رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الأرز السوبر».. الدولة تتوسع فى المحصول المقاوم لندرة المياه والملوحة والحرارة العالية

الأرز السوبر
الأرز السوبر

رأى عدد من الخبراء أن نجاح مصر فى أن تسبق دولًا كثيرة بالعالم فى إنتاجية الأرز ثمرة جهود بذلها الباحثون المصريون على مدار سنوات طويلة لاستنباط أصناف متطورة، فظهر «الأرز السوبر» الذى يضم أنواعًا متعددة أنتجتها مصر، وتستخدم فى مختلف الدول. وأكد الخبراء، لـ«الدستور»، أن تلك الأصناف الجديدة قادرة على مواجهة الجفاف والحر الشديد وأصعب التقلبات المناخية، وتتحمل الرى بالمياه المخلوطة، وتتميز بأن حجم السنبلة كبير وتضم عددًا أكبر من الحبوب، مشيرين إلى أن الدليل على نجاح تلك الأصناف أن كل الكميات التى تُنتج سنويًا من تقاوى الأرز الهجين حتى عام ٢٠٢٣ جرى توزيعها بالكامل، ما يدل على إقبال المزارعين عليها. وذكروا أن قرار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، بشأن الالتزام الصارم بالمساحات المخصصة لزراعة محصول الأرز، مع التركيز على استخدام أصناف تقاوى «ذات استهلاك منخفض للمياه» وعالية الإنتاجية، أسهم فى زيادة إمدادات السوق وتخفيض الأسعار، وهو قرار إيجابى ومن قيادة حكيمة.

أسمدة ومبيدات أقل.. إنتاجية أعلى.. وتحمل ظروف الطقس المختلفة

قال الدكتور حمدى موافى، رئيس المشروع القومى لتطوير إنتاج الأرز بوزارة الزراعة، ‏إن مصر تأتى فى قائمة دول العالم الأعلى فى إنتاجية الأرز.

وأوضح «موافى»: «تتميز مصر بنوعية (الأرز اليابانى) عالى الجودة الذى لا ينافسه سوى أرز كاليفورنيا أو اليابان، ويتفوق عليهما الأرز المصرى من حيث الطلب والجودة»، مشيرًا إلى أن المساحة المزروعة بالأرز السوبر تصل إلى إلى ٤٠٪ من إجمالى مساحة الأراضى المزروعة بالأرز على مستوى الجمهورية.

وذكر أن السبب الرئيسى لتطوير أصناف الأرز مواجهة التغيرات المناخية، موضحًا أن الأرز السوبر يتحمل ندرة المياه وملوحة التربة ودرجة الحرارة العالية.

وتابع: «فى وقت قصير سجلنا أول صنف من هذه المجموعة (الأرز السوبر)، وهو سخا سوبر ٣٠٠ فى عام ٢٠١٨، ثم سخا سوبر ٣٠١، ثم ٣٠٢، ثم ٣٠٣».

‏وقال إن من مميزات أصناف السوبر الحديثة، قدرتها على تحمل ظروف طقس شديدة الصعوبة، وتحملها الرى بالمياه المخلوطة، وتتميز أيضًا تلك الأصناف بأنها تحتاج إلى مستلزمات إنتاج أقل من حيث كمية الأسمدة والمياه والمبيدات، وتتفوق تلك الأصناف، أيضًا، فى حجم السنبلة وعدد الحبات فى السنبلة الواحدة، فضلًا عن الشكل النباتى المثالى، إضافة إلى أن تلك الأصناف تتفوق فى صفات جودة الحبوب، وتصافى التبييض، وصفات الطاهى، واستجابة هذه الأصناف للزراعة فى المواعيد المختلفة، مثل الصنفين سوبر ٣٠٠ و٣٠١.

وأضاف أن تلك الأصناف السوبر الحديثة تعطى إنتاجية عالية، حيث تتراوح إنتاجية الفدان بين ٤.٥ و٥ أطنان، حيث تجرى زراعتها فى النصف الثانى من شهر مايو حتى منتصف يونيو لتقليل فترة النمو، كما يمكن زراعتها فى المناطق التى يزرع فيها برسيم أو محاصيل الخضر، أو الكنتالوب أو مكان الذرة الشامية، كما يمكن استغلال القش الناتج عنها.

وأوضح أن ‏نتيجة المميزات المتعددة للصنف «سوبر سخا ٣٠٠» فقد لاقى قبولًا كبيرًا لدى المزارعين وأصحاب المضارب والمستهلكين، ما أدى إلى الانتشار السريع له فى فترة قصيرة جدًا.

