رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لعبة الاستطلاعات

إسرائيل ممتلئة بالمفاجآت، والحياة السياسية مركز تلك المفاجآت، لا شىء يمكن حسمه، ولا شىء يمكن توقعه، وعلى الرغم من ذلك تحاول استطلاعات الرأى التوقع فى إسرائيل، الاستطلاعات هناك أيضًا مثيرة على نحو خاص.

دائمًا هناك استطلاعات حول كل شىء وأى حدث وأى شخص، كل الجهات الإعلامية تجرى استطلاعات، فى بعض الأحيان تتقارب النتائج، وأحيانًا تختلف، الجمهور الإسرائيلى نفسه يحب الاستطلاعات، هى جزء من حياته، وجزء من تشكيل رؤيته حول الأحداث والأشخاص، وأكثر مما تمثل استطلاعات الرأى العام، فإنها تؤثر على الرأى العام، وسائل الإعلام تجريها بشكل فعال ونشط لاعتبارات التغطية، هذه وسيلتها لتحويل العملية السياسية إلى برنامج واقعى.

فى الأيام الأخيرة كانت هناك مناورة جديدة حول الاستطلاعات، وفى إسرائيل إذا ذكرت كلمة مناورة يكون على الأغلب الحديث عن نتنياهو، رجل المناورات الأول بلا منافس. والاستطلاعات كانت حول حكومته.

فى الأسبوع الأخير من أبريل الماضى، أظهر استطلاع للرأى العام الإسرائيلى، أجرته صحيفة «معاريف»، أنه فى حال تم إجراء الانتخابات الإسرائيلية العامة الآن، ستحصل قوائم معسكر الأحزاب المؤيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على ٥٠ مقعدًا، بينما ستحصل قوائم معسكر الأحزاب المعارضة له على ٥٩ مقعدًا. وفقًا للاستطلاع، ستتراجع قوة قائمة حزب الليكود وتحصل على ٢٣ مقعدًا، بينما ستحصل قائمة تحالف «المعسكر الرسمى» برئاسة عضو الكنيست بينى جانتس على ٢٨ مقعدًا، وقائمة «يوجد مستقبل» برئاسة عضو الكنيست يائير لبيد على ١٧ مقعدًا، شمل الاستطلاع عيّنة مؤلفة من ٥٢٥ شخصًا يمثلون جميع فئات السكان البالغين فى إسرائيل، مع نسبة خطأ حدّها الأقصى ٤.٣٪.

المفاجأة كانت الخسارة الفادحة لنتنياهو، وتراجع لابيد، وعودة جانتس بقوة، فى ستة استطلاعات رئيسية أخرى أجريت الشهر الماضى، ثلاثة من قبل معاريف وواحد لكل من القنوات التليفزيونية ١٢ و١٣ و١٤ أظهرت أن «جانتس» يرتفع فى الاستطلاعات، والخسارة لمعسكر نتنياهو وأحزاب اليمين ويائير لابيد أيضًا.

التراجع الحاد لليكود فى استطلاعات الرأى بعد أربعة أشهر فقط من تشكيل الحكومة هو ما يتصدر عناوين الصحف ويسبب سعادة للمعارضة، إذا أجريت الانتخابات اليوم، فإن الأحزاب المكونة للمعارضة ستكون قادرة على تشكيل حكومة، وإرسال أحزاب الائتلاف الحالى إلى المعارضة، مع تجاهل حقيقة أن انخفاض يائير لابيد هو انخفاض أكثر حدة حتى من حزب الليكود.

الطريف أن بعد الأخبار المتفائلة لليسار الإسرائيلى بهبوط نتنياهو فى الاستطلاعات، كشف استطلاع آخر لقناة «١٤» الإسرائيلية عن حصول الليكود على ٣١ مقعدًا بشكل مقارب للانتخابات الأخيرة، وكذلك حصول كتلة اليمين على ٥٨ مقعدًا مقابل ٥٢ لليسار، بانخفاض ٦ مقاعد عن نتائج الانتخابات الأخيرة التى أعادت نتنياهو إلى الحكم، نتنياهو نشر صورة نتائج الاستطلاع على صفحته الخاصة على انستجرام وقال بالعبرية: شكرًا، فى الاستطلاعات الإسرائيلية لا يجب أن تتفاجأ، ولا أحد يعرف لماذا يجرون استطلاعات كل يومين، ولا أحد يعتبر الاستطلاعات حاسمة، كل شىء يرتبط بنتنياهو يكون غير مؤكد ثم يحدث على نحو غير متوقع. الاستطلاعات تفاجئ الإسرائيليين، ونتنياهو يفاجئ الاستطلاعات.

عندما خرجت المظاهرات ضد قانون الإصلاح القضائى وضد نتنياهو فى الأسابيع الأخيرة، نظم اليمين الإسرائيلى مظاهرة حاشدة تكونت من ٢٠٠ ألف إسرائيلى لتأييد الإصلاح، وعندما تراجع نتنياهو فى استطلاع، تقدم فى استطلاع آخر، هكذا يناورهم جميعًا.. ويوفر لنا مادة مثيرة للكتابة.