رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء تخطيط يقترحون تأسيس صندوق لتمويل صناعة الطاقة الجديدة

تعزيز أمن الطاقة
تعزيز أمن الطاقة المتجددة

تعاني مصر من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية الناضبة في ظل محدودية الاحتياطيات المتوفرة من هذه المصادر، مقابل زيادة مستمرة في الطلب على الطاقة. وعلى الرغم من وجود مصادر عديدة للطاقة المتجددة في مصر، لم يتم الإفادة منها بشكل كامل حتى الآن.


تحقيق أمن الطاقة واستدامتها


تقوم مصر بتنفيذ عددٍ من السياسات لتحقيق أمن الطاقة واستدامتها، حيث تهدف هذه السياسات إلى زيادة الإنتاج من مصادر الطاقة المختلفة سواء التقليدية أو الجديدة والمتجددة من ناحية، وترشيد الاستهلاك من ناحية أخرى. فهي تنفذ سياسات لتحفيز الاستثمار في البحث عن مصادر الوقود الأحفوري واستكشافها، بالإضافة إلى تقديم مجموعة من الحوافز لتشجيع استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مثل تطبيق تعريفة التغذية للطاقة المتجددة، وتضمين قانون الاستثمار رقم (72) لسنة 2017 حوافز لتشجيع الاستثمار في مجال إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة. كما تدعم أنشطة البحث العلمي في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وتعمل على رفع كفاءة نقل الطاقة وتوزيعها، وتنفذ مبادرات لترشيد استهلاك الطاقة.


تسهيلات وإعفاءات من الضرائب


ولكن مع ذلك، تتسم بعض مؤشرات أمن الطاقة في مصر ببعض الانخفاض الذي يمكن أن يزداد مع الأزمات العالمية المتلاحقة، حيث إن تحقيق أمن الطاقة بأبعاده المختلفة يتطلب تطبيق حزمةً كبيرةً من السياسات بعضها قصير المدى، وبعضها الآخر طويل المدى، فينبغي تسريع التحول نحو مستهدفات استراتيجية الطاقة المتكاملة 2035 بخصوص مساهمة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وذلك باستخدام أدوات السياستين المالية والنقدية لدعم صناعة وتكنولوجيات الطاقة الجديدة والمتجددة عن طريق إعطاء تسهيلات في منح القروض، والإعفاء من الضرائب الجمركية، وتمييز منتجي الطاقة المتجددة عند فرض ضرائب على الأرباح، وإعطاء تسهيلات في الحصول على الأراضي اللازمة للمصنعين المحليين، وتقديم الإعانات لدعم مدخلات عناصر الإنتاج، وتقديم الدعم لتحفيز الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لهذه الصناعة. كذلك يمكن تأسيس صندوق لتمويل صناعة الطاقة الجديدة والمتجددة، يتم تدبير موارده المالية عن طريق طرح السندات الخضراء. 
كما ينبغي بناء استراتيجيةً كاملة لتصنيع تكنولوجيات الطاقة الشمسية، تتضمن دراسة لإمكانيات السوق المحلي من المواد الخام، والعمالة المؤهلة، ومصادر التمويل، وحجم الإنتاج المتوقع، واستراتيجية لتسويق هذا الإنتاج، بالإضافة إلى تحديد أدوار الفاعلين في هذه الاستراتيجية. على الجانب الآخر، من الأهمية بمكان مراجعة شروط اتفاقيات البحث والتنقيب عن الوقود الأحفوري بصفة دورية بما يوازن بين تحقيق ربح عادل للشريك الأجنبي، والحفاظ على حق مصر وأجيالها القادمة في مواردها الطبيعية من الطاقة. بالإضافة إلى محاولة البحث عن بدائل وطنية أو تعاون إقليمي للقيام بعمليات البحث والاستكشاف. كما ينبغي اتخاذ إجراءات لتفعيل الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني لتعميق ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة، والتعريف بالعوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يُمكن الحصول عليها جرَّاء ترشيد استهلاك الطاقة.

مؤشرات أمن الطاقة


من جانبها، قالت الدكتورة نيفين كمال، أستاذة اقتصاد متفرغ في مركز السياسات الاقتصادية بالمعهد القومي للتخطيط بالقاهرة، إن الأمن الاقتصادي في أي دولة، سواء كانت متقدمة أو نامية، يتضمن أمن الطاقة، ويشمل وضع سياسات حكومية قوية تتبنى استراتيجيات كبرى للطاقة والاستدامة البيئية. ولكن يتأثر الأمر بما يمر به العالم من تغيرات وأزمات مثل الحرب الروسية والاضطرابات في سلاسل التوريد والإمداد العالمية.