وأكد أن تلك الأصناف ‏أسهمت فى زيادة الإنتاج للفدان من ٥٠٠ إلى ٨٠٠ كيلوجرام لنحو ٤٠٪ من جملة المساحة المزروعة، أى ٦٠٠ ألف فدان بزيادة محصولية من ٣٠٠ إلى ٤٠٠ ألف طن، أى بزيادة من ٤.٥ إلى ٦ مليارات جنيه، إضافة لتوفير ما يقرب من مليارى متر مكعب من المياه.

وأشار إلى أن أستراليا تتصدر قائمة أكبر خمس دول من حيث الإنتاجية خلال عام ٢٠٢١، بإنتاجية تصل إلى ١٠.٢٨ طن/ هكتار، وجاءت مصر فى المركز الثانى بمتوسط إنتاجية يصل إلى ٩.٣٧ طن/ هكتار، وأوروجواى فى المركز الثالث بإنتاج ٨.٥٦ طن/ هكتار، ثم الولايات المتحدة الأمريكية فى المركز الرابع بـ٨.١١ طن/ هكتار، وتأتى تركيا فى المركز الخامس بمتوسط ٧.٩٢ طن/ هكتار.

وتابع: «احتل محصول الأرز فى مصر خلال ٢٠٢٣ مساحة ١.٦٣٠ مليون فدان، فأنتجت الدولة حوالى ٦.٥ مليون طن، ويتراوح إجمالى الاستهلاك بين ٣.٣ و٣.٥ مليون طن أرز أبيض، بمتوسط استهلاك من ٤٠ إلى ٤٢  كيلوجرامًا للفرد فى العام الواحد، ويتراوح الفائض بين ٧٢٥ و٩٢٥ ألف طن أرز أبيض».

وأشار إلى أن ‏أهم الأصناف «سخا سوبر ٣٠٠، وسخا سوبر ١٠٨، وجيزة ١٧٨ وسخا ١٠٤، وسخا ١٠١ وجيزة ١٧٧، وسخا ٣٠١ وسخا سوبر ٣٠٢، وسخا سوبر ٣٠٣».

ولفت إلى أن وزارة الرى والموارد المائية حددت منذ عام ٢٠١٠ مساحة الأرز بـ١٫٠٧٠ مليون فدان، وفى عام ٢٠١٨ صدر قرار بتقليص المساحة إلى ٧٢٤ ألفًا و٢٠٠ فدان، مع السماح بزراعة ٧٢٤ ألف فدان زيادة بالأصناف الموفرة للمياه، و١٥٠ ألف فدان تُروى بمياه الصرف الزراعى المخلوطة، علمًا بأن استراتيجية ٢٠٣٠ حددت مساحة ١٫٤ مليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتى، مع زيادة إنتاجية الفدان.

وأكد: «ذلك الأمر لا يمكن تحقيقه سوى من خلال تقنيات الأرز الهجين والتركيب النباتى الجديد للأرز، الذى يُطلق عليه إعلاميًا فى العالم (الأرز السوبر) و(الأرز السوبر الهجين)، الذى أمكن تطوير إنتاجيته من ١٤ إلى ١٥ طنًا/ هكتار، وبالتالى لا يوجد حل لتقليص المساحة المقررة بالفعل سوى بزيادة المساحة المزروعة بهذه النوعية».

وكشف عن أن الأصناف السوبر المصرية ناتجة عن برامج تهجين باستخدام كل تقنيات وطرق التربية المتبعة لتطوير الأصناف، وتعاون مشترك مع Prof Xue Qing zhong، الأستاذ بقسم المحاصيل بمعهد الوراثة وتربية النبات بكلية الزراعة والتكنولوجيا الحيوية بجامعة Zhejing الصينية.

وأوضح: «لنا خبرة امتدت فى العمل فى الحقل منذ عام ١٩٨٣، مع اجتياز التدريب العالمى المتميز والوحيد فى مصر فى تربية الأرز الهجين والأرز الجديد، بتعاون دولى منذ ١٩٩٥ حتى عام ٢٠٢٣».

وأشار إلى أنه جرى تسجيل الصنف «سخا سوبر ٣٠٠» وكل الأصناف الهجينة والأرز الهجين البسمتى، بعد اجتياز جميع الاختبارات وفق القواعد واللوائح المعمول بها لتسجيل الحاصلات الزراعية، وتتميز هذه الأصناف بالمحصول العالى وتحمل الإجهادات البيئية.

ونوه بأن الأرز السوبر هو تركيب وراثى وليس صنفًا بعينه، وهو أحدث تطوير للتركيب النباتى لنبات الأرز فى العالم، وهناك مجموعة من الصفات والمميزات إذا توافرت فى الصنف يُطلق عليه أرز سوبر، وقد أحدثت هذه التراكيب الجديدة طفرة فى الإنتاج والمقاومة للتغيرات المناخية حول العالم.

