رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توريط هاريسون فورد!

طلاب بمختلف جامعات الولايات المتحدة، تظاهروا ضد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، مطالبين بوقف العدوان، داعين جامعاتهم إلى قطع علاقاتها المالية المباشرة، أو غير المباشرة، مع إسرائيل. ومع مقاطع الفيديو، التى توثّق اعتداءات الشرطة الأمريكية على هؤلاء الطلاب وعلى المتظاهرين إجمالًا، ظهر مقطع فيديو لنجم هوليوود هاريسون فورد، زعم مروّجوه أنه يدعم فيه هذه المظاهرات ويشيد بالمشاركين فيها. 

لاحقًا، اتضح أن هذا المقطع مجتزأ من فيديو قديم، نشره الحساب الرسمى للأمم المتحدة على موقع يوتيوب، سنة ٢٠١٩، تحت عنوان «هاريسون فورد يتحدث عن أهمية الغابات فى قمة الأمم المتحدة للمناخ». وطبعًا، لم يكن يتحدث عن المظاهرات أو عن طلاب الجامعات، بل عن الشباب الناشطين فى المجال البيئى، «القوة الجديدة التى تتشكل حول العالم»، للحفاظ على البيئة وحماية التنوع البيولوجى.

المؤسف، هو أن المقطع المفبرك، يحمل شعار «المؤتمر الشعبى لفلسطينيى الخارج»، ولا يزال موجودًا على صفحة «فلسطينيو الخارج»، التابعة لذلك «المؤتمر»، الذى عقدت أمانته العامة اجتماعها الحادى عشر، فى مارس الماضى بمدينة إسطنبول التركية، تحت شعار «لن نترك غزة». وفى الشهر نفسه أطلق أنس الحاج، «رئيس منسقية قطر»، حملة لجمع التبرعات اسمها «المؤاخاة الأسرية»، داعيًا أبناء الشعب الفلسطينى والأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى دعم صمود الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.

لا حاجة للفبركة، لأن عددًا من نجوم هوليوود ينتقدون، يعارضون، ويهاجمون، العدوان الإسرائيلى، بالفعل، وقاموا بتوقيع عريضة تطالب الرئيس الأمريكى جو بايدن بالضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار. من بينهم سوزان سراندون، الحاصلة على الأوسكار، التى سبق أن وقّعت على بيان يتحدث عن الخلل فى توازن القوى بين إسرائيل والفلسطينيين، الذين قضوا أعمارهم تحت نظام الاحتلال العسكرى والفصل العنصرى، ويطالب بالوقوف ضد عمليات الإخلاء والتهجير القسرى، التى تقوم بها الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين من منازلهم. كما كتبت، سنة ٢٠٢١، أن إسرائيل لن تحصل أبدًا على الأمن والأمان الحقيقيين من خلال قمع شعب آخر، مؤكدة أن السلام الحقيقى لن يحدث ولن يتم بناؤه إلا على العدالة.

تعرّضت «سراندون» لحملات تشهير عديدة، وجرى وصفها بـ«عاشقة بن لادن». وبحملات تشهير شبيهة، قوبلت مشاركة جون كوزاك فى مسيرة داعمة للفلسطينيين فى شيكاغو، منتصف أكتوبر الماضى، مع أنه أكد فى حسابه على شبكة «إكس» أنه لم يجد فى المسيرة من يطالبون بقتل اليهود أو يقولون «الموت لإسرائيل» أو يحتفلون بمقتل المدنيين الإسرائيليين، بل وجد فقط مطالبات بتحرير فلسطين من الاحتلال الوحشى، ودعوات لوقف المجازر التى يتعرّض لها الفلسطينيون، مبديًا دهشته من وصف المشاركين فى المسيرة بـ«الإرهابيين» بسبب هذه المطالبات المنطقية والمشروعة.

هناك، أيضًا، مارك رافالو، الذى جعلته ردود الأفعال العنيفة من مؤيدى إسرائيل، يتراجع عن وصف ما ترتكبه إسرائيل بـ«الإبادة الجماعية»، لكنه لم يتوقف عن المطالبة بالانتصار للإنسانية والتوقف عن ارتكاب العنف وإزهاق الأرواح. وقام، الأربعاء الماضى، بمشاركة بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة، الـ«يونيسف»، يلقى الضوء على معاناة أطفال غزة بسبب قصف الجيش الإسرائيلى مدينة رفح الفلسطينية. وكتب فى حسابه على شبكة «إكس» أن هؤلاء الأطفال فى حاجة ماسة إلى المساعدة، لافتًا إلى أن سكان المدينة الواقعة جنوبى القطاع، تم إرسالهم إلى «معسكرات اعتقال» يتعرضون فيها للإهمال والظلم، وبات الخياران المطروحان أمام الفلسطينيين اليوم هو الموت فى الصحراء أو فى منازلهم. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، هاجم مظاهرات طلاب الجامعات، وأكد أنها لن تجعله يعيد النظر فى سياساته بشأن منطقة الشرق الأوسط، مشددًا على أنه «لا يوجد مكان فى أى حرم جامعى بالولايات المتحدة، أو بالولايات المتحدة كلها، لمعاداة السامية أو خطاب الكراهية أو التهديد بالعنف من أى نوع». وفى المقابل، أكد الطلاب، وبعضهم من اليهود، أنهم أدانوا معاداة السامية وخطاب الكراهية، فى مظاهراتهم، واتهموا منتقديهم بالخلط بين انتقاد الممارسات الإسرائيلية ومعاداة السامية.