بحر السعادة

السعادة قرار.. ربما لم يدرك أهالينا المصطافون فى شاطئ المندرة بالإسكندرية هذه الحكمة، ولم يلتفتوا إليها من الأساس، لأن البحث عن البهجة بالنسبة إليهم أمر نابع من داخلهم، فكل السعادة قد تكمن فى بعض المرح البسيط وسط هذه الأمواج، دون تكلف أو مظاهر خداعة.

وحين تنظر إلى الشاطئ وترى كل هذه الأعداد من المصطافين وقد غطت أجسادهم مياه الشاطئ، قد تتساءل: كيف يشعر هؤلاء بالفرحة وسط هذا التكدس؟ ربما تجد الإجابة بمجرد أن تطأ قدماك أرض الشاطئ، حيث المصريون البسطاء الذين طالما كانت الإسكندرية حلمًا لهم، يفكرون فيه وهم فى بلدانهم وأقاليمهم البعيدة، وها هم يمسكون هذا الحلم بأيديهم، فالأرض وما عليها من رمال ومياه متسع لهم يفرحون فيه، دون أن يطالبهم أحد بثمن تذكرة دخول أو كارنيه عضوية فى ناد ساحلى أو رسوم للسباحة وركوب الأمواج، فالشاطئ هنا مجانى والدخول إليه ببطاقة الرقم القومى لا أكثر.

من يدقق جيدًا فى هذه الوجوه يرى صورة مصر الحقيقية، سُمرة أهلها وملامحهم البسيطة النقية، وأحلامهم التى لا تتجاوز حدود بساطتهم، وأبناؤها الذين يسعون فى الأرض بالخير والعمل الجاد، فيجنون أقواتهم بعرق أجبنتهم، ويعيشون وتضرب بهم الأمثلة فى «الجدعنة»، ويلاحقون السعادة أينما تكون.