رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خارج الحدود

انتهيت للتو من مشاهدة الموسم الثانى من المسلسل الإسرائيلى «طهران».. الانطباع الذى تركه لدىّ مختلف، كنت قد اختبرت هذا الاختلاف فى الموسم الأول وفى مسلسلات إسرائيلية أخرى، على رأسها «فوضى» الذى قفز بالدراما الإسرائيلية خارج الحدود، وأعتقد أن طهران أيضًا سيفعل ذلك.

«طهران» يتناول قضايا أعرفها وأتابعها، لكن الدراما شىء آخر، فى مرات كثيرة تحتاج الدراما لإعادة صياغة للواقع، فى طهران لا أعتقد أن القائمين عليه أعادوا صياغة شىء، الحقيقة هى أننى أرى الأحداث التى أتابعها فى الحياة.. جاء «طهران» ليُذكر العالم كله بما يفعله الإسرائيليون مرة أخرى.

فى الموسم الأول، ظهرت عميلة الموساد تمار رابينيان، التى لعبت دورها الممثلة الإسرائيلية من أصول إيرانية نيف سلطان، فـ«تمار» هى عميلة محترفة وهاكر كمبيوتر تم إرسالها إلى طهران للقيام بعملية خاصة، وهى تسهيل هجمات جوية إسرائيلية على محطة للطاقة النووية. وهناك تتعرف على الشاب الإيرانى ميلاد وتبدأ بينهما قصة عشق مثيرة.

فى نهاية الموسم الأول، تفشل «تمار» فى المهمة، بسبب أن قائدتها «يائيل» هى عميلة مزدوجة وتعمل لصالح الحرس الثورى، وتكون إسرائيل على وشك تنفيذ الهجوم وتفشل المهمة فى اللحظة الأخيرة، عندما تنكشف خيانة «يائيل» وتعود الطائرات وعددها ١٥ إلا طائرة واحدة تسقط، ويتم القبض على الطيار الإسرائيلى، وإلقاؤه فى سجن «إيفين» سيئ السمعة فى طهران.

فى الموسم الأول كان الكثير من الصراعات، الكثير من إطلاق النار، والكثير من التوتر. انتهى الأمر بطريقة كارثية إلى حد ما، تاركًا الكثير من الخيارات مفتوحًا لما يمكن أن يحدث بعد ذلك. 

فى الموسم الثانى تكون مهمة «تمار» هى تحرير الطيار، وعودتها إلى إسرائيل وحماية «ميلاد» وإرساله إلى ملاذ آمن، وفى هذا الإطار تتعقد الأمور أكثر مما ينبغى، عندما تقرر «تمار» البقاء فى إيران من منطلق الرغبة فى الانتقام من قائد الحرس الثورى القادم الذى يقف وراء إعدام «أسرة تمار الإيرانية».

فى «طهران» يمكننا أن نختبر الواقع والدراما معًا، فهناك «يائيل» عميلة الموساد الإسرائيلية من أصول إيرانية التى تعمل لصالح الحرس الثورى وتخون دولتها، وهناك «ميلاد» الشاب الإيرانى الذى يعمل من أجل إسرائيل، وهناك القيادى فى الحرس الثورى الذى يتم ابتزازه، وهناك «جين» عميلة الموساد التى تساعد «تمار»، وتكون على وشك التخلص منها عندما بدا أنها تشكل خطرًا على سلامتها. وتمار نفسها التى تستخدم أساليب الإغراء مع ابن الحرس الثورى من أجل التسلل داخل المنزل وتحقيق الهدف وهو اغتيال والده.

«طهران» وعلى نحو خاص يمثل قفزة إلى الأمام فى الدراما الإسرائيلية الذى يهتم على نحو خاص بعالم الأمن الذى يتم تقديمه من خلال الزوايا الإنسانية، ومن خلال تقديم نموذج الجاسوس الأسطورى.

القائمون على العمل قاموا بالضغط على دواسة البنزين دون توقف، بحماس لا ينتهى، وبمفاجآت غير متوقعة بين لحظة وأخرى، الإثارة شديدة، والتفاصيل دقيقة حتى حول عمليات القرصنة نفسها، فك الرموز وإعادة تشفيرها، هناك مشاهد مطاردة طويلة كل خمس دقائق أو نحو ذلك، الكثير من الركض فى الأسواق والاختباء فى الزوايا المظلمة، الموسيقى فى الخلفية، الكثير من عمليات القتل والشنق وإطلاق النار كل حين وآخر.

الأهم من كل ما سبق هو رسم صورة البطل الخارق، الذى يفعل كل شىء وأجل شىء وينتصر فى النهاية. فبريطانيا لديها جيمس بوند، وإسرائيل لديها «دورون كابيليو» «بطل مسلسل فوضى»، وتمار رابينيان، جميعهم يتم تقديمهم من ذات الإطار، العميل الجرىء القوى والعاطفى أحيانًا، ويواجه عدوًا شريرًا.