رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

واحة اسمها مصر

 

علي عكس حالة الاسترخاء التي ننعم بها في العيد، يشعر العالم بالتوتر، مقالات عدة تتنبأ بالحرب في الشرق الأوسط، الحرب تتخذ شكل مباراة علي رقعة شطرنج يمكن أن تتحول لتشابك بالأيدي في أي لحظة، هناك تحليلات مختلفة لما يحدث في الشرق الأوسط لكن (الحرب بالوكالة) هو المصطلح الأقرب تفسيرًا لما يحدث، هناك مواجهة إقليمية مستمرة يعتبر البعض أن هجوم ٧ أكتوبر كان أحد تجلياتها الحادة، كانت هناك عدة جولات في جنوب لبنان وباب المندب والعراق وتحركات ذات طابع خاص في الأردن، والآن يترقب العالم رد الفعل الإيراني علي الهجوم الإسرائيلي علي سفارة طهران في دمشق، وهو هجوم نوعي مكلف من حيث عدد الضحايا وأهميتهم الأمنية، ليس سرًا أن إيران (الدولة) تتمتع بنوع من الحذر الاستراتيجي، وقياس ردود الفعل، وحساب الخطوات القادمة، وهي في هذا تختلف عن إيران (الثورة) التي ترفع شعارات ومطالب مفتوحة المدي وذات بعد عاطفي واضح، قراءة التاريخ تقول إن حسابات الدولة هي التي تستمر في النهاية وإن شعارات (الثورة) توظف لخدمة قوة (الدولة) ونفوذها الإقليمي والعالمي، وفق أغلب التوقعات سترد إيران بضربات محددة وموجعة وستتحسب للضوء الأحمر الأمريكي.. باختصار ستتحرك إيران في إطار بقاء المواجهة بينها وبين إسرائيل، لا بينها وبين أمريكا، ستوجه ضربات محدودة مساوية لضربة السفارة في القوة ومضادة لها في الاتجاه، وستكون كلها في اطار (رد الفعل) علي ضرب السفارة.. أيًا كان حجم الضربات فهي ستخلق توترًا ينعكس علي المنطقة، تفاعلات ما يجري طالت كثيرا من الدول الشقيقة المحيطة بمصر، لم تكن زيارة الرئيس السيسي للأردن قبل العيد بقليل سوي رد فعل مصري مساند لاستقرار الدولة الشقيقة، الأردن دولة جوار لمصر ومعبر نحو آسيا والعراق ولا يمكن السماح بتهديد أمنه، نفس الأمر ينطبق علي دول شقيقة مثل السودان وسوريا والإمارات وهي كلها دول تقع في نطاق هزات زلازل الصراع في الشرق الأوسط، وسط كل هذه التحديات يمكن وصف مصر بانها (واحة) استقرار في الشرق الأوسط، إن الواحة هي الأرض الخصبة في الصحراء والتي تتمايز عما يحيط بها، ولا شك أن مصر بهذا المعني هي واحة للاستقرار في الشرق الأوسط، وهي كذلك بفضل سياسة (التوازن الاستراتيجي) التي تطبقها والتي اعتمدها الرئيس السيسي كمحور من المحاور الأربعة لولايته الرئاسية الجديدة، دون شك فإن مصر تطبق هذه السياسة منذ ثورة الثلاثين من يونيو ومنذ تولي الرئيس السيسي لحكم مصر، إحدى نتائج هذه السياسة أننا مستقرون في محيط من الفوضى، وآمنون في محيط من الحرب، هذه ميزة كبري يجب أن تفهمها بعض الأصوات السياسية هنا وهناك وإلا فإنهم يخطئون خطأً كبيرًا في حق أنفسهم أولًا، وفي حق وطنهم ثانيًا، وهو خطأ عقوبته كبيرة جدًا جدًا أمام محكمة التاريخ.