رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ردا على الموهومين والمتطاولين والمتآمرين أمام نقابة الصحفيين!

(١)

بعض الذى صمتُ عن قوله فى أكثر من ثلاثة أشهر سأقوله الآن كمواطن مصرى.

محاولة إرهاب المعارضين لبعض ما حدث أمام نقابة الصحفيين بادعاءات أنهم – أى هؤلاء المعارضين لما حدث - موالون لنظام الحكم هى محاولة بائسة لا قيمة لها، تماما كمن يستخدمها!

تابعتُ كغيرى من المصريين ما حدث أمام نقابة صحفيى مصر، واستمعتُ جيدا للهتافات وما تعنيه، كما تفحصتُ بعض وجوه الهتيفة، فسطعت الحقيقة التى يتحرّج بعضنا من التفوه بها!

أبدأ بلغتنا العامية المصرية الجميلة التى تضرب بجذورها فى هذه التربة المصرية لآلاف الأعوام فأقول..

(لا مش هنفتح معبر رفح سداح مداح، ولا هنسمح لحد يبتزنا، ولا هنفرط فى حدودنا.. إلعبوا غيرها بجد.. السكة دى مش هتاكل معانا! واللى مش عاجبه يضرب دماغه فى الحيط؟

.... بالروح والدم نفديكى يا مصر.. مش هنفدى حد ولا حاجة ولا أى تراب ولا أى أرض بالروح والدم غير مصر!

... مفيش خطوط حمرا ولا لون أحمر غير لون علم مصر!)

أما بعد..

فأبدأ بما هتف به هذا المحامى سيئ السمعة صارخا (من أسوان لكوم الدكة.. افتحولنا السكة).. أنا مواطن مصرى من أسوان أعتبر هذا الهتاف دعوة خيانة صريحة للتراب الوطنى المصرى بمحاولة ابتزاز الدولة المصرية وأجهزتها السيادية ومؤسساتها الوطنية للضغط عليها ودفعها للتقاعس عن القيام بمسئوليتها الوطنية والدستورية!

وهى قطعا لا تلتفت لمثل هذه الدعاوى الساقطة، وتعلم جيدا ما ومن خلفها، لكننى أتهم هذا المحامى بهذا الاتهام الصريح بصفتى مواطنا مصريا لا أعمل ولا أرتبط بأى جهة أو هيئة حكومية، وتاريخ مصر وحضارتها وحاضرها هى قضيتى وصنعتى!

(٢)

منذ أن بدأ العدوان البربرى الأخير على القطاع بعد هجمات السابع من أكتوبر، ونحن نسمع عبارة واحدة على ألسنة الجميع (التاريخ لم يبدأ فى السابع من أكتوبر).

حسنا كل من قال ذلك محقٌ تماما!

وأنا بصفتى السابق ذكرها أقول.. إن تاريخ مصر مع جيرانها وحدودها الشرقية تحديدا أيضا لم يبدأ عام ١٩٤٨م، ولا بدأ مع مولد القومية العربية فى الستينات، ولا بدأ مع الغزو العربى! تاريخ مصر كدولة محددة الكيان والحدود والمؤسسات والعاصمة والشخصية بدأ منذ خمسة آلاف عام كاملة مكتوبة وموثقة!

طوال هذه الآلاف الخمسة من الأعوام دفعت مصر أثمانا باهظة من دماء أبنائها ومقدراتها الاقتصادية وسلامة أراضيها واستقلالها، فقط للدفاع عن حدودها الشرقية!

ولم يكن ذلك ضد كيانٍ صهيونى عمره عدة عقود من الزمن، لكن كان ذلك دائما ضد أخلاطٍ من القبائل اتفقوا معا ودائما على سرقة قطعة من أرض مصر، وتعاونوا على الإثم والعدوان ضد مصر بمساعدة كل جيشٍ قرر غزوها من ثغورها الشرقية!

وفى عشرات المرات كانت هذه القبائل مزيجا من قبائل أعرابية وعبرية!

ظلت مصر تدفع هذه الأثمان حتى العصور الحديثة، وحتى انتشار مقولة بعض الأصدقاء والأشقاء (سنقاتل حتى آخر جندى مصرى!)

ثم كانت آخر الصفعات الحديثة جدا فقط منذ أعوامٍ قليلة، وبعد أن ساهم بعض هؤلاء الهاتفين فى محاولة إسقاط مصر، ساعتها تلقت مصر الشريفة المخلصة الصابرة طعنات مؤسفة أتتها من نفس الحدود الشرقية، ولا تزال أمهات شهدائنا وأبناؤهم وذووهم أحياءً يجترون مرارة الغدر!

