رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللهو الخفي.. من المنوفية إلى تنظيم القاعدة

سيف العدل.. اسم يتداوله العالم الآن بترقب شديد وربما بخوف أيضًا.. هو لقب يخص محمد صلاح الدين زيدان.. مصرى آخر خرج من وادينا الطيب إلى جماعات الشيطان.. قد يكون هو قائد تنظيم «القاعدة» فى المرحلة المقبلة بعد مقتل أيمن الظواهرى، القائد السابق، فى غارة أمريكية منذ عدة أيام، فهو أحد المرشحين بقوة.

يبلغ من العمر حوالى ٦٠ عامًا.. وكان من بين مؤسسى تنظيم «القاعدة»، ويقال عنه إنه شارك فى التخطيط والإعداد لهجمات ١١ سبتمبر.. عُرف عنه أنه الرجل الثالث فى القاعدة والثانى بعد مقتل بن لادن عام ٢٠١١.. رغم أنه أبدًا لم يكن يومًا فى دائرة الأسماء المشهورة للتنظيم، فكان دائمًا فى الظل، يعمل خلف الكواليس.. ولكن يبدو أنه كان حتمًا يتم تجهيزه منذ زمن طويل ليجلس على عرش التنظيم الإرهابى القديم الذى أسسه أسامة بن لادن، فمن المعروف أن التنظيمات والجماعات الإرهابية دائمًا لديها شخص جاهز لتولى قيادتها، لأنها تعلم جيدًا أن الزعماء دائمًا مهددون ومعرضون للقتل فى أى لحظة أو القبض عليهم، وأن مقتل أو اعتقال الأمير أو القائد يصنع ارتباكًا ما فى صفوف التنظيمات، وقد يؤدى هذا إلى انشقاقات وصراعات على الخلافة، وهو ما يجعلها تدرك أهمية هذه اللحظة على مستقبل جماعاتها فيكون لديها دائمًا بديل يجرى إعداده مسبقًا.

وحسب موقع وكالة «FBI»، فإن سيف العدل تاريخ ميلاده غير محدد بدقة، فهو إما من مواليد ١١ أبريل ١٩٦٠ أو ١٩٦٣.. كما أن اسمه الحقيقى الكامل غير معروف أيضًا، لأنه كان دائم الاختباء خلف أسماء مستعارة وحركية كثيرة، منها: محمد إبراهيم مكاوى، إبراهيم مدنى، سيف العدل.

أى أنه كما نقول «اللهو الخفى» الذى ينحدر من محافظة المنوفية بمركز شبين الكوم، وتخرج فى كلية التجارة، ثم تلقى تدريبات عسكرية مما أثر بشكل كبير فى أساليبه فى القتال ووضعه خطط الهجوم، كما أنه خبير فى المتفجرات، وكتب عنه خبير فى شئون التطرف وضابط سابق فى مكتب التحقيقات الفيدرالى «FBI»، فى تغريدة، أنه «آخر السلالة الأصلية، أنه فعال، لا يرحم»، وأنه جندى محترف يملك خبرة كبيرة فى الجهادية العالمية، وأن جسده يحمل ندوب معارك مختلفة، وأنه يتمتع بمستوى عالٍ من التعليم ويتحدث الإنجليزية بشكل جيد، فى حين أنه يمتلك لسانًا لاذعًا وقد لا يتردد فى أن يهدد بالعنف أى شخص يضايقه، وأنه يواجه عدم الولاء بقسوة.

انضم سيف العدل فى الثمانينيات إلى جماعة الجهاد، وقُبض عليه عام ١٩٨٧ فى قضية محاولة إعادة إحياء تنظيم الجهاد لقلب نظام الحكم فى مصر، والتورط فى محاولة اغتيال وزير الداخلية حسن أبوباشا، وأفرج عنه بعد ذلك لعدم كفاية الأدلة، وفى ١٩٨٩ هرب إلى السودان، ويقال إنه التقى هناك أسامة بن لادن ثم سافر بعدها إلى أفغانستان وانضم إلى تنظيم «القاعدة».. ولأنه خبير فى المتفجرات فقد كان رئيس قوة الأمن الشخصى لـ«بن لادن» منذ التسعينيات، ولعب دورًا أساسيًا فى تدريب أعضاء «القاعدة» عسكريًا فى عدة دول، منها الصومال وأفغانستان، وتتهمه واشنطن بأنه أنشأ معسكرات تدريب فى كل من السودان والصومال وأفغانستان، وبالضلوع فى تفجيرات سفارتيها فى نيروبى ودار السلام عام ١٩٨٩، وتتهمه أيضًا بأنه قام بإعداد بعض خاطفى الطائرات فى هجمات ١١ سبتمبر، كما ظهر على قائمة أبرز الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالى، ووضعت واشنطن مكافأة قدرها ١٠ ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات تؤدى إلى اعتقاله. 