وأكد أن الأرز الهجين السوبر زاد الإنتاجية فى الصين إلى أكثر من ٣٠٪، مضيفًا: «كما طورنا فى المشروع القومى لتطوير الأرز التركيب النباتى للأرز المصرى بخبرات وتراكيب وراثية مصرية؛ حتى الوصول من خلال المشروع إلى تسجيل أكثر من ١٥ صنفًا وهجينًا، من بينها الأرز السوبر والهجين السوبر والبسمتى، وغيرها، خلال ١٠ سنوات من العمل الدءوب».

وأوضح: «نضع الخطط، وتتولى تنفيذ هذه الاستراتيجيات السلطات التنفيذية فى المؤسسات المختلفة، وفى ذلك فإن برنامج التقاوى التقليدى فى قسم بحوث الأرز هو المسئول الأول عن زيادة مساحات إنتاج تقاوى الأرز الهجين لزيادة مساحات زراعة الأرز الهجين لدى المزارعين»، وأكد: «جميع الكميات التى تنتج سنويًا من تقاوى الأرز الهجين حتى عام ٢٠٢٣، يجرى توزيعها بالكامل، ما يدل على إقبال المزارعين على إنتاجه».

فترة الزراعة تقل عن الـ١٠٠ يوم لأول مرة

كشف مصطفى النجارى، رئيس لجنة الأرز فى المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن مركز البحوث الزراعية يعمل منذ فترة على استنباط أصناف جديدة من الأرز، مؤكدًا أن الأصناف التى توجد حاليًا غير التى كانت موجودة منذ ٥ و١٠ سنوات.

وأوضح «النجارى» أن الجهود البحثية، طوال السنوات الماضية، استهدفت استنباط سلالات مقاومة للآفات وعالية الإنتاجية وأقل فى استهلاك المياه، مشيرًا إلى أن اجتماع مجلس الوزراء استهدف توفير الأسمدة للفلاح، مع التوسع فى الرقعة الزراعية للوصول إلى ١٢ مليون فدان.

وأشار إلى أنه لتنفيذ تلك الخطة يجب التغلب على المعوقات، وأبرزها توفير مياه مستدامة، سواء جوفية أو غيرها، فضلًا عن وجود الأسمدة وتوفيرها بشكل متواصل.

وقال: «سيعلن خلال ١٥ يومًا عن استنباط أنواع جديدة من الأرز، فقبل ١٠ سنوات كانت فترة زراعة المحصول تتراوح بين ١٥٥ و١٦٠ يومًا، ومنذ ٥ سنوات، وصلت إلى ١٢٥ يومًا فقط، والأصناف الجديدة التى سيعلن عنها خلال أيام ستكون فترة زراعتها أقل بكثير».

وأشار إلى أن مركز البحوث يعمل على الصنف الواحد أكثر من ٧ سنوات حتى يتم الإعلان عنه، لافتًا إلى أنه خلال تلك الفترة يكون نوع الأرز تحت الاختبار، وفى حالة عدم وجود إصابات أو آفات فسيعلن عن ذلك.

خطوة إيجابية لزيادة إمدادات السوق والمساهمة فى تخفيض الأسعار

أكد مجدى الوليلى، رئيس لجنة الأرز بغرفة صناعة الحبوب، أن توجيهات رئيس الوزراء بالالتزام بالمساحات المخصصة لزراعة محاصيل الأرز، مع التركيز على استخدام أصناف تقاوى ذات استهلاك منخفض للمياه وعالية الإنتاجية، تسهم فى زيادة إمدادات السوق وتخفيض الأسعار، وهو قرار إيجابى طالبت به اللجنة منذ فترة طويلة.

وأوضح «الوليلى» أن لمركز البحوث الزراعية دورًا كبيرًا فى استنباط أنواع جديدة من الأرز، خاصة الجافة، أو مثل التى تزرع فى الصين واليابان على مياه البحر، مشيرًا إلى أن مصر تعد من أفضل الدول فى زراعة المحصول، ولديها أسواق كبيرة جدًا نجحت فى فتحها للتصدير مؤخرًا.

وأضاف: «لدينا القدرة على التصدير للدول المجاورة والدول التى ترتبط مصر معها باتفاقيات تجارية، وبالتالى نستطيع توفير الدولار المطلوب لاستيراد القمح، ما يخفف عن ميزانية الدولة»، مشيرًا إلى أن زراعة الأرز وتصديره قضية شديدة الأهمية، ويجب وضعها أولوية فى المشاريع القومية للدولة.

وأكد أن الاقتصاد المصرى يجب أن يرتكز على الزراعة والصناعة والتجارة والتصدير، ما يعنى زيادة فرص العمل للشباب وزيادة الدخل لدى الموطن، مشيرًا إلى أن الحكومة تسعى جاهدة لتوفير الأمن الغذائى للمواطن.