رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العاشر من رمضان السادس من أكتوبر يوم الإنتصار العظيم

جريدة الدستور

لقد كانت حرب اكتوبر العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر أعظم انتصار فى التاريخ ليس فقط على المستوى السياسي بعد التفوق المذهل على قوات العدو الإسرائيلي، وإنما أيضا على المستوى المجتمعي حيث انتصر المجتمع وانتفض على كل التراكمات السيئة التى لحقت به فانخفضت معدلات الجريمة الى أدنى مستوياتها كما تكاتف الجميع على مساعدة بعضهم البعض، فكانوا يتعاملون كأنهم كيان واحد سعيا نحو خدمة الوطن وتلبية متطلباته اثناء فترة حرب اكتوبر.

نرصد في هذا التقرير حالة المجتمع المصري اثناء وبعد حرب اكتوبر المجيدة:

معدلات الجريمة اثناء الحرب

وفقا لملفات الامن العام فان كل مؤشرات الجريمة تراجعت بلا استثناء اثناء الحرب‏، حتي كادت تخلو من الجرائم الجنائية خلوا شبه تام‏،‏ كما أن محاضر الشرطة لم تسجل خلال الثلاثة ايام الاولى من الحرب سوي الجرائم التي تسميها اجهزة الامن الجرائم العارضة‏.‏

وأبرزت الملفات الامنية أن حركة الجريمة قد اتسمت خلال ايام الحرب بسمات جديدة عليها تماما اهمها ان الجنايات الكبري في الفترة التي تبدأ من‏6‏ وحتي يوم‏21‏ أكتوبر قد انخفضت عن مثيلتها في العام السابق من‏95‏ جناية عام‏1972‏ إلي‏71‏ جناية في أيام الحرب وبنسبة كبيرة هي‏26%.

كما تراجعت ارقام جنايات السرقة الكبري‏،‏ والتي استعدت أجهزة الأمن لمواجهة الزيادة المتوقعة فيها من‏11‏ جناية في نفس الفترة من العام السابق إلي‏7‏ جنايات وبنسبة‏40%،‏ وسجلت جرائم السرقة الصغيرة انخفاضا يزيد عن‏35%‏ في المدة نفسها‏.‏

أما فيما يتعلق بجرائم النشل اليومية فقد سجلت انخفاضا مذهلا يزيد علي‏45%‏ عما كان عليه قبل الحرب‏،‏ وخلال اليوم الثاني للقتال وهو يوم‏7‏ أكتوبر خلت مدينة القاهرة من جرائم النشل تماما، وبالنسبة لجرائم القتل فقد انخفضت ارقام جرائم القتل والشروع فيه خلال هذه الفترة بنسبة‏25%‏ من معدلها في العام الذى سبق الحرب‏،‏ وسجلت المحاضر‏63‏ جناية قتل وشروع فيه مقابل‏82‏ جناية في عام‏1972.‏

أما جرائم الآداب العامة والتي يؤكد علماء السلوك الاجرامي إنها لابد ان ترتفع معدلاتها خلال الحرب وبعدها‏،‏ فحسب محاضر الشرطة فان هذا النوع من الجرائم يكون يكون تلاشى، كما انخفضت جرائم الطريق العام فاختفت لأول مرة منذ زمن طويل تجمعات العابثين في شوارع وسط المدينة واختفت إلي حد كبير مضايقاتهم للمارة والسيدات وانشغل الجميع بقضية الوطن وبأعمال الدفاع المدني وسجلت محاضر الشرطة لهم هذه الظاهرة المثيرة ففي الاسبوع من‏6‏ إلي‏13‏ أكتوبر سنة‏1972،‏ سجلت المحاضر‏73‏ واقعة تعرض للسيدات في شوارع القاهرة‏.‏ في نفس الاسبوع من هذا العام لم تسجل المحاضر أكثر من‏20‏ واقعة.

وفيما يتعلق بجرائم سرقة السيارات فقد اختفت تماما من حركة الجريمة ومن محاضر الشرطة وتم تفسير ذلك بان هذا النوع من الجريمة كان يقدم عليه في الغالب شباب يرغب في الاستمتاع والمغامرة‏،‏ وقد وجد الشباب الان نفسه فاختفت هذه الجريمة من سجلات الامن العام‏.‏

وكذلك اختفت جرائم سرقة الماشية في الريف‏ بالرغم من ان معدلها الطبيعي من‏30‏ إلي‏40‏ حادثا خلال شهر‏.‏ كذلك خلت السجلات من جرائم التلاعب والاختلاس في الجمعيات التعاونية الزراعية وقد كان معدلها‏10‏ جرائم كل شهر‏،‏ كما خلت ايضا من جرائم النصب بالرغم من انها من الجرائم التي تجد فرصة مواتية في وقت الحرب وكانت محاضر الشرطة قد سجلت الكثير منها في شهر يونيو‏1976.