وفى دراسة لمركز مكافحة الإرهاب فإن نظرة التنظيم لكل من الظواهرى، الذى كان يفتقد كثيرًا لكاريزما بن لادن، وسيف العدل مختلفة، فإن عناصر التنظيم ترى أن سيف كان عضوًا مخلصًا لـ«بن لادن»، وقائدًا عسكريًا واستخباراتيًا ساعد فى تحويل القاعدة من عصابة فضفاضة من ميليشيات مناهضة للسوفيت إلى منظمة إرهابية هى الأكثر فتكًا فى العالم، على النقيض من ذلك كان الظواهرى متطفلًا والقائد الفاشل.

إذن هو من وضع أسسًا جديدة للقاعدة، حيث إن التنظيم كان مجرد ميليشيات عشوائية، ولكنه استنادًا إلى خبرته العسكرية نظم هذه الميليشيات بشكل مختلف، وقام ببناء ووضع تكتيكات جديدة، ووضع أسسًا وقواعد استفاد منها عناصر التنظيم وكذلك تنظيمات إرهابية أخرى، مثل التدريب على المواجهات وتطوير استراتيجيات الاغتيالات وتنفيذ الهجمات الإرهابية والتفجيرات واستهداف القوات، وكيفية زرع المتفجرات وكيفية جمع المعلومات بشكل دقيق، مما جعل القاعدة أكثر تنظيمًا.. ويقول مصدر إنه هو صاحب تكتيك أو فكرة «تكمين الكمين» التى كانت منتشرة خلال سنوات فى أفغانستان، وغيرها من المدن التى ظهرت فيها القاعدة لاصطياد الكمائن، واستخدمتها عناصر الجماعات الإرهابية فى سيناء بعد ثورة ٣٠ يونيو، وهى تعنى عمل كمين للكمين الأصلى الذى وضعته الشرطة أو القوات المسلحة لضبط الإرهابيين، وعن طريق تسريب المعلومات للتنظيم يتم عمل كمين للكمين.

ويعتقد خبير بريطانى عنه أيضًا أنه أكثر دموية من سابقيه، فهو لا يشعر بأى تأنيب ضمير بعد قتل المدنيين، وأنه شخص براجماتى للغاية يستغل أى شىء حتى كان لو مخالفًا لمبادئه للوصول إلى هدفه، بدليل إقامته فى ظل حكومة شيعية فى إيران تكره القاعدة السنية، وأنه سيكون فعالًا أكثر من الظواهرى ومن بن لادن نفسه.

كما ذكرت «ديلى ميل» تفاصيل عن الزعيم الجديد المحتمل للقاعدة، وأكدت أنه تعهد بإعادة التنظيم إلى سابق عهده كأيام زعيمه الراحل أسامة بن لادن.. حيث إن التنظيم فقد كثيرًا من سيطرته ودوره خلال الأعوام الماضية، وبذلك فقد قدرته على استقطاب إرهابيين جدد، خاصة بعد ظهور تنظيمات جديدة، «داعش» على رأسها، أصبحت أكثر جاذبية للعناصر التكفيرية والجهادية، كما تشير التقارير إلى أن هذا الرجل الخطير يسعى لتكوين علاقات وتحالفات مع تنظيم «داعش» وحركة «طالبان» وأفغانستان وإيران لاستعادة القاعدة قوتها ودورها الريادى فى قيادة الجماعات الإرهابية حول العالم.

وقال عنه الكولونيل ريتشارد كيمب، الذى كان يراقب سيف العدل لصالح الحكومة البريطانية لما يقرب من ٢٠ عامًا، إنه يمكن أن يجعل «القاعدة» منظمًا وأكثر فاعلية بكثير مما كان عليه منذ بضع سنوات، وإنه يحظى باحترام كبير لدرجة أنه يمكن أن يشكل تعاونًا أكبر أو حتى اندماجًا مع التنظيمات الأخرى، مما سيجعل «القاعدة» قادرًا على حشد المتطرفين من جديد فى جميع أنحاء العالم.

وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تترقب انتقام «القاعدة» بالفعل، ردًا على عملية قتل الظواهرى، وقد حذرت وزارة الخارجية الأمريكية، فى بيان، رعاياها من أن ذلك قد يدفع أنصار تنظيم «القاعدة» لاستهداف منشآت أو مواطنين أمريكيين، وأوضحت أنها تحذر من موجة عنف جديدة.. غير أن التاريخ يقول إنه فى يوم سيتم الإعلان عن مقتل سيف العدل بغارة أخرى كما حدث مع سابقيه.