رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجامع الأزهر: أمن المجتمعات واستقرارها لن يتحقق إلا بالتراحم والتعاون

د. العواري
د. العواري

قال الدكتور عبدالفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية أصول الدين السابق، إن هناك بعض المعاني التي يجب أن يستشعرها الإنسان حتى يكون إيجابيا وعضوًا فعالًا في المجتمع تدفعه إلى ذلك مشاعر الرحمة التي غرثها الله في قلب الإنسان، فيرحم غيره وينظر إليه بالرحمة والشفقة والتعاطف، وهي من أسس التضامن والتكاتف في المجتمع، بل هي أساس بناء وقيام المجتمعات، وتتلخص في مدنية الإنسان وتآلفه وتعاطفه مع بني جنسه، لأن المبدأ الحقيقي لبناء الأوطان هو التكامل الناتج عن قيم الرحمة والتعاون والتكاتف.

وأكد العواري أن الإنسان متى عرف أن له أخوة تأخذ بيده وتعينه، اطمأن قلبه وعلم أنه ليس بمفرده في هذا الكون، فالمريض منا يحتاج إلى الصحيح والفقير يحتاج إلى الغني والضعيف يحتاج إلى القوي، وهنا يكمن المعنى الحقيقي في تحقيق أمان المجتمعات، لأن الشعور بالأمان يبدأ من أن يشعر الفرد بأنه ليس بمفرده وأن هناك من يشد عضده وقت الحاجة، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "إنما تُنصرونَ وتُرزقونَ بضعفائكم"، لأن المقصود من الأمان ألا يكون بيننا فيها ضعيف حسيا ولا معنويا.

وأوضح عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الدين الإسلامي الحنيف حث أتباعه على تطبيق الرحمة قولًا وعملًا سواء كان ذلك مع المسلم وغير المسلم، فالإيمان يجعل المؤمن شفوقا متعاطفا ورحيما، ولنا في رسول الله ﷺ القدوة والأسوة الحسنة، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قبَّل النَّبِيُّ ﷺ الْحسنَ بنَ عَليٍّ رضي اللَّه عنهما، وَعِنْدَهُ الأَقْرعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشرةً مِنَ الْولَدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُمْ أَحدًا، فنَظَر إِلَيْهِ رسولُ اللَّه ﷺ فقَالَ: مَن لا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ - متفقٌ عَلَيهِ.

وحث المسلمين على أن يعودوا إلى هَدْي الإسلام فيتراحمون فيما بينهم، فمتى ماتت قضية التراحم؛ هبّت عليهم رياح الفرقة والتشتت والحقد والبغضاء فالحق - سبحانه وتعالى - أوصى بالتراحم، فكتب على نفسه الرحمة، والنبي ﷺ قال عن نفسه "إِنّما أنا رَحْمةٌ مُهداة".

وأشار إلى أن أمن المجتمعات واستقرارها لن يتحقق إلا بالتراحم والتعاون بين أفرادها، فالأمة الإسلامية هي أمة الرحمة والتعاون، وهو ما أثبتته الوقائع التي مرت على البشرية في كل مكان، فلم تبلغ أمة شأوا حضاريًا بين الأمم إلا من خلال تمسكها بهذه المعاني الربانية التي أرد الله ان تقوم المجتمعات الإنسانية عليها، لأن تحقق المصلحة العامة وتحفظ المصلحة الخاصة، قال الحق - تبارك وتعالى؛ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ"

وشدد العواري، على ضرورة أن يعود التراحم مرة أخرى بين الناس جميعا، حتى تعود مجتمعاتنا كما كانت في أوج حضارتها التي لم تبلغ هذه المكانة الحضارية إلا بما اشتملت عليه من قيم الرحمة والتعاون، كما يجب أن مجتمعاتنا من شوائب الحقد والبغضاء، فالأحرى بالمجتمع أن يتفيأ ظلال الإسلام ويقتبس منه العلاج الذي يعود على المجتمع بالتراحم والتعاضد حتى يصبح متامسكًا ومترابطًا، فعَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).