الروائي الذي لم يغادر مصر إلا ثلاث مرات مرغما.

 

 

ولأن الحرافيش انتقلوا إلى رحمة الله، لم يبق إلا الجيل الذي رافق جلسات محفوظ العامة منذ السبعينيات وحتى وفاته ومنهم الدكتور الأديب محمود الشنواني والمهندس الروائي نعيم صبري الذي كان يقرأ النصوص لنجيب بعدما فقد القدرة على القراءة لضعف البصر. تحدثوا معنا عن ذكرياتهم، غالبوا الدموع لكنها انتصرت في النهاية.

 

هذه نبذة عن الرحلة التي تمددت إلى محل ولادته في بيت القاضي بالجمالية والأحياء والمقاهي التي طاف بها وجلس شابا وكهلا، ثم ازدادت مع مرور السنوات عبر إضافة أم كلثوم ومتحفها في المنيل ضمن الرحلة، لأنها أم كلثوم ولأنها الفنانة التي عشقها طوال حياته بل وسمى ابنتيه فاطمة وأم كلثوم هياما بها. ثم تمددت إلى آثار المماليك والفاطميين من قصور وحمامات ومساجد وتكايا وباتت جزءا لا يتجزأ.

 

نجيب محفوظ بالنسبة لى كان البداية

 

وتابع: نجيب محفوظ بالنسبة لي كان البداية، بداية كل شيء، الرواية العربية الحقيقية، وكذلك بذرة اكتشاف القاهرة الحقيقية ومصر كذلك لأننا اتجهنا في رحلة إلى الأقصر وأسوان ننتبع فرعونياته خاصة "العائش في الحقيقة"، وذهبنا إلى مصيفه السنوي في الإسكندرية حيث يلتقي بالأدباء وأهمهم صديقه ومعلمه توفيق الحكيم. وهي في نفس الوقت مسرح أحداث رواياته مثل "ميرامار"، و"السمان والخريف".

 

لن أقول إنني حققت حلمي حتى الآن، لا الحلم الروائي ولا السياحي الثقافي، إلا أنني أرجو أن أكمل في طريق الرواية على هدى معماره الروائي اللا منتهي، وأكمل المسير سياحيا وثقافيا على خطى نجيب محفوظ، لأن الأثر باق ولا يزول، وواجبنا أن ندل الناس عليه، لأنه الطريق الحقيقي نحو مجتمع وحياة نريدها في الحلم.