رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رغم أنف الجميع.. مصرُ تجنى ثمار الصبر والشرف

(1)
حالة هستيريا أصابتهم حين تم الإعلان عن صفقة رأس الحكمة..سيلٌ موجه من حملات التشويه الممنهجة فى صورة جرافيكس كوميدى اجتاح وسائل التواصل عن قطع ومدن من مصر يعرضها الساخرون للبيع على لسان القيادة المصرية..لماذا هذه المرة بالتحديد كانت موجة التشكيك عنيفة؟ الإجابة ببساطة لأن الذين هزمتهم هذه الصفقة كثيرون ومن طبقة القروش الضخمة! فى الظروف العادية الطبيعية كان من المفترض أن يحتفى الجميع بهذه الصفقة الاستثمارية خاصة من الذين دأبوا على مهاجمة الدولة المصرية فى ملف جذب الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرية، لأن الصفقة فى منتهى البساطة هى صفقة شراكة استثمارية. فى بعض مدن جنوب مصر السياحية يقوم الأفراد المصريون بما قامت به الدولة المصرية حرفيًا ومنذ سنوات وحتى قبل أحداث يناير 2011م. ففى هذه المدن يحدث أن يمتلك مواطن مصرى قطعة أرض، لكنه لا يملك الأموال اللازمة لإنشاء مشروع استثمارى سياحى فيلجأ لشريك أو شريكة أجنبية للقيام بالتمويل بشكل رسمى مشروع. وبعد سنوات من هذه الممارسة كانت النتيجة إنشاء عشرات من المشاريع الفندقية مشتركة الملكية بعقود مختلفة النسب والبنود ولسنواتٍ طويلة كنا نسمع هجومًا حادًا على الدولة المصرية لأنها من وجهة نظر المهاجمين لم تقم باجتذاب رءوس أموال قوية للاستثمار فى مصر. فلماذا يهاجمونها الآن؟
كما ذكرتُ لأن هذه الصفقة وما فتحته من آفاق لصفقاتٍ تالية كانت بمثابة ضربة قاتلة لأعداد لا يُستهان بها من القروش الشرسة التى طفت على سطح الحياة المصرية الاقتصادية والاجتماعية فى الأعوام القليلة الماضية، وقد كتبتُ عنهم مقالًا سابقًا بعنوان (مصر تضرب أغنياء الحرب بالداخل) ففجأة وفى ساعات قليلة خسر هؤلاء مليارات من المال الحرام قاموا بتكديسها عن طريق مص دماء الشعب المصرى، تجار عملة مصريون وغير مصريين، وبعض كبار تجار مختلف السلع سواء السلع الأغذية أو السلع المعمرة! هذه الصفقة تعنى اقتصاديًا الإعلان الدولى فى المؤسسات الاقتصادية العالمية عن تجديد الثقة فى الاستثمار على أرض مصر، لأننا كما نعلم جميعًا أن رأس المال بطبيعته لا يتسرع أو يلقى بنفسه فى تربة غير آمنة، أو كما يقول المتخصصون ويرددون هذه العبارة..رأس المال جبان!
سياسيًا تعنى هذه الصفقة انهيار ما كان يتوهمه المعسكر المعادى لمصر من قرب انهيارها. بعد مواجهة مصر لمعسكر الشر فى الأشهر الخمسة الماضية، وبعد نجاحها فى إجهاض مخططه الوقح، اعتقد قادتُه أن حصارها اقتصاديًا - بمؤامرة الممر الملاحى - قادرٌ على إسقاط مصر.. بدت الشواهد لهم فى الداخل المصرى مغرية..فالسوق الوهمية للعملات الأجنبية وصلت لذروة جنونها، وكبار أغنياء الحرب من التجار يقومون بما يراد منهم تطوعًا وطمعًا من أنفسهم،  ثم فجأة تقوم مصر بضرب كل هذا الوهم بالحقيقة. إنها أقوى مما أرادوه لها..لهذا كانت هذه الموجة من التشكيك والتشويه أعنف من سابقاتها. 
