رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة البحر الأسود: كيف تشكل القوات الروسية فى القرم تهديدًا لـ«أوروبا»؟

القرم
القرم

مثلما تنعكس الحرب في أوكرانيا على العالم كله، والغرب على نحو خاص، فإن أيضاً التواجد الروسي في شبه جزيرة القرم والتحركات العسكرية الروسية فيها تترك انعكاسات على كافة الأطراف، وترسم بشكل أو بآخر خارطة السنوات القادمة في أوروبا.

الوضع فى «القرم»

في 18 مارس 2014، نتيجة لما يسمى "استفتاء وضع القرم" (في 16 مارس 2014)، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم، الواقعة داخل الوحدات الإدارية الأوكرانية، وأدرجتها بشكل غير قانوني في الاتحاد الروسي المعني بحقوق رعايا الاتحاد- "جمهورية القرم".

لم تعترف أوكرانيا ولا الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة بنتائج "الاستفتاء"، فيما اعتبرت المنظمات الدولية ضم شبه جزيرة القرم غير قانوني، وأدانت تصرفات روسيا بفرض عقوبات عليها، فيما اعتبرت روسيا "القرم" قاعدة عسكرية روسية وعززتها بالمزيد من العسكريين.

التواجد العسكري الروسي الُمكثف في القرم، حوّل واحدة من أجمل الأماكن في أوروبا إلى بؤرة تهديدة لـ"أوروبا"، وبالنسبة لروسيا فإن القرم أصبحت- بجانب أنها قاعدة عسكرية- هي نقطة انطلاق لاستيراد ونقل القوى العاملة والمعدات العسكرية إلى الأراضي المحتلة الأخرى في أوكرانيا.

بؤرة تصعيد

خلال الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت "القرم" بؤرة تصعيد، الذي ازدادت حدته خلال الأسابيع الأخيرة، إذ شهدت القرم أحداثا متتالية، ففي يوم 9 أغسطس وقعت انفجارات في قاعدة ساكي الجوية الروسية في نوفوفيدوريفكا، ثم تم تدمير طائرة عسكرية روسية تزيد قيمتها على 300 مليون دولار، وبعدها بأيام وقعت انفجارات في منطقة قريتي ميسكي وآزوفسكي، التي تبعد 25 كيلومترا عن دجانكوي التي تحتلها روسيا، فيما وقع أربعة انفجارات في مطار بلبيك العسكري الواقع بالقرب من سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم. في الوقت الذي تشير فيه السلطات الروسية إلى أن حالات التفجير وقعت بسبب "إهمال" الجنود والأفراد في المنشآت التي حدثت فيها "حالة الطوارئ"، إلا أن تقارير غربية أكدت وجود تصعيد في شبه الجزيرة.

بالإضافة إلى الضربات الصاروخية، هناك عدد كبير من التحركات الحزبية على أراضي القرم تقوم بأنشطة تخريبية ضد السلطات المحلية والمنشآت العسكرية للجيش الروسي، ويزداد الحديث عن التوتر المحلي بين السكان في القرم بسبب الحرب وانعكاساتها عليهم.

التصعيد في القرم أثّر على حياة السكان المحللين، إذ اضطر أصحاب العقارات في شبه جزيرة القرم إلى مغادرتها، في عدة أماكن مثل سيمفيروبو، إيفباتوريا، يالطا، ساكي، ومدن أخرى. حيث تعرض الوكالات العقارية في القرم على سكان شبه الجزيرة بيع ممتلكاتهم مقابل مبالغ متدنية، كما غادر وزير الزراعة يوري ميغال شبه الجزيرة لأنها غير آمنة في شبه جزيرة القرم.

تهديد لـ«أوروبا»

الوضع السيئ في شبه جزيرة القرم يشكل تهديداً ليس فقط للسكان المحليين وأوكرانيا، ولكن لـ"أوروبا "ككل، وبإمكان الحرب والتوتر في تلك المنطقة أن يؤثرا على الاستقرار العالمي، فالتهديد في القرم سينعكس بدوره على الوضع في منطقة البحر الأسود الذي يقع على مفترق طرق مهم بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، حيث يحتل موقعاً استراتيجياً هاما بين جنوب شرقي أوروبا، ويمتد حتى روسيا وجورجيا في آسيا، وتطل عليه أربع دول أخرى هي: تركيا وبلغاريا ورومانيا وأوكرانيا، ويرتبط بالمحيط الأطلنطي عبر البحر المتوسط، حيث يربطهما مضيق البوسفور وبحر مرمرة وبحر إيجه في الجزء الجنوبي الغربي.

كما يرتبط "البحر الأسود" شرقاً ببحر آزوف من طريق مضيق كيرتش، وإضافة إلى خطوط أنابيب النفط والغاز وكابلات الألياف الضوئية التي تمتد على طول قاع البحر، تمر مئات السفن على السطح حاملةً الأشخاص والبضائع يومياً، فهو الجسر بين الشرق والغرب ومنطقة تهديد واستقرار دول البحر المتوسط.