رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحرك ثلاثى من القاهرة

وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا اجتمعوا، فى القاهرة، أمس الأول السبت، لمناقشة القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. وأكدوا، فى بيان مشترك، أهمية دور مصر فى جهود تخفيف معاناة أهالى القطاع، وفى المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار. وخلال مؤتمر صحفى عقده الوزراء الثلاثة، أعلن وزير الخارجية الفرنسى عن اعتزام بلاده طرح مبادرة فى مجلس الأمن، تشمل معايير حل الدولتين، لتكون أداة سياسية تحت تصرف المجتمع الدولى والأمم المتحدة.

فى بيانهم المشترك، ثم فى المؤتمر الصحفى، أدان وزراء خارجية الدول الثلاث جميع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وحذروا من التداعيات المروعة للوضع الإنسانى، والمجاعة، وانهيار النظام الصحى فى قطاع غزة، وأكدوا رفضهم أى محاولات للنزوح والتهجير القسرى للشعب الفلسطينى، التى تعد غير قانونية بموجب القانون الدولى. كما عارضوا أى هجوم عسكرى على مدينة رفح الفلسطينية، التى تؤوى ١.٥ مليون نازح فلسطينى، موضحين أن أى هجوم على المدينة سيؤدى إلى خسائر فادحة فى الأرواح، وسيزيد من تفاقم الوضع الإنسانى المتردى فى قطاع غزة.

حرص المملكة الأردنية الشقيقة على التشاور والتنسيق مع مصر، سواء على مستوى القمة أو على الصعيد الوزارى، أكده أيمن الصفدى، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، فى سياقات ومناسبات عديدة، أما ستيفان سيجورنيه، وزير الخارجية الفرنسى، الذى تولى مهام منصبه فى ١١ يناير الماضى، فاستهل أولى جولاته الخارجية بزيارة القاهرة فى ٤ فبراير، واستقبله الرئيس السيسى، وعقد معه جلسة مباحثات، حضرها سامح شكرى، وزير الخارجية، الذى عقد، أيضًا، اجتماعًا ثنائيًا مغلقًا مع نظيره الفرنسى. وخلال تلك الزيارة، وبعدها، أكد وزير الخارجية الفرنسى حرص بلاده على تنسيق الرؤى والجهود مع مصر، «الشريك الاستراتيجى لفرنسا»، فى اتجاه الوقف الفورى والدائم لإطلاق النار فى قطاع غزة، وتفعيل حل الدولتين كأساس للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية واستعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة.

يتشارك وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا، أيضًا، مع ألمانيا، فى مجموعة أو صيغة ميونيخ للسلام، التى جرى وضع إطارها العام، فى فبراير ٢٠٢٠، على هامش مشاركة الوزراء الأربعة فى «مؤتمر ميونيخ للأمن»، واتفاقهم على تشكيل مجموعة وزارية لمناقشة ودفع جهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية. وانطلاقًا من التوافق المصرى الأردنى، الذى عكسته لقاءات عديدة جمعت الرئيس السيسى والملك عبدالله الثانى، تبلورت «صيغة ميونيخ» فى البيان الصادر عقب الاجتماع السادس للوزراء الأربعة، فى سبتمبر ٢٠٢٢، الذى أكدوا فيه التزام دولهم الراسخ بدعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام العادل والدائم، على أساس حل الدولتين، والمبادرة العربية والمرجعيات المتفق عليها. وشددوا على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة والاتصال الجغرافى للأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فى ذلك القدس الشرقية.

المهم، هو أن وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا شددوا، أمس الأول السبت، على ضرورة تنفيذ التدابير المؤقتة التى أقرتها محكمة العدل الدولية، فى ٢٦ يناير و٢٨ مارس، ودعوا إلى إنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق وبشكل مكثف. ومع مطالبتهم بالوقف الفورى لإطلاق النار، طالبوا، أيضًا، بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن أرقام ٢٧١٢، و٢٧٢٠، و٢٧٢٨، وأثنوا على الجهود التى تبذلها الأمم المتحدة ووكالاتها، بما فيها وكالة «الأونروا»، و... و... ودعوا إلى الحفاظ على الوضع القائم للأماكن المقدسة فى القدس دون تغيير، بما فى ذلك دور دائرة أوقاف القدس الأردنية تحت الوصاية الهاشمية، وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء الضغوط المتزايدة ضد المسيحيين والمسلمين فى القدس. وأكدوا حتمية تنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة، متصلة الأراضى وقابلة للحياة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، بهدف أن تعيش إسرائيل وفلسطين جنبًا إلى جنب فى سلام وأمان.

.. وتبقى الإشارة إلى أن موقف فرنسا، العضو الدائم فى مجلس الأمن، تحوّل، تدريجيًا، من الانحياز الواضح لدولة الاحتلال، والدعم المطلق لما وصفه الرئيس إيمانويل ماكرون بـ«حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»، إلى التشكيك فى «أهداف الحرب» والمطالبة بالوقف الدائم لإطلاق النار.