لذلك قررت الدولة المصرية – بشعبها ومؤسسات حكمها – أن تقوم بحقها المشروع فى حماية أراضيها، دون أن تغير أخلاقها أو تتنكر لمبادئها.

ابتلعت غصتها ومدت أيديها للجيران منذ سنوات قليلة رغم ألمها ورغم تخلى كل من هتف، وكل من وقف أمام كاميرات التصوير التليفزيونى من نشطاء وزعماء ميكروفونات ورؤساء حكومات وشيوخ قبائل!

وهذا ليس ادعاءً بل حقيقة سمعتها بأذنى من شخصية كبيرة من أهل القطاع بعد آخر عدوان منذ عدة سنوات، حيث قال لى حرفيا إن فلانا وفلانا وفلانا وبعد أن سجلوا أمام الكاميرات وعدوهم بدعم القطاع بمبالغ معينة، لم يدفع أحدهم دولارا واحدا وتحملت مصر كل شىء!

إذن فمصر – شعبا وحكومة – تستطيع تماما أن تفرق بين مشاعرها المكلومة وبين أخلاقياتها ومبادئها، وتعرف أيضا الفروق بين الالتزام بهذه الأخلاق وبين التفريط فى شرفها الوطنى بأن تقوم طائعة بتسليم ثغورها للطامعين أو المتواطئين!

(٣)

إسرائيل تدعى أن مصر هى التى تغلق معبر رفح وتمنع وصول المساعدات! الادعاءات الصهيونية متسقة تماما مع أهدافها المعلنة الصريحة الوقحة بالضغط على مصر لإجبارها غلى فتح حدودها لطرد سكان القطاع إلى سيناء!

ومصر تعلم ذلك جيدا كما يعلمه الجميع إلا هؤلاء الذين هتفوا وصرخوا وتطاولوا وانضموا إلى صوت بنى صهيون فى الضغط على مصر! هذه هى الحقيقة دون تحرج!

الكيان الصهيونى يريد من مصر أن تترك حدودها مشاعا مباحا.. والذين هتفوا وتطاولوا يريدون ذلك!

فما هو الوصف اللائق لمن توحدت هتافاتهم مع ادعاءات الكيان الصهيونى فى التوقيت وفى العبارات؟!!

منذ اليوم الأول تعلم مصر هذا السيناريو، وأعلنت على لسان قيادتها العليا أنها لن تسمح بذلك، وأن معبر رفح المصرى مفتوح طبقا للقانون المصرى وآليات العمل المتوافق عليه قبل ذلك!

وحتى لا ننسى أو يحاول الموهومون أن يلقوا بالضباب على الحقيقة، فمصر هى الى أجبرت الجميع على إدخال المساعدات للقطاع، ولولا موقفها لما دخلت علبة دواء ولا زجاجة مياه واحدة إلى هناك!

فكل قادة العالم الغربى الذين هرولوا إلى القاهرة فى الأيام الأولى لم تكن هرولتهم خوفا على أهل القطاع، ولا حرصا على حياتهم، بل ولم يكن حتى خاطر إدخال مساعدات إنسانية مطروحا أمام ضمائرهم.. وكانت هرولتهم خالصة لوجه الشيطان الذى أوحى إليهم بالوهم الأسود بأن الفرصة سانحة لإجبار مصر على التفريط فى سيادتها!

مصر هى التى رجمت الشيطان وجها لوجه وعلى الهواء مباشرة وألقمته الجمرة تلو الجمرة وفضحت وجهه وأسقطت أقنعته!

مصر - التى يتهمها بعض الموهومين والمتآمرين ممن يحملون بطاقة هويتها – هى التى أجهضت المؤامرة، وهى التى أبقت هذه القضية للمرة الألف على قيد الحياة!

ولولا موقفها هذا لما كان لما تفعله كل كتائب المقاومة أى قيمة، لأن المشهد كان سيختلف لو سمحت مصر للمؤامرة بالاكتمال وفتحت حدودها سداح مداح، واندفعت كتل البشر للداخل المصرى! ساعتها كانت ستنتهى القضية تماما وكانت إسرائيل ستنسف القطاع نسفا بمن فيه من مقاومين ورهائنها أنفسهم، وكان الجميع ساعتها سيتهم مصر بالخيانة!

