رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم الطفل الفلسطينى

يوافق الخامس من أبريل من كل عام "يوم الطفل الفلسطينى"، الذى يجىء هذا العام وسط واقع كارثى، وانتهاكات جسيمة، تمس الأطفال الفلسطينيين فى قطاع غزة. ولقد اعتمد الرئيس الراحل ياسر عرفات هذا اليوم عام 1995، خلال مؤتمر الطفل الفلسطينى الأول، الذى أعلن فيه عن التزام السلطة الفلسطينية بـ"اتفاقية حقوق الطفل".
يوفر القانون الدولى الإنسانى حماية عامة للأطفال، كونهم أشخاصًا غير مشاركين فى الأعمال العدائية، ويوفر لهم حماية خاصة، كونهم يعدون ضمن فئة الأشخاص الأكثر ضعفًا فى الحروب والنزاعات المسلحة.
وفى العاشر من أبريل صرح وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، خلال جلسة استماع عُقِدت فى لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ "ليس لدينا أى دليل على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية فى غزة"، وذلك ردًا على عدد من المتظاهرين الذين وقفوا ورفعوا أياديهم الملطخة بالدماء، فى وجه وزير الدفاع، وطالبوا بإنقاذ غزة، ووقف إطلاق النار، ووقف قتل الأطفال بالأسلحة الأمريكية.
يقول أوستن هذا فى الوقت الذى تزداد فيه جرائم الإبادة الجماعية، التى يرتكبها الكيان الصهيونى، ضد الشعب الفلسطينى، منذ عدوانه على غزة فى الثامن من أكتوبر 2023 وحتى الآن، وبعد سقوط أكثر من 33 ألف شهيد وشهيدة 70% منهم من النساء والأطفال، هذا غير الجرحى والمصابين، الذين وصلوا لأكثر من 76 ألفًا غير ما يقرب من 20 ألفًا مفقودين تحت الأنقاض، بجانب من خرجوا من تحت الأنقاض (أشلاء)، هذا بجانب الأطفال اليتامى الذين فقدوا عائلاتهم بالكامل، وعددهم يصل إلى 17 ألفًا، وفقًا للجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى.
ووفقًا لإحصائية صادرة عن اليونيسف، هناك نحو أكثر من 20 ألف طفل، ولدوا فى ظل العدوان الصهيونى منذ اندلاعه فى الثامن من أكتوبر 2023، مع غياب المستلزمات الطبية والتطعيمات الخاصة بالأطفال، ما سيؤدى إلى انتشار الإصابة بالحصبة وشلل الأطفال، بالإضافة إلى تعرض الأطفال "الخدج" حديثي الولادة لجرائم الاحتلال، نتيجة لاستهداف المستشفيات بالعدوان والتدمير، وعدم وصول الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية، من قِبل  الكيان الصهيونى.
وأشار المكتب الإعلامى الحكومى الفلسطينى إلى أن 60 ألف امرأة حامل فى قطاع غزة يعانين من سوء التغذية والجفاف.
يرتكب العدو الصهيونى جميع الجرائم الوحشية بحق أطفال فلسطين، من قتل وتشويه واعتقال وإخفاء قسرى، والحرمان من حقهم فى الحياة والصحة والتعليم، بتدمير المدارس والمستشفيات ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
ويُشكِّل أطفال غزة 27% من إجمالى السكان فى فى القطاع وفقًا للجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى.
وإذا انتقلنا لحالة الأطفال المصابين، نجد أن المئات منهم، أصبحوا فاقدين لبعض أوجميع الأطراف، إثر إصابتهم بالصواريخ، وأيضًا مئات منهم أصيبوا بحروق شديدة فى مختلف أنحاء الجسم، ومن نجوا من القصف، يعيشون مشردين فى خيام، تفتقد لأبسط مظاهر الحياة، ويموتون من الجوع والعطش، نتيجة لمنع العدو إدخال المساعدات الإنسانية إليهم. ولقد أعلن المكتب الإعلامى الحكومى الفلسطينى عن أن 30 طفلًا استشهدوا نتيجة المجاعة وسوء التغذية والجفاف.
