رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نقطة نظام.. ماذا يحتاج منتخب مصر للتأهل لمونديال 2026؟

منتخب مصر
منتخب مصر

«دون المشاركة ببطولة كأس عاصمة مصر، كنا سنلعب مباراة بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية فى ظروف غامضة»، بهذه العبارة اختصر حسام حسن، المدير الفنى للمنتخب الوطنى، الهدف الرئيسى للفراعنة من المشاركة فى بطولة كأس عاصمة مصر الودية، التى خسرها رجاله أمام منتخب كرواتيا فى المباراة النهائية، بأربعة أهداف لهدفين.

البطولة التى كانت مهددة بالإلغاء فى أيامها الأخيرة، وأصر «العميد» على المشاركة بها للاحتكاك بمنتخبات قوية قبل مواجهتى بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية.

اختيارات حسام حسن قائمة البطولة جاءت اضطرارية فى بعض الأسماء، وأهم ملامحها غياب محمد صلاح، قائد المنتخب، بناءً على طلبه، كما استبعد ١٦ اسمًا من القائمة التى خاضت بطولة كأس الأمم الإفريقية الماضية بكوت ديفوار، التى ودعها المنتخب من دور الـ١٦.

الجماهير المصرية لا تحلم سوى بالتأهل لكأس العالم، فمونديال ٢٠٢٦ هو الشغل الشاغل لشارع كرة القدم المصرية، فبعد توديع مبكر لأمم إفريقيا، وخسارة أول بطولة تحت قيادة «العميد»، لا صوت يعلو على صوت المونديال، ولكن ماذا ينقص المنتخب المصرى للتأهل لمونديال ٢٠٢٦؟

فى بطولة أمم إفريقيا الماضية، كان المنتخب المصرى صاحب المركز الأول كأعلى المنتخبات المشاركة فى البطولة من حيث معدل الأعمار، بمعدل وصل إلى ٢٨.٨٥ عام، وهو ما لم يختلف كثيرًا فى أولى قوائم «العميد»، إذ كان المعدل ٢٧.٩ عام، ليبدأ الحديث مرة أخرى عن الأسماء الشابة وتجديد دماء المنتخب، كما أكد حسام حسن فور توليه المسئولية.

النزول بأعمار المنتخب وضخ الدماء الجديدة بالقائمة، أولى خطوات تطوير أداء المنتخب الوطنى لاستعادة البطولات مرة أخرى، لمجاراة منتخبات القارة فى الصراعات البدنية، لكن ذلك لا يغنى عن رفع الوعى التكتيكى للاعبى الفراعنة، خاصة الشباب، لإدراك الأدوار التكتيكية المركبة وتنفيذها على الوجه المطلوب منهم.

على أرض الملعب، فإن أولى وأكبر أزمات المنتخب الوطنى منذ فترة طويلة، الحالة الدفاعية وثغرات الخط الخلفى للفراعنة.

وربما أحبطت الخسارة أمام كرواتيا البعض من جماهير الفراعنة رغم أنها كانت متوقعة، ولكن تلك الخسارة كانت مطلوبة، فأن تبدأ مسيرتك نحو الحلم محبطًا بحقيقة وإن كانت مؤلمة، أفضل مائة مرة من أن تبدأها بآمال مبنية على أكاذيب وأوهام.

رباعية كرواتيا أظهرت مرة أخرى عيوب دفاع منتخب مصر الأزلية، وهى الكرات العرضية، والتمركزات الخاطئة لظهيرى الجنب، خاصة فى التغطية العكسية، وهنا تأتى أولى النقاط التى يجب التوقف عندها، فلماذا يظهر دفاع الفراعنة بهذا السوء دائمًا؟

«لا تنظر للكرة فقط»، هكذا تأتى تعليمات المدربين للاعبى الدفاع فى الركلات الثابتة والكرات العرضية، للتأكيد على أهمية التمركز الصحيح ومراقبة مهاجم الخصم وحرمانه من تسلم الكرة، فالتركيز مع الكرة فقط يجعل المهاجم حرًا فى التحرك من خلف المدافع، والتواجد فى مساحة تسمح له بالتسجيل.

أما الجزء الثانى من أزمة دفاع المنتخب الوطنى، فهو فارق الإمكانات الفنية، فخلال السنوات الماضية كانت كفة الجودة الفنية تميل لأحد قلبى الدفاع على الآخر، فيصبح الأقل جودة بمثابة عبء على زميله، مثل أحمد حجازى وعلى جبر من قبل، ومحمد عبدالمنعم ورامى ربيعة فى كأس عاصمة مصر الودية.

مركز قلب الدفاع كان الأكثر تأثرًا فى قائمة الفراعنة بأزمة معدل الأعمار، فمثلًا فى قائمة المنتخب لأمم إفريقيا كان محمد عبدالمنعم الأصغر سنًا والوحيد من بين اللاعبين فى عمر العشرينات، ويأتى من بعده أحمد سامى بعمر الـ٣١، ثم أحمد حجازى بـ٣٣ وعلى جبر بـ٣٥ عامًا، كما كان أحمد سامى، على الرغم من اقترابه من نهاية مسيرته الاحترافية، لا يملك إلا مباراة دولية واحدة مع منتخب مصر.

أغلب مدربى الفراعنة اختاروا اللعب على المضمون فى مركز قلب الدفاع، وظهيرى الجنب، بالاعتماد على الأسماء التى تتردد على الآذان بشكل مستمر، أو اختيار أسماء بعينها دون غيرها وبغض النظر عن مستواها الفنى، فـ«فيتوريا» مثلًا علل اختيار على جبر لقائمة أمم إفريقيا الماضية بأن طوله يفوق الـ١٩٠ سم، وأخرج ياسر إبراهيم، الذى قدم واحدًا من أفضل مواسمه مع الأهلى من القائمة لصالح «جبر»، فارع الطول، الذى لم يشارك لدقيقة واحدة فى البطولة.