(2)
إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.. وما حدث فى الأيام السابقة فى مصر هو جنىٌ لثمار جهادها الشريف وصبرِها وصبرِ أهلها على ما يُخطط لهم ولها، ونضجِ الكتل الأكبر من المجتمع المصرى وإدراكهم لما يدور حول مصر وإجهاضهم - بموقفهم المساند لبلادهم - لكل هذا الجحيم المدبر.. بدأت الأسعار فى الرجوع لمعدلاتها الحقيقية مع حملات الرقابة الصارمة.. بدأت السلع فى الظهور فى المحال التجارية، وعليها الأسعار الجديدة أو الحقيقية. وبدأ الحديث عن صفقاتٍ استثمارية جديدة فى القريب.
أما ما يحدث فى القطاع المجاور، فقد نجحت مصر فى وقف اجتياح رفح، وقامت مشاركة مع دولٍ أخرى بإجهاض المحاولة الصهيونية لتجويع من بقى فى القطاع، وذلك بمد هذا الجسر الجوى من المساعدات. مصر هى الدولة الشريفة فعليًا منذ يوم السابع من أكتوبر وحتى الآن. فهى التى فرضت إدخال المساعدات برًا، وهى الآن التى تفتح شريانًا جديدًا للحياة هناك جوًا، وهى التى قام أبناؤها بإقامة مخيمات حياة داخل القطاع.. كل ذلك لم يكن ارتجالًا، لكنه كان التنفيذ الفعلى على الأرض لما ذكره رئيس الدولة فى اليوم الأول..مساندة صمود أهل القطاع فى التمسك بأرضه لأن من سيخرج منها لن يعود إليها! 
مصر خصصت فى مستشفياتها الحكومية أجنحة جراحة بالكامل لجرحى القطاع مجانًا مع توفير كل مستلزمات العلاج لهم، والحياة لمرافقيهم. 
والآن دولٌ أخرى كبرى تتحدث عن عزمها القيام بإنزال مساعدات جوية لشمال القطاع وأوسطه وجنوبه. هذه هى مصر الشريفة التى تخوض حربًا شرسة لفرض رؤيتها على الأرض. الذين يهاجمون مصر عليهم أن يستحوا لو كانت لديهم بقايا من شرف أو حياء!
(3)
ملح أرض هذه البلاد هم أهلها المخلصون من مختلف الطبقات الاجتماعية والجغرافية. هم الذين يحمل أبناؤهم السلاح حين يقضون فترات تجنيدهم أو حين يدعو داعى الوطن لخوض معركة شرف جديدة، هم الذين يعانون اقتصاديًا - على مختلف مستوى معيشتهم - وبعضهم يدبر قوت أهله بالكاد، لكنهم يستعدون للجود بما لديهم ولو كان قليلًا فى مصارف الخير والوطنية، سواء بالتبرع بجنيهاتٍ قليلة للمرابطين المدافعين عن أرضهم فى غزة، أو بتجهيز (كراتين وشنط) رمضان للفقراء، أو من لا يزالون يتبرعون بخمسة جنيهات لبلادهم. 
هؤلاء هم المتعففون عن الشكوى مهما كانت معاناتهم وهم الذين يرفعون أيديهم بالشكر لله على نعمه وعلى رأسها نعمة الوطن. هؤلاء هم القوة الصلبة الثانية لهذه البلاد والموازية تمامًا لقوتها الصلبة الأولى.. فمن كلتيهما تتكون الأمة المصرية من أقصى الشمال لأقصى الجنوب. لا يُخشى على مصر وهؤلاء يعيشون على أرضها مهما بدا صمتُهم أو إعراضهم عن الخوض فى الشأن العام، لأن التجارب السابقة فى السنوات القليلة المنصرمة أثبتت أن هؤلاء هم من يحمون هذا الوطن فى لحظات الفرز القاسية الكبرى.
أما الذين يتعاملون مع مصر كالذين يعبدون الله على حرفٍ، فهؤلاء لا خير لها يُرتجى منهم مهما تكدست أموالهم. 
