رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مصر عتيقة» تتجسد فى 31 لوحة فنية بريشة الفنان شريف عبدالبديع

سيظل الفن طاقة نور يبعث الأمل ويجدد طاقات الإبداع، والفن التشكيلي ليس قاصرًا على من يمارسه فقط، فطاقة الفن للذائقة كما للفنان كلاهما يحدد رؤياه الجمالية من خلال التنوع في التناول.
ولو أردنا أن نساعد مصرنا العظيمة فيجب أن نحدث ثورة ثقافية تملك إدراك الماضي وعظمته وتتطلع إلى آفاق المستقبل، وهذا ما يفعله ابن شيخ النحاتين عبدالبديع عبدالحي، الفنان التشكيلي الدكتور شريف عبدالبديع الذي يمتعنا بأعماله الفنية التي تتناول عبق التاريخ، وتجسد شخصية الأحياء التي عاش فيها ومن بينها حى مصر القديمة أو حى مصر العتيقة التي أطلق عليها.


فخلال الساعات الماضية أقام الفنان التشكيلي الدكتور شريف عبدالبديع معرضًا يضم نخبة متميزة من لوحاته التي تتحدث عن حى مصر القديمة وشخصية الحى آنذاك بجاليري بونتو بالزمالك، يضم 31 لوحة فنية تم رسمها في أوقات مختلفة على مدار عشرين عامًا. 
تتحدث هذه اللوحات عن مصر القديمة وجميع التطورات التي مرت بها فهو يتحدث عن شخصية الحى في تلك اللوحات من تقسيمة الحى وشخصياته والعادات التي كانت توجد به، ثم مراحل التطوير والازدحام الذي طرأ على الحى شيئًا فشيئًا حتى غير بعض ملامحه.


كما جسد في بعض لوحاته العشوائيات التي لحقت بالمنطقة، ونجد بداخل اللوحات حكايات مختلفة منها نرى أشخاصًا يتسامرون مع بعضهم من الشرفات وآخرون يقفون مع بعضهم في الشوارع، فالتكوين به حواديت، وأهم ما يميز تلك اللوحات أن بها عنصر يجمع كل لوحة، وهو شخصية الحى، ولم تخلو اللوحات من الشخصيات الصوفية التي كان يقام لها أضرحة وموالد آنذاك ويلتف الناس حولها.


ويرجع اختياره لاسم معرضه الجديد "مصر العتقية" لأنها من وجهة نظره تختلف عن مصر القديمة لأنها مرتبطة برائحة وطعم وشخصية عبق التاريخ وليست مرتبطة بزمن أي تراكمية تراثية تبني على أشياء، واستخدم في لوحاته الأبيض والأسود فقط، فهذا ينم عن اهتمامه بالفن المصري القديم وتتبعه للمناطر والخيال، وهذا ما اتضح جليًا في التعبير عنه من خلال اللوحات.
شريف عبدالبديع فنان مصري ولد في القاهرة عام ١٩٥٧ بدأ تعلم فن النحت في أتيليه والده الفنان الراحل عبدالبديع عبد الحي حتى التحق بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان عام ١٩٧٦ وحصل على البكالوريوس من قسم النحت عام ١٩٨١ ثم نال درجة الماجستير من نفس الجامعة في ذات التخصص عام ١٩٨٩، عمل مدرسا بجامعة المنيا من ١٩٩٠ حتى ١٩٩٢. ثم سافر إلى فرنسا وظل بها 12 عامًا، وأقيم عدة معارض فينة بها وتعلم التصوير والرسم هناك بجانب النحت.


للفنان شريف عبدالبديع العديد من المقتنيات في دول العالم وفي مصر، منها في متحف الفن الحديث بدار الأوبرا المصرية، وشارك الفنان في العديد من المعارض الفنية الجماعية والفردية، منها: معرض بأتيلييه القاهرة 1991، ومعرض بأتيلييه الفنان  فى فرنسا 1993، ومعرض بجاليرى أمحوتب في باريس 1995، ومعرض بجاليرى كريم فرنسيس 1997، ومعرض بمكتبة بابليون فرنسا 1998، ومعرض أوليمبياد الفنون، سيول، كوريا الجنوبية 1988، وسمبوزيوم أسوان الدولى الخامس للنحت 2000.

ونظرًا لأعمال المتميزة حصل على العديد من الجوائز منها: جائزة جامعة حلوان عام 1981، وجائزة الطلائع عام 1982، والجائزة الثالثة في مسابقة مختار عام ١٩٨٥ وبالنسبة لوزارة الثقافة فقد حصل على الجائزة الأولى عام ١٩٩١، ثم حصل على جائزة صالون الشباب عام ١٩٩١ وغيرها من الجوائز.

وترجع موهبة الفنان شريف إلى الطفولة حيث كان يتجول حول والده شيخ النحاتين عبدالبديع عبد الحي في محيط العمل يلملم القطع المتبقية من نحت والده ويقوم بنحتها وتحويلها إلى تماثيل صغيرة بأشكال متنوعة، على الرغم من أن والده كان يمنعه بقوة في العمل في مجال النحت لأنه كان حريص على أن يلتحق بالجامعة ولا يريد أن يعطله النحت عن مسيرته التعليمية.
الذي لا يعرفه الكثيرون أن والد شريف عبدالبديع الراحل عبدالبديع عبدالحى كان نحاتًا بالفطرة، اشتهر بموهبته فلم يلتحق بالتعليم، ودخل الفن بالفطرة، وتبنت موهبته الراحلة هدى شعراوي، وجعلته يلتحق بكلية الفنون الجميلة قسم النحت ومازالت أعماله تعرض حتى الآن.

ونمى شريف موهبته في النحت من خلال البيئة التي عاش فيها، والمليئة  بالنحت والنحاتين، فكان أصدقاء والده يأتون البيت ويجلسون معه يتبادلون الخبرات والعمل في النحت، لذا اهتم جيدًا بهذا الأمر، فإنه الابن الوحيد من بين أشقائه الذين اهتموا بالفن والمعارض، وبيئة والده هى التي دفعته لحب النحت.

وتعود أولى أعماله الفنية إلى العام 1968 حيث قام المركز الثقافي التشادي في مصر بتنظيم معرض للفن التشكيلي الذي أقامه الراحل أحمد فؤاد سليم بالمركز التشكيلى، لأبناء الفنانين التشكليين، فشارك شريف بعمل فني وهو في سن العاشرة من عمره، وأعجب بالحالة التي وجدها من الحاضرين الفنانين في مختلف أنواع الفنون ودفعته الحالة التي شاهدها لاستكمال مشواره في الفن التشكيلي على حد قوله.

الفنان شريف عبدالبديع أكد مرارًا تكرارًا خلال لقاءاته بأنه لا ينتمي لأى مدرسة فنية، ودائمًا ما نجد في أعماله الفنية من لوحات أو نحت شيء إنسانى أو تشخيصى، ويعتمد في أعماله على التحليل والخيال، ويفضل أن يجمع في عمله عدة عناصر حتى تستمر الحالة ويظل المعنى واحدًا في ذهن المتذوق العربي.