وفضلًا عن ذلك، فهناك أيضًا الأزمة التكتيكية فى التغطية العكسية من ظهيرى الجنب، خاصة فى الكرات العرضية وسوء الارتداد من الحالة الهجومية للدفاعية.

التباعد بين الخطوط، كذلك، كان سمة أساسية لأداء الفراعنة بمجرد افتقادهم الكرة فى المباراتين الماضيتين، وظهرت المساحات بين خطى وسط الملعب والدفاع فى مباراتى نيوزيلندا وكرواتيا، واستغلها كلا المنتخبين للوصول لمرمى الفراعنة، والسبب فى وجود هذه المساحة هو التقدم المتواصل من لاعبى الوسط المساندين للدعم الهجومى وتأخر ارتدادهما للدفاع، بالإضافة إلى انشغال محور الوسط الدفاعى بالضغط على حامل الكرة فى وسط الملعب.

مهمة حسام حسن فى تصحيح الأخطاء الدفاعية لمنتخب مصر ليست سهلة، والوقت ليس فى صالحه، ولكن بعض الأخطاء يمكن تداركها بالعمل المكثف والتواصل الفنى مع مدربى الأندية، خاصة الأهلى والزمالك، للوصول لأفضل حل للأزمة الدفاعية للفراعنة قبل مواجهتى بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية.

بشكل عام، فإن تكتيك «العميد» لم يظهر حتى الآن مع المنتخب لضيق الوقت، ولكن ظهرت بعض الملامح الهجومية لأداء قائم على مساحة كبيرة من الارتجال الفردى والمهارى للثلاثى الأمامى، والاعتماد على تبادل المراكز فيما بينهم، لتفريغ المساحات فى دفاعات الخصوم وإيجاد مناطق يمكن من خلالها الاختراق.

الأسلوب الارتجالى يمتاز بصعوبة توقع دفاع الخصم للخطوة المقبلة من الهجوم، ولكن أمام المنتخبات المنظمة دفاعيًا أحيانًا تصبح الأمور أكثر صعوبة فى اختراق الدفاعات، خاصة أمام المنتخبات التى تعتمد على تقارب الخطوط والدفاع المتقارب.

الارتجال وتقدم ظهيرى الجنب للهجوم على خطى الملعب لتحرير الجناحين ودخولهم لعمق الملعب زاد من الضغط على خط الدفاع ووسط الملعب فى حالة فقدان الكرة، بالإضافة إلى أزمة وسط الملعب فى تقدم لاعبى الوسط المساندين إلى المساحات الأمامية لتشكيل الـ«مثلثات» على جانبى الملعب مع الجناحين وظهيرى الجنب، ليصبح الاعتماد فى افتكاك الكرة والمساندة الدفاعية على لاعب واحد فقط فى وسط الملعب، وهو مروان عطية فى أغلب الأوقات.

كما أن أهم الأزمات الهجومية لمنتخب مصر، قلة استغلال الفرص الهجومية المتاحة، وأحيانًا قلة الفرص من الأساس، لهذا يتوجب عليه التركيز فى تنويع مصادر صناعة اللعب بين قلب الملعب والجناحين، وكذلك الاعتماد على الكرات البينية بين خطوط الخصم، مستغلًا وجود أكثر من لاعب فى وسط الملعب ممن يجيدون التمريرات القصيرة بين خطوط الخصوم، وكذلك إجادة لاعبى الخط الهجومى استلام الكرات تحت الضغط.

تدريجيًا، يتوجب أيضًا على حسام حسن إقحام خطة «٤- ٤- ٢» واستغلال القدرات الهجومية لعمر مرموش فى مركز قلب الهجوم، وزيادة فرص الاستفادة من الكرات المباشرة والطولية إلى عمق الملعب بين مصطفى محمد ومرموش، وكذلك فإن وجود محمد صلاح على الجانب الأيمن للملعب أو فى العمق سيمنح المنتخب العديد من الخيارات الهجومية، بجانب الدفع بمحمود تريزيجيه فى مركز الجناح الأيسر، وهنا يأتى أهم الأدوار المركبة لـ«تريزيجيه»، وإمكانية التبديل بين الجناح ومركز الوسط المساند، أو حتى الدفع به فى عمق الملعب كصانع ألعاب وتحويل الطريقة.

الـ«٤- ٤- ٢» ستمنح المنتخب الوطنى العديد من الاختيارات الهجومية بالاعتماد على تبديل مركز أحد الجناحين فى حالة افتقاد الكرة، وعودته لتقديم الدعم الدفاعى ليصبح لدى الفريق ٤ لاعبين فى الوسط، وتضييق المساحات، وعودة الجناح الآخر أو أحد لاعبى الهجوم فى حالة وجود «صلاح» على الجناح الأيمن، ويصبح لدى المنتخب ٥ لاعبين فى الوسط، وتتحول الطريقة لـ«٤- ٥- ١» وغلق كل المساحات الدفاعية أمام الخصوم.

المشوار ما زال طويلًا، والحكم على حسام حسن ما زال مبكرًا، ولكن الأخطاء يجب تداركها مبكرًا حتى نحقق الحلم، فهكذا يمكن للفراعنة أن يعودوا إلى المونديال، وأن يعتلوا مجددًا منصات التتويج الإفريقية.