فبعض هؤلاء يتعامل مع فكرة الوطن على أنه فندق يستحبون الإقامة فيه حسب ما يقدمه من خدماتٍ وينفرون منه ويبحثون عن آخر حين لا تروق لهم الخدمة! يعبرون عن الفكرة بمقولات مثل (إحنا لينا إيه فى البلد دى.. دى زى غيرها.. الوطن هو اللى يديلك كذا وكذا!) بعضهم لن يمد يده لإطفاء حريقٍ أو لإنقاذ حيوان أو إماطة الأذى عن الطريق. 
وبعض هؤلاء من كبار رجال الأعمال، أو لنقل من كبار الديناصورات الذين عبوا من خيرات هذا الوطن، ثم حين طُلب منهم أن يكونوا فقط مصريين فى ولائهم، وأن يردوا دين هذه البلاد وبعض فضلها وفيضها عليهم، أشاحوا بوجوههم وجاهروا بقبحهم فى عباراتٍ مثل (مصر غير مشجعة للاستثمار..إحنا حولنا فلوسنا لدولة..!) هؤلاء تعاملوا مع مصر والمصريين ومقدراتهم بمنطق الغنيمة! لا تصدقوهم حين يدّعون فى سماجة أنهم مصريون حتى النخاع وأنهم ولاد بلد جدعان! هؤلاء مجرد مرتزقة ومكدسى أموال، وتاريخُ بعضهم ليس فوق مستوى الشبهات الوطنية والأخلاقية، لكى تعرفوهم على حقيقتهم راجعوا مواقفهم الموثقة فى أوقات محنات مصر الكبرى، فالمجد للأرشيف هو الذى يحرق ويُسقط الأقنعة! 
(4)
لقد بدأت مصر تجبر بعض كسورها هنا وهناك..ولم يكن المجال الرياضى بعيدًا عن تلك الكسور والشجون. نتذكر حين تم تحويل ملاعب كرة القدم لساحات فتنةٍ كبرى هدفها إشعال مزيدٍ من النيران بين المصريين. استخدموا صغارَ السن كوقودٍ لمخططاتهم الخائنة.. أعلن بعضُهم عن شخصياتهم الحقيقية، وأنهم ليسوا إلا إرهابيين ساندوا الإرهاب بأنفسهم أو أموالهم التى جمعوها من المصريين، واستغلوا ما منحه لهم المصريون فى سنواتٍ سابقة من شهرة ومجد فى محاولة حرق هذا الوطن! 
لقد دفعت مصر ضريبة كبرى بعد بلوغ الجماعة الإرهابية حكم مصر.. دفعتها بالدم والمال. وكان ثمن إنقاذ مصر باهظًا جدًا. بعض هؤلاء، وبعد أن انكشفوا تمامًا هربوا مثل كل الخونة فى كل زمانٍ وكل بلد! 
بعد سنواتٍ من الفرقة وتفشى الفتنة وتربع بعض السفهاء ومشعلى الفتن على الساحة الكروية فى مصر، استطاعت مصر أخيرًا أن تقترب بقوة من طى هذه الصفحة السوداء، وكانت الخطوة الأهم هى تقارب مجلسى إدارتى أكبر ناديين فى مصر (الأهلى والزمالك). انتظر المخلصون لهذه البلاد هذه الخطوة كثيرًا، وسعدوا بها، وتفاءلوا خيرًا لأن تكون بداية حقيقية للعودة بهذه المنافسة الرياضية لسابق عهدها وكإحدى وسائل إسعاد المصريين لا لتفرقتهم أو إشعال الفتنة بينهم. 
لكن الخونة - وكالمتوقع منهم تمامًا - تم استنفارهم وتوجيه الأوامر إليهم بمحاولة إجهاض جهد المصريين ومحاولة القضاء على تلك الخطوة الكبرى - بتقارب الزمالك والأهلى - فى مهدها.
(5)
بوجهه الكالح، وابتسامته الصفراء الباهتة، ونظراته السمجة، قام هذا اللاعب بالتنفيذ الفورى لما صدر إليه من تعليمات.. كان الأمر فى غاية الوضوح والسفور لكل من يعرف أبجديات الخطاب الإعلامى أو الصحفى. كان الأمر فظًا.. ويقرأه أى ذى عقل..هذا اللاعب الأصفر ينفذ حرفيًا ما أمره به أسياده ومحركوه..انتهاز أى فرصة للحديث عن الناديين الكبيرين ومواجهتهما المقبلة فى السعودية لإلقاء أول كلمة فى محاولة تفجير الفتنة ثانية! هو قطعًا لا يخاطب أصحاب العقول، إنما يخاطب الوقود الذى يعرف كيف يستعمله تمامًا..يخاطب صغار السن والسفهاء من الكبار.. يلقى إليهم بكلمة الافتتاح.. يلقى بأول عود ثقابٍ ويترك لهم مهمة إلقاء البنزين!