(٤)

الذى كان يهتف هناك كان واحدا من ثلاثة، إما أنه كان من طائفة الموهومين الذين لا يعرفون المعلوم بالضرورة من التاريخ والحق والوطن، أو كان متآمرا صريحا من مطاريد الجماعة الإرهابية، أو كان من الملطخة أيديهم ووجوههم بمشاهد أخلاقية وطنية مشينة وكمنوا لسنوات متحفزين لأى مشهد يحاولون من خلاله غسل أيديهم ووجوههم ولو كان هذا الغسيل على حساب الوطن ذاته!

الموهومون فى مصر كُثر نقرأهم على صفحات السوشيال ميديا، وأحيانا نقابلهم وجها لوجه ونناقشهم فى أوهامهم وجهالاتهم، وأخيرا سمعنا صراخهم المتشنج!

فى أوقات الأريحية والاسترخاء العام يمكن أن بتسع المقام للمعذورين بالجهل. لكن فى أوقات الحسم والفرز وتحديد مصائر وأقدار الشعوب والأوطان لا مكان أو مقام لهذه الطائفة، وعليهم أن يتنحوا جانبا ويعالجوا جهلهم بالعلم قبل أن يحاولوا فرض جهلهم على أوطانهم!

لا عذر بجهلٍ، ولا صوت لغير صوت الدولة فى أوقات الخطر والقرارات الكبرى! عفوا فهذه هى الديمقراطية كما شاهدناها وعاصرناها منذ عام ١٩٩٠م وحتى الآن!

وعلى طريقة المشهد الهزلى فى الفيلم الأكثر منه هزلية يقول الممثل فى كل مشهد ( فى أوروبا والدول المتقدمة..)

وأنا أقول بناءً على ما عاصرناه (فى أوروبا والدول المتقدمة تقوم الحكومات الديمقراطية حين تتخذ قراراتها الكبرى بركل المواطن الذى ترى أنه يسير عكس أمنها القومى على مؤخرته بالقانون!)

فهذا ما فعلته عجوز أوروبا الشمطاء مع مظاهرات شعبها المليونية ضد قرارها بالسير خلف بلطجى العالم الأول فى غزو العراق! فالقانون يقول إن رئيس الحكومة ذا الأغلبية هو فقط رب القرار الأول والأخير طالما يتدثر بقوة البرلمان، وبمدة انتخابه، وليذهب الجميع إلى الجحيم!

حدث هذا فى مشهد استعمارى لدولة استعمارية، فما بالنا بدولة تحافظ على حدودها وتحمى سيادتها؟!

هذه هى الديمقراطية.. والسيد عبد الفتاح السيسى هو المسئول دستورا وقانونا بصفتيه رئيس الجمهورية وقائد القوات المسلحة عن حماية الحدود المصرية واتخاذ ما يلزم لذلك من قرارات بعد الموافقة عليها من مجلس النواب. وقد قمنا نحن المصريين بانتخابه لمدة ست سنوات أخرى حتى عام ٢٠٣٠م سيكون خلالها أيضا لديه نفس المسئولية والحق!

وأى تطاول  أو ادعاء عليه أو على أى مؤسسة مصرية سيادية، فعلى المدعى أن يقدم أدلته أو أن يُحاكم طبقا للقانون المصرى!

فعلى الموهومين فى مصر أن يتعلموا تاريخ بلادهم أولا حتى يعلموا أين يضعون أقدامهم ومتى يرهقون حناجرهم!

وعليهم أيضا أن يقرأوا الدستور المصرى والقانون المصرى ليعلموا ما هى حقوقهم، وما هى واجباتهم وماذا تعنى المسئولية الجنائية عما يفعله أحدهم وقت الحرب!

(٥)

أما المتآمرون والباحثون عن غسيل السمعة الوطنية القذرة، فهولاء لا يعنيهم هذا الوطن ولا غيره سواء غزة أو فلسطين فى شىء! فالمتآمرون قد كفروا منذ زمن بفكرة الوطن وأعلنوا هذا الكفر صراحة ولا معنى لأن نحدثهم عن دينٍ هم لا يؤمنون به!

والباحثون عن وسيلة لغسل شرفهم الوطنى لا يكترثون لو كان الثمن اشتراكهم أو اقترافهم جرائم أخرى!

حرق المجمع العلمى جريمة تقشعر لها أبدان الأسوياء فى أى وطن! جريمة وطنية وتراثية وأخلاقية تثبت أن مرتكبها لا سقف لسقوطه! فمن العبث أن تخاطب فى هؤلاء حسا وطنيا أو حتى ضميريا! فلو كان لديهم بقايا منطق أو ضمير – بعيدا عن قيم الانتماء الوطنى – لاتسمت مواقفهم بالعدل ولخجلوا من صورهم فى المرآة وهم يتهمون الدولة - الوحيدة الشريفة على أرض الواقع منذ العدوان الأخير – بعكس ما قامت به!

