رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احتمال لقاء البرهان وحميدتي في القاهرة

تناثرت الأنباء عن لقاء محتمل تستضيفه القاهرة يضم رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان ووقائد قوات الدعم السريع حميدتي، هذه الأنباء انتشرت بعد إعلان رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان “تقدم”، عبد الله حمدوك، أن “القيادة المصرية وافقت على طلب للاتلاف بإمكانية حث قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على اللقاء في القاهرة من أجل إيقاف الحرب”.
والمعروف منذ بدء أزمة السودان أن مصر لم تدخر جهدا من أجل وقف الحرب هناك وأن الدبلوماسية المصرية عملت بكل أدواتها الممكنة لتحقيق السلام في السودان والحفاظ على وحدة اراضية وكذلك تأمين الشعب السوداني الشقيق من ويلات تلك الحرب التي يدفع ثمنها الأبرياء. 
أبواب مصر الجنوبية ظلت مفتوحة لإستقبال أهلنا السودانين واحتضانهم في بيوتنا بالقاهرة والمحافظات والحقيقة هي أن هذا الاستيعاب المصري هو واجب علينا لأننا حتى الآن لا نعرف فرقا بين مصري وسوداني، لذلك استقبلنا تصريحات حمدوك بسعادة بالغة وتفاؤل حيث قال في تصريحاته عن موقف المصريين من لقاء البرهان حميدتي أنهم" "رحبوا بالأمر، واستقرار السودان من استقرار مصر وانهيار السودان كارثة أمنية كبرى لمصر"، وأضاف أن "مصر تقوم بأدوار فاعلة في حل أزمة السودان".
الإختراق الجديد في الملف السوداني هو 
قبول حميدتي وحمدوك للقدوم إلى القاهرة، وتكمن أهمية تلك الموافقة في أنها تأتي بعد إدعاء حميدتي في وقت سابق أن القاهرة ساهمت في قصف جوي لقوات الدعم السريع وهو إدعاء نفته القاهرة في حينه.
ربما التغيير الذي شهدته المعادلة العسكرية على الارض فى السودان لصالح الجيش السوداني خاصة في أم درمان واستعادة مبنى الإذاعة من بين أيادي الدعم السريع قد ساعد في تعامل حميدتي الإيجابي لفكرة القدوم إلى القاهرة ووضع نهاية لهذا الصراع المؤسف.
أما حمدوك والذي شغل مواقع سياسية رفيعة المستوى في السودان بعد ثورتها الشعبية الباسلة فهو رجل سياسة صاحب خبرات ماهرة في التفاوض وهو يعرف جيدا ان نجاح الجيش السوداني في حسم الصراع عسكريا معناه عدم وجود حمدوك في خريطة المستقبل السياسية للسودان، لذلك جاءت مبادرته والتي تضامنت معها الجامعة العربية من أجل توفير فرص أكبر ل نجاحها. 
اجتماع القاهرة الذي ينتظره المراقبون حول الشأن السوداني لا يقل خطورة عن ملف غزة الشائك والملاحظة البارزة في تلك الخريطة المعقدة هي ذلك الحصار الذي ضرب أوتاده في شمال مصر وجنوبها وهو ما يعني أن مصر في قلب الأزمة وإن الأحمال الملقاة على عاتق مصر ليست بالبساطة النظرية التي يمكن أن يلوكها مراقب أو محلل سياسي، لذلك نرى العمل على مدار الساعة في مختلف الملفات بهدف تبريد المنطقة ونزع فتيل الأزمة من مختلف الملفات.
وهنا يتجلى الدور المحوري والذي طالما تحمتله مصر في مختلف الأزمنة ومختلف الظروف، والمؤكد في موضوع السودان أن لقاء البرهان / حميدتي لن يبدأ من الصفر وذلك لوجود مرجعيات تفاوضية تمت في وقت سابق ومنها مخرجات جدة وكذلك جهود الاتحاد الإفريقي.
إن تبريد المنطقة وبالذات في دول الجوار المصري يصب بشكل كامل في دعم وتقوية الأمن القومي المصري، ويجعل مخططات التنمية ورفاهية المواطن أمر ممكن الحدوث، كما أن صفر مشاكل دول الجوار سوف تعمل على رسم صورة جديدة للشرق الأوسط عكس الصورة الدامية التي سادت منذ عقود، ولأن ملف غزة هو الأكثر تشابكا نجد أنه من الصحيح العمل على الملف السوداني والممكن غلقه، إنهاء أزمة السودان هي في ذاتها دعم لملف غزة وتفسيرنا لذلك هو أن تخفيف الأحمال عن الأطراف الفاعلة في المنطقة يجعل من تضافر جهودهم قوة قادرة على التصدي لملف غزة الصعب والمرتبك