رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بايدن يواسى عرب أمريكا!

غدًا، الإثنين، يبدأ «شهر التراث العربى الأمريكى»، واستباقًا لهذه المناسبة، دعا الرئيس جو بايدن جميع مواطنيه إلى الاحتفال بهذا الشهر. وقال، بحسب بيان أصدره البيت الأبيض، أمس الأول، الجمعة، إن كثيرين من العرب الأمريكيين يشعرون بالألم بسبب الحرب فى غزة، والدعم الأمريكى لإسرائيل، زاعمًا أن لديه شعورًا «بالحزن الشديد»، وأن إدارته تعمل مع الشركاء فى كل أنحاء المنطقة على إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية والتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، يستمر ستة أسابيع على الأقل.

بيانات التعداد السكانى الأمريكى قدّرت عدد ذوى الأصول العربية بحوالى ٢.٢ مليون شخص، وذكرت ريتا ستيفان، فى تقرير نشره الموقع الرسمى للخارجية الأمريكية، فى ٣٠ أبريل ٢٠٢١، أنهم حوالى ثلاثة ملايين، بينما وصل الرقم إلى ٣.٧ مليون فى تقديرات «المعهد العربى الأمريكى»، ثم نزل إلى ٣.٥ مليون فى بيان البيت الأبيض. ومن المفارقات أن أرقام «مكتب الإحصاء الأمريكى» أظهرت أن حوالى ٤٠٪ من الأمريكيين العرب لا يتحدثون اللغة العربية. وقد يكون من المفارقات، أيضًا، أن يتم الخلط، عادة، بين العرب والمسلمين، فى حين تقول الأرقام إن نسبة العرب المسيحيين تزيد على ٦٣٪، بينما لا يمثل المسلمون إلا ٢٤٪، إضافة إلى حوالى ١٣٪ يعتنقون ديانات أخرى أو لا دينيين!

المهم هو، «بايدن» تحدث، أيضًا، عما وصفه بـ«الهجوم الإرهابى الوحشى الذى شنته حماس فى ٧ أكتوبر»، وقال إن إدارته تركز «على ضمان الحفاظ على الهدوء واستعادته فى الدول المجاورة، بما فى ذلك لبنان»، مطالبًا بالحفاظ «على المساحة المتاحة للسلام، وإقرار حل الدولتين، مع توفير تدابير متساوية من الأمن والكرامة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين». كما أعلن عن التزامه بالعمل مع الجالية العربية الأمريكية التى وصفها بأنها «مدافعة حاسمة عن الشعب الفلسطينى والعربى والسلام العادل والدائم».

أمريكيون من أعراق، ديانات، أصول أو فئات مختلفة، تألموا، أيضًا، من الجرائم، التى ارتكبها، ولا يزال، جيش الاحتلال الإسرائيلى، وطالبوا «بايدن» وإدارته، بالتوقف عن دعمه، واستخدام نفوذ الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار وحماية أرواح المدنيين، وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية. غير أن ما قد يميز الأمريكيين العرب، هو أنهم يعانون فى غالبية الولايات الأمريكية من عدم المساواة، الذى يصل إلى حد التمييز أو الاضطهاد، بحسب تقارير ودراسات عديدة، أكدت أنهم لا يجدون اهتمامًا بمطالبهم واحتياجاتهم، من المنظمات أو الوكالات الحكومية المختلفة، التى تقدم مزايا لفئات أو أقليات أخرى. وفى مارس الماضى، مثلًا، صدرت دراسة عن «معهد أبحاث العرق والسياسة العامة»، التابع لجامعة إلينوى، أكدت أن «الأمريكيين العرب فى شيكاغو يعانون من التمييز وعدم المساواة فى جميع مجالات الحياة».

الغريب، هو أن «بايدن»، الذى كان نائبًا للرئيس ثمانى سنوات، وتوشك فترة رئاسته على الانتهاء، أقرّ بمعاناة الأمريكيين العرب، وقال، بحسب بيان البيت الأبيض، إنهم كانوا هدفًا لجرائم الكراهية، مشيرًا إلى حادث الطعن الذى جرى فى أكتوبر وأودى بحياة الطفل الأمريكى الفلسطينى، وديع الفيومى، البالغ من العمر ست سنوات، فى إلينوى، وإطلاق النار، فى نوفمبر، على ثلاثة طلاب من أصل فلسطينى فى فيرمونت، وتعرض رجل من أصل فلسطينى للطعن، الشهر الماضى، بولاية تكساس، و... و... وزعم أنه «يكافح ضد صعود كل أشكال الكراهية»، ويعمل على «تطوير أول استراتيجية وطنية على الإطلاق لمكافحة الإسلاموفوبيا وأشكال التحيز والتمييز ذات الصلة فى الولايات المتحدة»!

.. وتبقى الإشارة إلى أن تقريرًا نشرته جريدة «واشنطن بوست»، بعد ساعات من بيان البيت الأبيض، أكد أن إدارة «بايدن» أجازت إرسال قذائف وقنابل وطائرات حربية مقاتلة إضافية إلى إسرائيل. ولعلك تعرف أن الولايات المتحدة ظلت منذ بداية العدوان الإسرائيلى، تستخدم حق النقض «الفيتو» فى مجلس الأمن لإجهاض مشروعات القرارات التى تدعو إلى وقف إطلاق النار، قبل أن تمتنع، منذ أيام قليلة، عن التصويت على ذلك القرار الذى تم تمريره، وأسهمت إدارة بايدن، ولا تزال، فى عرقلة تنفيذه.