رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ميدان مُعقد.. كيف تعمل إسرائيل "فوق الأرض وتحتها" لتدمير أنفاق غزة؟

أنفاق غزة
أنفاق غزة

عثرت القوات الإسرائيلية على عشرات الفتحات والأنفاق في أماكن لم تكن تعلم الاستخبارت الإسرائيلية بوجودها، حيث يعتقد عدد من الضباط من مختلف الرتب في الجيش الإسرائيلي أن شبكة الأنفاق في قطاع غزة أكبر وأكثر تشعبًا بكثير مما تم تقديره في بداية الحرب، كما أن الحديث الآن في القيادة العسكرية في تل أبيب أنه لن يتم تدمير كل أنفاق "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة.

حتى الآن، عثر الجيش في مختلف أنحاء القطاع على 1000 فتحة نفق، ومن المتوقع وجود آلاف أُخرى لم يُكشف عنها، ويبدو أن نشطاء حماس يمكنهم إزالة الردم من الفتحات وترميم شبكة الأنفاق.

وجدير بالذكر أن الأنفاق موجودة في غزة قبل قيام حركة "حماس" عام 1987، وكما يبدو ستظل مكانها حتى بعد انتهاء الحرب التالية، في الأسبوع الماضي، نقلت النيويورك تايمز عن مسئولين كبار في المؤسسة الأمنية تقديرهم أن طول شبكة الأنفاق في القطاع تقدَّر بـ700 كلم. وهذا بعكس تقديرات الاستخبارات التي وصلت في بداية الحرب إلى 400 كلم. 

وحدات خاصة للأنفاق

الذراع البرية للجيش الإسرائيلي، وخصوصًا سلاح الهندسة، تعاملت مع الأنفاق في القطاع بجدية كبيرة في الأعوام الأخيرة. كما جرى توسيع طواقم وحدة ياهالوم "وحدة تابعة لسلاح الهندسة" مع معداتها التكنولوجية لمعالجة الأنفاق، وتدربت الوحدات الخاصة، بينها وحدة عوكيتس "وحدة في الجيش الإسرائيلي تعتمد على الكلاب" على مجالات العمل تحت الأرض، وجرى إنشاء طواقم خاصة لتدمير الأنفاق الكبيرة، وقامت قوات الهندسة الأُخرى بتطوير قدراتها تحت الأرض، وطورت مواد ناسفة جديدة للقتال في الأنفاق.

خطة السيطرة على الأرض

كان هناك الافتراض أن استيلاء القوات الإسرائيلية على الأرض فوق الأنفاق عدة أسابيع سيُجبر عناصر "حماس" على الخروج منها لفقدان الأوكسجين والماء والغذاء، فيما تبين لاحقًا أنه افتراض خاطئ، إذ اتضح أن الأنفاق لم تكن فقط مزودة جيدًا بالطعام والشراب لإقامة طويلة، بل أنها سمحت بانتقال القوات بين عدة مناطق في المدينة، وفي القطاع، طوال فترة الحرب.

وبينما أعلن الجيش الإسرائيلي تدمير كتائب "حماس" في شمال القطاع، لكنه وجد نفسه يقاتل بقايا هذه الكتائب في مناطق أُخرى. وفي كل مرة كانت تظهر دلائل على وجود مخطوفين في الأنفاق، يتبين أنهم نُقلوا من هناك إلى نفق آخر منذ وقت.

 في الأسابيع الأخيرة، وضع الجيش الإسرائيلي هدفًا جديدًا حيال الأنفاق، وهو بدلًا من تدميرها، القيام بمنع "حماس" من الاستخدام العسكري للأنفاق مستقبلًا، لكن من غير الواضح كيفية القيام بذلك، وما إذا جرى الكشف عن كل الأنفاق المركزية، وحتى تلك التي اكتُشفت، لن يكون هناك وقت لتدميرها.

استراتيجية القتال عن بعد

تواجد القوات الإسرائيلية في القطاع والاشتباكات مع نشطاء حماس، والتي أسفرت عن عدد كبير من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي جعلته يغير إجراءات الدخول إلى الانفاق، وسمح فقط بإدخال الكاميرات التي تُشغل عن بعد، أو من خلال كلاب وحدة "كوميتس".

 قائد الفرقة 98 التي تحارب منذ أكثر من شهر في خانيونس، اللواء دان غولدفوس، قال الأسبوع الماضي للمراسلين الأجانب: "نحن نناور فوق الأرض وتحتها"، وقام غولدفوس، الذي كان مقاتلًا في الكوماندوس البحري، الفرقة 13، بتكييف وسائل قتالية تقوم على المزج بين تحرُّك موازٍ يجري تحت البحر وفوق اليابسة، مع الواقع الغزّي المتعدد الأبعاد. وهذا الاستخدام للأساليب بسبب الاعتراف بضيق الوقت واحتمال وجود مخطوفين في الأنفاق. وفي الواقع الحالي في خان يونس التي يوجد تحتها.

ميدان مُعقد

اكتشف القادة الإسرائيليون في الميدان أن فرقهم تحتاج أحيانًا إلى أيام، وربما إلى أسابيع لتحديد الأنفاق، وللتخطيط لتدمير بضع مئات من الأمتار منها، في هذه الأثناء، يتطلب الأمر بقاء مئات الجنود في الميدان للدفاع عن أنفسهم، ولحماية القوات الهندسية، وحتى في بيئة خالية من الكمائن ومن الصواريخ المضادة للدروع، فإن تدمير مئات الكيلومترات من الأنفاق يتطلب عملية هندسية معقدة وواسعة النطاق تستغرق شهورًا طويلة.

وفقًا لوسائل إعلام أجنبية، يركز الجيش الإسرائيلي حاليًا على مشروع سمّاه "أطلنتيس"، يجري خلاله ضخ مياه البحر إلى داخل الأنفاق، على أمل إغراقها. وتحدثت محطة كان 11 عن تجربة ناجحة للمشروع. عمليًا، لم تُسجّل أضرار حقيقية نتيجة استخدام هذه الخطوة، ومن المحتمل أن يكون الهدف من نشر هذه الأخبار دفع نشطاء حماس إلى الخروج من تحت الأرض، لكن ليس واضحًا كم من الوقت تحتاج تلك الخطة.