قال هذا الخائن السفيه من بين ما قاله (...جماهير الزمالك تكرهنى لأننى سجلت فى مرماهم).
هذه الكلمات تتخطى تخيلات أصحاب حسن النوايا بأنها محاولة غسيل للوجه الكالح والعودة كلاعب كرة بعيدًا عما يلطخ وجهه وثوبه.
فهذه كلمات فتنة محددة موجهة.. من المنتظر أن يقوم بعدها آخرون من الخونة باستكمال باقى الكلمات وإلقاء كرات اللهب.
أنا شخصيًا لست من مشجعى الزمالك ولا الأهلى..كنت منذ سنواتٍ أشجع الأهلى، لكننى نأيتُ بنفسى تمامًا عن هذه الانتماءات وأكتفى بالمتعة المجردة، وقطعًا أشجع بقوة أيًا منهما فى أى مواجهة يكون طرفها الآخر غير مصرى..ومع ذلك فإننى أحب تذكير هذا الإرهابى - الملوثة يداه بالمشاركة بالمال فى جرائم إرهابية ضد مصريين - أننا كمصريين وليس كمشجعى هذا الفريق أو ذاك نكرهك لأسبابٍ لا علاقة لها بكرة القدم.
نكرهك لأنك تكره هذا الوطن. كل مواقفك التى حددها لك أنصار جماعتك قبل أحداث يناير لا علاقة لها بمساندة مصر، بل إن موقفك الأشهر كان يصب فى محاولة الضغط على مصر لفتح حدودها عنوة فى أعوام مبارك الأخيرة.
نكرهك لأنك- حين سمعناك تتحدث عن جماعتك وعن الدين - أدركنا أنك جاهلٌ يستغل شعبيته لنشر جهله بين الصغار ولمساندة كيان إرهابى استباح مصر والمصريين.
نكرهك لأنك مدانٌ بأحكام قضائية نهائية بتهمة المشاركة بالمال فى جرائم إرهابية بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة الإرهابيين وهذا يعنى ببساطة أنك دفعت مالًا لشراء أسلحة لجماعات إرهابية قتلت رجال شرطة وجيش مصريين، وهذا لا يعنى فى ذاكرة الشعوب  إلا كلمة واحدة هى الخيانة.
هذه هى الحقيقة المجردة الموثقة.. كلما أطللتَ على المصريين بفتنتك ومخططك، فسوف يصفعونك بها. 
****
وإننى أنتهز هذه الفرصة لأتوجه للمسئولين عن إذاعة المباريات الرياضية على قنوات الشركة المصرية المتحدة بهذا الرجاء.. أتمنى أن تقوم الشركة بتوعية معلقى المباريات عما حدث من ومع هذا اللاعب..فبعضهم ربما قد نسى، أو أنه لا يقدر الموقف حق قدره.. كيف لمعلق رياضى ونحن نستمع إليه على قناة أون سبورت أن يذكرنا بأن هذا اللاعب قد سجل فى هذه المباراة أو تلك؟! هذا إرهابى بحكم قضائى يجب أن يتم منع ذكر اسمه على شاشات القنوات المصرية. 
وحتى ندرك المسألة حق إدراكها علينا مثلًا أن نتخيل مقدم برامج دينية على شاشة مصرية يتحدث عن صفوت حجازى أو يوسف القرضاوى أو مفتى الجماعة الإرهابية محمد الصغير أو غيرهم! الإرهابيون والخونة لا يتم تشريفهم بذكر أسمائهم على قنوات بلادهم الوطنية قبل أن تتم تبرئتهم أو أن يتطهروا من إرهابهم وخيانتهم ويصدر بذلك قرار قضائى مصرى.