وقد أعلنت منظمة اليونيسف فى فبراير الماضى، عن أن هناك ارتفاعًا فى معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الثانية فى شمال غزة، بجانب تعرضهم للأوبئة والأمراض السارية، الناتجة عن عدم توافر مياه صالحة للشرب.
وعلى المستوى النفسى يجد الأطفال أنفسهم، ضحايا العدوان، والتعرض المباشر لمشاهد الموت والقتل، والنزوح من ديارهم، مما يصيبهم بصدمات نفسية، ستترك آثارًا نفسية صعبة لتستمر معهم. هذا بجانب الحرمان من التعليم، نتيجة لاستهداف المدارس من قبل العدو وتدميرها بجانب استخدام مدارس أخرى كمراكز للإيواء.
بالإضافة إلى قطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا)، من عدد من الدول إثر اتهام الكيان الصهيونى (زورًا وكذبًا) للوكالة بأن فيها أفرادًا شاركوا فى العمليات الإرهابية، ما أدى إلى حرمان (620) ألف طالب وطالبة فى قطاع غزة من التعليم وفقًا لوزارة التعليم الفلسطينية. 
لم يكتف الكيان الصهيونى المجرم، بارتكاب جرائمه، من قتل وتجويع وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى، ولكنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بالمخالفة للاتفاقيات الدولية ولمواثيق حقوق الأطفال أثناء النزاعات والحروب، وذلك باعتقال الأطفال دون سن الثامنة عشرة.
فوفقًا لتقارير هيئة شئون الأسرى والمحررين، ونادى الأسير الفلسطينى، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، بلغ عدد الأسرى من الأطفال الفلسطينيين رهن الاعتقال فى عام 2023، (1085) طفلًا أغلبهم من القدس (696). وبلغ عدد الأطفال المعتقلين (355) طفلاً منذ السابع من أكتوبر.
ولقد بلغ العدد فى نهاية عام 2023، (260) طفلًا وطفلة، فى سجون مجدو، وعوفر، والدامون، ومن هم أعمارهم أقل من (14) عامًا، يحتجزهم العدو فى مراكز اجتماعية.
ويتعرض الأسرى الأطفال لمحاكمات ظالمة وللتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، التى تهدد مستقبلهم بالضياع.
وبالرغم من أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ولحياتهم، ولفرصهم فى النمو والتطور، وقيدت هذه المعاهدات سلب حريتهم، وجعلت منه "الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة"، إلا أن سلطات الاحتلال الصهيونى، جعلت من قتل الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم الملاذ الأول، وأذاقتهم المعاملة القاسية والمهينة، من ضرب وشبح وحرمان من النوم والطعام، وتهديد وتحرش جنسى، وحرمان من الزيارة، كما استخدمت أقذر وأبشع الوسائل النفسية، والبدنية لانتزاع الاعترافات، والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح "المخابرات الإسرائيلية".
إن صمت حكام معظم دول العالم، وعجز المجتمع الدولى، عن اتخاذ خطوات جدية وملزمة، لوقف الجرائم بحق الشعب الفلسطينى، شجع الكيان العنصرى المجرم، على مواصلة جرائمه، بما فيها الإبادة الجماعية، بل والمضى فى التهجير القسرى، والتطهير العرقى للفلسطينيين، من أجل إقامة "الدولة اليهودية"، وبالتالى القضاء على المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية.
إننا وكل الشعوب العربية، والشعوب الحرة الأبية، التى خرجت بالملايين فى كل أنحاء العالم، لمساندة الحق الفلسطينى ولمواجهة الإبادة الجماعية، نطالب فى "يوم الطفل الفلسطينى" بالوقف الفورى للعدوان الصهيونى ووقف الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين ومحاكمة الكيان الصهيونى العنصرى المتوحش على جرائمه ضد الإنسانية وجرائم الحرب التى ارتكبها بحق الشعب الفلسطينى، مع إدخال المساعدات الإنسانية فورًا، ودون قيد أو شرط، للشعب الفلسطينى الذى يعانى من نقص الغذاء، والماء، والوقود، والدواء، ويتعرض للإبادة الجماعية بالقتل برصاص العدو أو بالتجويع.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للاحتلال والخزى والعار لجميع المتواطئين والمشاركين فى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى.