رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد كل ما مررت به هل تعتقد بأنه ستظل هناك عدالة؟

حقق فيلم "الحاضر" نجاحًا كبيرًا لمخرجته الفلسطينية البريطانية فرح النابلسي دفعها عاليًا للشهرة بقصته الصادقة عن الحب الأبوي والتضحية، والآن مع أول فيلم روائي طويل للنابلسي والذي يقوم ببطولته أيضًا صالح بكري، تتناول المخرجة أفكارًا أكبر بنطاق موسع، ولكن بنتائج مختلطة ليحصل الفيلم على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان البحر الأحمر ورشح لقوائم (البافتا) البريطانية في ثلاث فئات.

على الرغم من أن فيلم (الأستاذ) عاطفي ومثير للاهتمام، إلا أن السرد المهتز واختيارات الممثلين غير المناسبة يعيق قدرته على أن يكون قابلًا للتصديق، حيث يفقد النص مسار ما يريد قوله، ويلجأ في بعض الأحيان إلى مجازات مربكة وحوار مشوش وخطوط حبكة غير ضرورية، ما يضع المشاهدين في حيرة للإجابة على سؤال مهم عن لماذا لا تحقق مثل هذه القصة المروعة والمبنية على أحداث حقيقية ما يمكن أن تحققه باستخدام نص سيناريو أكثر تركيزًا؟.

ومع ذلك، يظل هذا الفيلم سهل الوصول إليه وسيجد بالتأكيد جماهير متحمسة خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث يظل النضال الفلسطيني يمثل الأزمة السياسية والإنسانية الأكثر إلحاحًا حتى الآن. تدور أحداث الفيلم في فلسطين ويتناول الصعوبات التي يتعين على الفلسطينيين تحملها كل يوم ويتتبع قصة مدرس اللغة الإنجليزية (باسم الصالح) الذي يؤدي دوره بشكل رائع صالح بكري، المعلم الذي يؤمن إيمانًا كبيرًا بأن دوره يتجاوز التعليم بكثير، فهو يريد أن يصنع الفرق الحقيقي في حياة طلابه.

أحد الطلاب وهو آدم (محمد عبدالرحمن) الذي تنمو علاقته مع باسم إلى ما هو أبعد من الفصل الدراسي، فقد وجد آدم في شخص باسم والده المفقود وقدوته ومعلمه، إذ شهد آدم مأساة رهيبة نعرف من خلالها القواسم المشتركة بين الرجلين من حيث الاضطرار إلى التصالح مع الأحداث القاسية للغاية التي يبدو أنهما لا يستطيعان التخلص منها.

في هذه الأثناء يحاول دبلوماسي أمريكي وزوجته الضغط من أجل إطلاق سراح ابنهما المختطف، وهو جندي محتجز كرهينة منذ ثلاث سنوات لدى جماعة مقاومة فلسطينية، كانت السلطات الإسرائيلية مترددة في البداية للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين نظرًا لأن مثل هذه الخطوة يمكن أن تشجع على المزيد من عمليات الاختطاف، لكن في النهاية تم التوصل إلى اتفاق في إطلاق سراح الجندي المختطف الذي في مقابله سوف تطلق السلطات الإسرائيلية ألف أسير فلسطيني.

مثل هذا الخلل الكبير في قيمة الحياة البشرية هو ما يحرك القصة، لكن القصة يتم تخفيف ثقلها بحبكة فرعية غير ضرورية على الإطلاق في شخصية الأخصائية الاجتماعية البريطانية ليزا (إيموجين بوتس)
التي تبدو شخصيتها في غير مكانها بشكل غريب سواء من الناحية السردية أو الهيكلية، علاوة على ذلك فإن بعض اختيارات الممثلين تعمق الشعور بأن الفيلم لا يجد مكانه المناسب، حيث يتحول من مشاهد جيدة التمثيل مكتوبة بشكل جيد إلى مشاهد أقل إقناعًا ومخيبة للآمال من حيث السرد.

تظل علاقة آدم وباسم هي القلب الحقيقي للفيلم على الرغم من عيوبها، إلا أن الفيلم تمكن من معالجة الغضب المكبوت وصدمة الأجيال من خلال شخصياته التي تقود المشاهدين لمتابعة القصة. فنحن نعلم منذ البداية أنه لا يوجد حقًا شىء يسمي إيجاد السلام في منطقة محتلة، ولكن كما نرى البطلين الرئيسيين يتقاتلان بطريقتهما الخاصة للبقاء على قيد الحياة والحفاظ على عقليهما وإيجاد الهدف وسط كل هذه الفوضى، فقد عرضت علينا المخرجة نافذة على عالم لا يزال فيه الأمل ممكنًا في أعين أولئك الذين يرفضون الاستسلام.