رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السير عكس الاتجاه الصحيح


فى زمن الانفلات الأمنى ينفلت كل شىء رأيناه بعيوننا فى الانفلات المرورى إذ سقطت كل الحواجز فلم يعد للعلاقات المرورية احترامها فكنت تجد قائد السيارة يتعمد السير فى الاتجاه المضاد والوقوف تحت إشارة ممنوع الوقوف قطعياً واختفت بالطبع العلامات

التى كانت تشير إلى أن الأسعار محددة أو علامات ممنوع التدخين بل ورأينا العناد العام للقرارات والقوانين فلا معنى لقانون حظر التجوال، فالشعب لا ينام إلا بعد انتهاء ساعات الحظر ولا يخرج إلا أثناءها.

فإذا كان الشعب يعاند الحكومة فلماذا لا تعاند الحكومة شعبها فعندما طالب الشعب بتأجيل الانتخابات أصرت الحكومة أنها ستكون فى موعدها وإذا طالب الشعب بتأجيل الاستفتاء على الدستور عاندت الحكومة وأصرت على إجراء الاستفتاء مع علمها بأنها سوف تفتح الباب للحوار حول المواد التى يطلب الشعب تعديلها أو إلغاءها وكان يمكن تأجيل الاستفتاء لمدة ستين يوماً كما أعلن الرئيس إمكانية ذلك.إلا أن المشيرين وترزية القوانين قد أشاروا بغير ذلك وهم-بلا شك- الذين أشاروا بفتح باب الحوار فى كل الموضوعات وأولها إجراء التعديلات الدستورية.

وحتى باب الحوار لم يعد مرغوبا أو مطلوبا لأسباب لا تخفى على أحد وأولها فقدان الثقة فيما يمكن أن تصل إليه نتائج الحوار فقديما كان يقول الأباطرة تعالوا بآرائكم وعودوا بقراراتنا.

وانعكاسا لكل هذه الأمثلة الحادثة وهى قليل من كثير فلماذا ينتظر من المواطن أن يثق فى الوعود أو الحدود التى تعلنها الحكومة؟ ولماذا يصدق المواطن فيما يقال أو يكتب أو حتى فيما يوعد به وأقرب الأمثلة فى اللقاء الواسع الكبير الذى دعا إليه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب. الرجل الذى انطبق عليه اسمه فهو من القلة التى يقال عنها الاسم على المسمى إذ اعتاد الناس أن يروا فى الأسماء عكس ذلك مثل (جميل وصادق وناجح وحازم وجاد... وغيرها كثير).

وفى ذات اليوم الذى اجتمع فيه مندوبون من كل أطياف الشعب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولم تغرب شمس ذاك النهار إلا وخرجت إعلانات لبعض من شارك تنادى بعدم التزامها بما تم التوقيع عليه وذلك فى مقابل التصريحات التى تبشر بعدم الخير فيما اتفق عليه ومنها وضع قواعد للحوار وذلك أضعف الإيمان فمن لسعته حرارة الشربة لا نلومه إذا نفخ فى الزبادى أليست هذه أمثالنا الشعبية؟.

والسؤال الذى يتردد كثيراً هو وماذا بعد؟ ألا نعى أين نحن ولماذا وصل بنا الحال إلى هذا المنوال؟ ثورتنا نجحت وحققت مطلبها الأول والأهم وهو تغيير النظام وتم لنا ما أردنا ومضى عامان من عمر كل المصريين حتى أن من ولد بعدها تم فطامه وهو يبحث عن مكان فى دار للحضانة حتى تتمكن الأم من العمل لسد احتياجات من ولد بعد ثورة العيش والحرية والكرامة والعدل لأنها مازالت شعارات لم تتحقق وربما فقد من نادوا بها الأمل فى تحقيقها أو حتى السير فى الاتجاه الصحيح نحو الاقتراب منها.

إننا نسمع أصواتا تنادى بإجراء تعديلات دستورية صادرة من أفواه من نادوا بنعم للدستور وهم يقولون إننا قبلناه على ما به حتى ندفع بخطوة للأمام بعد طوال التوقف الذى يؤدى حتما إلى التراجع والذى ظهر جليا فى الاقتصاد وارتفاع سعر الدولار وتدهور العملة المحلية والعالم كله يعرف أن تدهور قيمة العملة المحلية تواجهه الحكومات بزيادة الدخول بما يعادل نسبة التضخم حتى لا يضار المواطن ألا يعلم ذلك من بيدهم أمرنا؟

إننا نسمع ونرى مناقشات سريعة حول سيل القوانين المراد إصدارها فى زمن قصير طالما أن الجهة المناط بها إصدار القوانين هى مجلس الشورى وعلى الجانب الآخر لا يقبل التريث فى انتخابات مجلس النواب حتى تستقر الأوضاع الاقتصادية وتوجيه الملايين التى تنفق على الانتخابات إلى الاحتياجات الأساسية للمواطن المصرى الذى هو محور ارتكاز المجتمع أمنا وفكراً ومشاركة.

إننى أدعو من بيدهم القرار بداية من رئيس الجمهورية ومعاونيه ومجلس الشورى والحكومة والأحزاب أن يتواصلوا معاً قبل اجتماعات المجالس الحوارية التى كلت الاجتماعات وملت المناقشات أن يضعوا جدولا للأولويات وليس هذا بمستحيل ولا يحتاج إلى كثير من الرحلات والنفقات فنحن شعب غنى برجاله ونسائه المفكرين والمعاونين ومن لا يدرك ذلك فهو يحتاج إلى وقفة مع النفس ونظرة إلى ما حولنا فقد كتب المصريون غالبية دساتير المنطقة العربية بل والعالمية ومن ضقنا بهم فى أرضنا ساهموا بخيرهم لغيرنا واسألوا عنهم فى المحافل الدولية المتعددة إن كنتم نسيتم لتذكركم والذكرى تنفع المؤمنين، أما وإن كنا نعرف كل هذا وندرك ما هو أكثر منه ولكن منهاجنا مختلف وجدول أولويتنا غير ما يفكر فيه المواطنون البسطاء الذين لا يرون إلا الرؤى المحلية والاحتياجات المادية فلينتظروا قليلا من السنين حتى يروا اتساع الأمة وانقشاع الغمة بالوطن الذى ستتسع أرضه وسماؤه وقد ترون عاصمة ربما لم تفكروا فيها ألم تلاحظوا دستوركم الجديد وكيف خلا من ذكر عاصمة البلاد؟ وتمهلوا وأربطوا الأحزمة على البطون واحلموا بالجنة الموعودة وإن لم تكن فى حياتكم فقد يراها أولادكم وإن طالت فهى لأحفادكم ويكفيكم أنكم أبناء الفراعنة الذين بنوا الأهرامات لآخرتهم فتعلموا منهم واحلموا بالآخرة فهى خير من الدنيا التى نالها غيركم وهم أحق بها منكم فقد تعبوا كثيرا وجاهدوا وعذبوا واستعبدوا وجردوا وهكذا تدور الدوائر ومن يدرى فقد تعود الكرة إلى ملعبكم فهذه سنة الحياة ولعبة الصناديق ونحن أدرى بها وبأسرارها التى تعلمناها ممن سبقونا