وأشارت إلى مؤشرات أمن الطاقة في مصر، حيث بلغت نسبة الوقود الأحفوري "الزيت الخام والغاز الطبيعي" في هذا الهيكل نحو 92.4% في عام 2021، بينما لا تتعدى نسبة استهلاك مصادر الطاقة المتحددة في العام ذاته 6.2%. كما أن مؤشر الإتاحة للمنتجات البترولية والغاز الطبيعي قبل الحرب الروسية وبعدها يقترب من 100%، إلا أنه لا يعد أيضًا دليل كافٍ على تحقيق مصر لمستويات مرتفعة من أمن الطاقة، لأن الإنتاج المحلي من كل من الزيت الخام والغاز الطبيعي، لا يتم توجيهه بالكامل لتغطية متطلبات الاستهلاك المحلي أو الطلب الخارجي (الصادرات)، بل يتم اقتسامه بين مصر والشريك الأجنبي بنسب تحدد وفقًا لاتفاقيات اقتسام الإنتاج، حيث وصلت حصة مصر من إنتاج الغاز الطبيعي نحو 42.8% و46.7% في الفترة السابقة والتالية للحرب الروسية على التوالي.

 

مصادر الطاقة المختلفة


وأضافت أن مصر تنفذ عددًا من السياسات للمساهمة في تحقيق أمن الطاقة، حيث تهدف هذه السياسات إلى زيادة الإنتاج من مصادر الطاقة المختلفة من ناحية، وترشيد الاستهلاك من الطاقة من ناحية أخرى، إلى جانب عقد عددًا من الاتفاقيات مع الشركات الأجنبية الكبرى في مجال البحث والاستكشاف عن كل من الغاز الطبيعي والزيت الخام بهدف زيادة الإنتاج المحلي وتعزيز احتياطيات الطاقة بشكل دوري.
واعتبرت دكتورة أسماء مليجى ربيع مدرسة بمركز السياسات الاقتصادية بالكلية بمعهد التخطيط القومي، أن التوجه نحو استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة يساهم بشدة في تنويع مصادر الطاقة المستخدمة، وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من ناحية، والمحافظة على الموارد الطبيعية الناضبة للأجيال القادمة من ناحية أخرى، مما يحقق أمن الطاقة واستدامتها، ولكن يقابل هذا التوجه العديد من التحديات التي تختلف وفقًا لمصادر الطاقة المختلفة.
وأوضحت خبيرة التخطيط، أن على سبيل المثال تعد من أبرز مزايا الطاقة الشمسية والرياح وصول العمر التشغيلي لمحطة الطاقة المتجددة إلى 25-30 عامًا، وأقل تكلفة التشغيل والصيانة مقارنة بالطاقة التقليدية، ولا تنبعث منها انبعاثات كربونية، كذلك الطاقة النووية يصل العمر التشغيلي للمحطة الواحدة إلى 60 عامًا، ويمكن أن يمتد إلى 80 عامًا في حالة تطويرها ورفع كفاءتها، وأقل تكلفة التشغيل والصيانة مقارنة بالطاقة التقليدية، أما عن أبرز التحديات فتتمثل في ارتفاع تكلفة استيراد معدات الطاقة المتجددة، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم العالمية نتيجة تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وارتفاع سعر الدولار مقابل العملة الوطنية، وصعوبة التخلص من النفايات النووية الناتجة عنه، مع إمكانية وقوع حوادث التسرب الإشعاعي.

توصيات تعزيز أمن الطاقة


كما أوصت بتنفيذ عدد من السياسات المقترحة لتعزيز أمن الطاقة في مصر، من خلال سياسات التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة والمتجددة، وتنويع مصادر الطاقة والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. وذلك من أجل حماية الاقتصاد المصري من مخاطر التقلبات الدورية في أسعار الوقود الأحفوري. كما تم تحفيز الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لهذه الصناعة.

وأشارت إلى أهمية زيادة القدرة الاستيعابية للاستخدام المحلي لمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة من خلال تنفيذ المشروعات الحصرية، مثل إنشاء محطات طاقة متجددة لأغراض محددة وربطها مباشرة بالمشروع المستهدف للحصول على الطاقة الكهربائية. وتشجيع المنشآت التابعة للهيئات الاقتصادية على توليد الكهرباء مباشرة من خلال الطاقة الشمسية، وذلك من خلال تقديم حوافز ضريبية وتخصيص جزء من أرباح هذه المنشآت لبناء وحدات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المنشآت التابعة لها.