وحسب مديرية البحث الجنائى بالقاهرة ‏فإن جرائم سرقة المتاجر في الاسبوع من‏6‏ إلي‏13‏ أكتوبر انخفضت بنسبة‏53%‏ عنها في نفس الاسبوع من عام‏1972،‏ وانخفضت ارقام سرقات المساكن في نفس الفترة بنسبة‏65%.‏

ومن ناحية أخرى لم ترصد سجلات الشرطة منذ بدء الحرب اى ظاهرة اجرامية شاذة‏،‏ ممايقع عادة في المدن الكبري في زمن الحرب ولم يقع حادث واحد يمكن ان يعد مثيرا للقلق أو مزعجا لحالة الأمن العام‏،‏ فلا عصابات تهاجم المتاجر والمساكن‏،‏ ولا اشقياء يتعرضون للمارة في الظلام الدامس ومن ثم كانت حياة المدينة بعد‏19‏ يوما من الحرب يغمرها احساس المواطنين بسيادة الأمن.

ووفقا لبيانات وزارة الداخلية فان الجريمة السياسية والجنائية قد اختفت مع الطلقة الاولى لحرب اكتوبر، كما ان الوزارة لم تتلق اية بلاغات او اخطارات تمثل مصدر قلق، كما أن الجريمة الجنائية لم تعد للظهور الا بعد مفاوضات وقف اطلاق النار.

سيولة حركة المرور والالتزام بالاداب العامة للطريق

وعلى صعيد الاوضاع المتعلقة بحركة المرور اثناء الحرب فان سجلات ادارة المرور العامة بالقاهرة اشارت الى انخفاض ارقام حوادث المرور في القاهرة بنسبة لاتقل عن‏70%‏، والسبب فى ذلك هو أن اصحاب السيارات قد ازدادات مع بداية الحرب استجابتهم لقواعد المرور وعدم خرق الاشارات والالتزام بسرعة هادئة اثناء الظلام وافساح الطريق لعربات الخدمة العامة ومن ثم فقد اختفت مخالفات السرعة في القاهرة وانخفضت حوادث المرور بهذا المعدل الغير متوقع‏.‏

وفى نفس السياق فان المرور لم يتلق اى شكاوى بشأن امتناع سائقي التاكسي عن توصيل الركاب وانخفضت إلي أكثر من النصف مخالفات استعمال آلة التنبية‏.‏ وأكثر من ذلك اختفت اختناقات المرور العديدة واتسمت حركتها بسيولة، اما مخالفات طلاء مصابيح السيارات باللون الازرق فلم تسجل المحاضر إلا القليل فقد استجاب اصحاب السيارات لهذه الضرورة خلال ساعات قليلة من بداية الحرب‏.‏

دور المرأة الفاعل اثناء الحرب

ضمت سجلات التطوع فى التنظيمات والهيئات النسائية آلاف المتطوعات، حيث أن أحد سجلات التنظيمات النسائية سجلت 13 ألف سيدة ثم تدريبهن على أعمال الإسعاف والتمريض للمساعدة فى المستشفيات، أما عن تطوعن بالدم فقد تم تسجيل حوالى تسعة آلاف سيدة بخلاف من يقمن بالحياكة وأعمال الديكور فى خدمة المستشفيات. كما ضمت جمعيات الهلال الأحمر ألف عضوة أساسية مدربة تدريبا فنيا عاليا على أهبة الاستعداد للمساعدة والمشاركة، وكذلك تكونت لجنة نسائية فى نقابة المهن التجارية ضمت 60 ألف عضو لتشارك فى العمل والمساعدة بشتى الطرق فى حرب أكتوبر وقامت بجمع تبرعات كما تولت رعاية أسر الجنود والشهداء ماديا واجتماعيا.

وعن الدور الذى لعبته المرأة البدوية في المقاومة إلى جانب الرجل، فانه على الرغم من تقاليد القبيلة التي تحرم عليهن حتي مجرد الاختلاط بغيرهن من الرجال، فقد قامت بتهريب الفدائيين، وتضميد جراحهم ومساعدتهم في الوصول الي الأراضي المصرية عقب طرق لم يعرفها العدو وذلك من منطلق شعورها بالانتماء.

كما ساهمت المرأة في بث الحملات الإعلامية للتطوع في التمريض، والتبرع بالدم، حتى امتلأت معامل الدم خلال هذه الفترة في الإسكندرية والقاهرة وأسيوط والمنصورة بأكياس الدم من المتبرعين، ولم يعد هناك إمكانية لقبول متبرعين جدد، وعندما بدأت لجان جمع تبرعات المجهود الحربي قامت العديد من الأسرالفقيرة بالتبرع بكل مخزونها من الأرزوالقمح والذرة.

وتم تشكيل "لجنة صديقات القلم" بغرض ترجمة كل ما يكتب عن القضية المصرية، وإرساله لمختلف الإتحادات والمنظمات النسائية في سائرأنحاء العالم لإعلام المرأة في كل مكان بحقيقة ما يدورفي الشرق الأوسط.