(٦)

إن أخطر ما يجب التوقف عنده وتسليط الضوء عليه هو أن تهتز وتختلط فكرة الوطن عند البعض تأثرا بمشهدٍ هنا أو هناك..

وحتى نقف جميعا على أرض الحقيقة دون أوهامٍ أو دجل، أقول بصراحة.. هل تعتبرون قضية فلسطين قضية عربية قومية أم دينية، أم عربية قومية ودينية معا؟

لو كنتم تعتبرونها قضية عربية قومية وتدفعون باتجاه توريط مصر وجيشها بها، فكلمتى كمواطن مصرى هى أننى أوجه دعوة لمن يطلقون على أنفسهم ألقاب نشطاء أو مناضلين لكى يقوموا بتحريك عشرين دولة عربية على الأقل وليجمعوا منها مجتمعة عدة آلاف من خيرة رجالها العسكريين ضباطا وجنودا، ولتفتح الدول العربية خزائنها على مصراعيها، ولتقم تلك الدول بتجييش الجيوش وتعلن حالة الحرب مجتمعة.. ساعتها فقط ستنضم مصر إليكم استعمالا لحقها المشروع فى أن تكون ولو مرة واحدة فى تاريخها المعاصر آخر من يعلن الحرب!

ولو كنتم تعتبرونها قضية دينية فإننى أدعوهم إلى تنفيذ نفس المطلب لكن بأعداد وإمكانات أكبر تتخطى مئات الآلاف من الضباط والجنود ومليارات الدولارات..

وأن تستنهضوا الدول الغربية المسيحية التى كانت لا تمل من إرسال حملاتها الصليبية فتناشدونها لإرسال حملة صليبية لتحرر قبر السيد المسيح (س) وسائر المعالم المسيحية من قبضة الصهاينة البرابرة!  

وبالتوازى أن تناشدوا كل دولة إسلامية ترى فى نفسها رمزا أو ذات شأن فى العالم الإسلامى بأن تأخذ على عاتقها مهمة تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين!

ولو استطعتم فعل ذلك فنعدكم أننا سننضم لصفوفكم لنقنع الدولة المصرية بأن تنضم للركب المسلح المقدس!

(٧)

كما كان واضحا تماما فقد ضم المشهد بقايا متحف الشمع الاشتراكى، ويافطة خيبر خيبر يا يهود جيش محمد (ص) سوف يعود!

الهتاف الذى هتف به الهاربون من متحف الشمع الاشتراكى به تحريض للدولة المصرية على إلغاء اتفاقية كامب دايفيد!

ألم أقل لكم إن هذه التماثيل الشمعية هاربة من التاريخ!  

إنهم يلوثون اسم الراحل عبد الناصر ويدعون عليه بما لم يكن فيه! فالرجل كان قائدا مصريا من الطبقة الكادحة غير وجه مصر كثيرا، تأثر بمحنته فى الفالوجا وأخذته العاطفة بعيدا بعض الشىء فبالغ فى إلزام مصر بواجبات قومية. لكن غايته كانت مصر والدفاع عنها وحمايتها. وما أخطأه عبد الناصر صوبه السادات! وما أخطأ به السادات – حين فتح أبواب مصر للجماعات المتطرفة - وعجز عن تصويبه مبارك رغم محاولته يقوم السيسى بتصويبه. فهؤلاء من حكام مصر الوطنيين هم سلسلة متتابعة يستكمل أحدهم السلم بعد الآخر، ومعهم نضجت مصر المعاصرة!

تمسك مصر باتفاقيات كامب ديفيد لا ينشأ من عشق وغرام مصرى سرى ببنى صهيون كما يحاول البعض أن ينشر بين المصريين ليضللهم ويزعزع ثقتهم ببلادهم. لكن تمسك مصر بهذه الاتفاقات هو من تمام تمسكها بشخصيتها وأمنها القومى.

ويمكن لمصر فى أى وقت أن تبقى ما تشاء وتلقى إلى سلة المهملات ما تشاء من اتفاقيات حسبما يمليه عليها قانونها وضميرها ومصالحها تماما كأى دولة مستقلة ذات سيادة. فهو حقٌ خالص لمصر دون غيرها.

لقد دفع المصريون ثمن الحرب وأيضا ثمن السلام، فلم تحصل مصرُ على أى شىء بالمجان حتى من الأشقاء والأصدقاء، لذلك فهى وحدها من تقرر لنفسها لأنها لم تقم بأى شىء فى الخفاء، بل كانت كل قرارتها على رءوس الأشهاد لأنها قرارات شريفة!

