رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى رحيله.. كواليس الأيام الأخيرة فى حياة على الكسار

علي الكسار
علي الكسار

اشتهر علي الكسار، والذي غادرنا في مثل هذا اليوم الموافق 15 يناير من العام 1957، حيث يكون اليوم ذكرى رحيله، بلقب “بربري مصر الأوحد”، ولعل شخصية “عثمان عبد الباسط”، من أشهر الشخصيات التي ابتكرها خلال مشواره الفني.

عثمان عبد الباسط يتخذ من اسم عائلة والدته لقبا له

وعلي الكسار، اسمه الحقيقي علي خليل سالم، ولد في حي السيدة زينب العريق بالقاهرة، واتخذ من اسم عائلة والدته “زينب علي الكسار” لقبا له.

وتنافس علي الكسار مع الفنان نجيب الريحاني، حيث شهدت مسارح شارع عمادالدين في بدايات القرن العشرين منافسة ومباراة تمثيلية بين القطبين، وصلت إلى عناوين أعمالهما المسرحية، فعندما يعلن نجيب الريحاني عن مسرحيته “إش إش”، يرد عليه علي الكسار بمسرحيته “ولو”.

وبدأ علي الكسار، مشواره الفني عام 1908 من خلال مسرح “دار التمثيل الزينبي” بحي المواردي، وكان مالكه تاجر أقمشة يدعي “فؤاد السويسي”.

يصفه الفنان زكي طليمات بأنه: “ممثل نشأ من طينة الشعب، وبقي طول حياته يمثل للشعب”.

 ويضيف “طليمات” عن ذكرياته مع علي الكسار في الصورة القلمية المنشورة بمجلة الكواكب الفنية: “أذكر آخر لقاء جري بيني وبين علي الكسار بدار المسرح الشعبي بالمبني الذي تشغله مصلحة الفنون، وكان الكسار قد أصبح عضوا بهذا المسرح منذ ثماني سنوات، بعد أن اضطر إلى تسريح فرقته التي ظلت تحمل اسمه وتعمل بلا انقطاع أكثر من عشرين عاما. كان يعمل ليكسب قوت يومه، وكان من قبل يمنح القوت لعشرات الممثلين والممثلات في فرقته، وكان يعمل، ولكنه يحس أنه لا يعمل”.

ويمضي “طليمات” في حديث الذكريات عن علي الكسار، قائلا: "كنت أتقدم نحوه وقد أنشغل بحديث مع زميل له، وعلى قدر ما يكون صوت الكسار عاليا وصداحا فوق المسرح، فإنه يكون خافتا ومتواريا في حديثه مع الناس، حتي أنك لتتساءل من أين يستعير ذلك الصوت العالي فوق المسرح، وهل هو شخصية واحدة أو اثنتان؟ لهذا لم يصل إلى سمعي عن هذا الحديث إلا العبارة الأخيرة: "أهو المشمش قرب يطلع"، ومددت يدي الاثنتين أصافحه بهما علب عادتي، قائلا: "انشاالله تكون مبسوط"، فرد: "يفتح الله.. الانبساط في الحتة دي ممنوع، والزعل مرفوع، ويبقى فاضل إيه"، وأشار إلى الكرسي الذي إلى جانبه، ثم جلس هو على كرسي آخر وهو يغمغم: "أهو مبسوط زي الكرسي ده”.

وتابع: “اتجهت بنظري إلي الكرسي المبسوط الذي جلس عليه، أنه كالح اللون، أرجله تتداعى ثم تعود فتكابر وتشد قامتها، وارتفع نظرى إلى من يجلس عليه، فإذا هو والكرسي علي حالة واحدة، مع الفارق بين الجماد والإنسان”.

ويضيف زكي طليمات عن لقاءه الأخير بالفنان علي الكسار: “فجأة اسدار نحوي وقال: بقي أسمع، أنت اللي جبتني المسرح الشعبي، فقلت له: أيوة علشان يتشرف بوجودك، يتشرف، أومال أنت هربت منه ليه بعد أربعة شهور وكنت مديره العام؟”.

ويستدرك “طليمات”: “لم أجد مخرجا لي من هذا المأزق، إلا أن أذكره بما قاله هو في وصف المسرح الشعبي، فأطرق الكسار مفكرا ثم رفع رأسه وقال: شوف لك طريقة أموت بيها علي المسرح، فسألته: وتموت ليه؟ فقال: قرفت من المسرح وباحب المسرح، فقلت: كلنا كده، مادام رضينا نتجوز المسرح، فقال: يخرب بيت دي جوازة، كاثوليكي من غير طلاق”.

ويختتم “طليمات” حديث الذكريات عن علي الكسار: “ثم أطلق ضحكته المعروفة، تلك الضحكة التي أعتبرها النقطة الكبيرة فوق الحرف البارز من شخصيته فوق المسرح. أنها مزيج إنساني عجيب، قوامه الأول سخرية وإشفاق، ورثاء تجري بلهجة أهل الجنوب، ولكن هذه المرة اللهجة لم تكن تفقدها شيئا من الصدق في التعبير، والتأثير علي النفس”.