(٨)

اما هتاف خيبر خيبر يا يهود جيش محمد (ص) سوف يعود، فجيلى ومن هم أصغر أو أكبر قليلا يعلمون تماما متى وكيف ولماذا تمت صياغة هذا الهتاف..

وبشكل حقيقى جاد أود أن أقول لمن كان يهتف بهذا الهتاف أو يحمل تلك اللافتة.. (دى بلدى أوى يا حسين.. إنت بجد أديم أوى!)

لقد انتهى هذا العهد من العبث بالعقول المصرية ولقد فقدت هذه (الاشتغالة التاريخية) مفعولها وأصبحت بضاعة فاسدة تماما!

أربعة عقود كاملة كانت بضاعة رائجة فى المساجد والجامعات ومراكز الشباب والزوايا وعلى أرصفة المساجد! وبصراحة فقد أتت أكلها وثمارها فى مصر وأخرجت لنا ملايين من المغيبين الذين انتظروا أن يأتى لهم محمد مرسى وجماعته الخائنة المجرمة بجيش محمد (ص) ويحرر القدس!

لكن حسين الذى يحمل اللافتة يشبه تماما الواقفين بجواره من الهاربين من متحف الشمع الاشتراكى! فهو ومن يهتفون هذا الهتاف هاربون من مشفى عقلى كبير عنوانه أن الجماعة سوف تعود لحكم مصر!

لا حماس ولا الجهاد الإسلامى ولا أى فصيل فلسطينى أو غير فلسطينى يمثل جيش محمد (ص) لأن صحابة النبى (ص) رضوان الله عليهم – الذين تكون منهم جيشه- قد ماتوا ولن يعودوا للحياة مرة أخرى!

ولأن وجودهم فى الحياة كان حدثا استثنائيا مثلهم مثل وجود القديسين وقبل هؤلاء وأولئك، فإن وجودهم كان استثنائيا مثل وجود الأنبياء للقيام بدور محدد فى تاريخ الإنسانية.

بعد عصور هؤلاء وأولئك فكلنا بشر وتحكمنا قوانين عامة، أهمها فيما نحن بصدده أن كل شعب تقع أرضه تحت الاحتلال له الحق قى المقاومة والدفاع عن أرضه. سواء كان هذا الشعب مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو حتى وثنيا!

جيش محمد (ص) لن يعود لأن كل ما قيل فى ذلك محل شك أقرب للأساطير الدينية، وسورة الإسراء براءٌ من هذا الدجل! تماما مثل أسطورة الصهيونية الاستعمارية.. (اشتغالة) تم بمقتضاها احتلال فلسطين!

كل الجيوش التى تقوم بواجبها بما يرضى الله وعلى حسب قيم العدل هى تشبه جيش محمد(ص). الجيوش التى تدافع عن أرضها وشعبها وتلتزم بما وقع عليه أولو الأمر من التزامات قانونية هى بلا شك تشبه جيش محمد (ص) بمعناه الأخلاقى الحقيقى!

(٩)

علموا المصريين تاريخ بلادهم بشكل حقيقى عميق يتناسب مع عمق هذا التاريخ ذاته. علموهم معنى الوطن بشكل صحيح. علموهم أن تشابه اللغة والدين لا يجعل الشعوب والدول كيانا واحدا!

فلكل وطن هوية وتاريخ وطموحات ومستقبل مختلف تماما عن أى وطن آخر!

مصر دولة محددة الحدود منذ خمسة آلاف سنة وكل فترات احتلالها لم تغير من حدودها وهويتها.. الاحتلالات المتعاقبة كانت تجعلها ولاية فى كل امبراطورية، لكنها لم تغير موقعها الجغرافى أو تغير حدودها أو شخصيتها..

المؤسسات المصرية الدستورية هى وحدها صاحبة الحق والواجب فى التصدى للأخطار الحالية وصيانة استقلال البلاد، ومن حقها أن تتخذ من الإجراءات ما يحقق لها القيام بهذه المسئولية. وحتى أكون واضحا أنا لا أتحدث هنا عن تحريض للدولة للقيام بإجراءات بعينها ضد حرية التعبير، لكننى أتحدث عن الإجراءات والقرارات المتعلقة بالحدود.

أما مهمة التصدى للموهومين والمتآمرين والباحثين عن غسل سمعتهم وتاريخهم الوطنى غير الشريف، فهذه مهمة كل من يحمل بطاقة هوية هذه البلاد ولديه ما يقوله!.