رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موقف إسبانيا المتوازن

الموقف الإسبانى المتوازن الداعم للحقوق الفلسطينية العادلة، أشاد به الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأول الخميس، لدى استقباله خوسيه مانويل ألباريس، وزير خارجية إسبانيا، وأثنى عليه سامح شكرى، وزير الخارجية، ونال تقدير أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية. كما سبق أن أشاد به، أيضًا، وزراء خارجية المجموعة العربية الإسلامية، خلال مشاركتهم فى «منتدى الاتحاد من أجل المتوسط»، أواخر نوفمبر الماضى. 

لم يعترض على هذا الموقف المتوازن، والمحترم، غير دولة الاحتلال، التى استدعت السفير الإسبانى لدى تل أبيب، مرتين، لتوبيخه، واتهمت مدريد «بدعم الإرهاب»، لمجرد تشكيك بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسبانى، فى شرعية القصف الإسرائيلى المتكرّر لقطاع غزة، وتنديده بقتل المدنيين الأبرياء دون تمييز، وتشديده على ضرورة إرساء حل الدولتين، وأعلن عن اعتزام حكومته الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

يرافقه نظيره البلجيكى ألكسندر دى كرو، زار «سانشيز» الجانب المصرى من معبر رفح، أواخر نوفمبر الماضى، داعيًا إلى وقف إطلاق نار إنسانى دائم «لإنهاء الوضع الكارثى الذى يعيشه سكان القطاع»، وبمجرد إعادة انتخابه رئيسًا للوزراء، أعرب سانشيز عن رغبته فى أن تعترف بلاده بالدولة الفلسطينية. ومنتصف فبراير الماضى، طالبت الخارجية الإسبانية بالتحقيق الفورى فى انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان. و... و... وفى مهرجان أقامه الحزب الاشتراكى فى مدينة بيلباو الباسكية، السبت الماضى، تعهد رئيس الوزراء الإسبانى بأن تعترف حكومته بالدولة الفلسطينية قبل نهاية ولايته الحالية.

إسبانيا هى الدولة الأوروبية الأقرب إلى العالم العربى، الذى تتقاطع معه، جغرافيًا، من خلال الدائرة المتوسطية، وتاريخيًا بالإرث الإسلامى فى الأندلس، ومنتصف سبتمبر ١٩٧٩ كانت مدريد هى أول عاصمة أوروبية تستقبل، رسميًا، ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن الإسرائيليين قادوا، قبل وبعد تأسيس كيانهم، حملة دعائية لرفض انضمام إسبانيا إلى الأمم المتحدة. وحدث، مثلًا، أن تقدمت البرازيل وكولومبيا وبوليفيا والبيرو بمشروع قرار لضم إسبانيا إلى المنظمة، غير أن أبا إيبان، ممثل الوكالة اليهودية فى فريق عمل ملف فلسطين، الذى صار لاحقًا وزيرًا لخارجية إسرائيل، ألقى خطابًا طويلًا، فى ١٦ مايو ١٩٤٦، اتهم فيه الحكومة الإسبانية بالتحالف مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. وبالفعل، عرقلت الحملة الإسرائيلية حصول إسبانيا على عضوية الأمم المتحدة حتى سنة ١٩٥٥، وفى المقابل لم تعترف إسبانيا، إلا سنة ١٩٨٦، بوجود دولة اسمها إسرائيل.

المهم، هو أن رئيسى وزراء بلجيكا وإسبانيا كانا قد زارا القاهرة، قبل توجههما إلى معبر رفح، واستقبلهما الرئيس السيسى، وخلال ذلك اللقاء، أو تلك القمة الثلاثية، دعا سانشيز، الذى تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبى، إلى عقد مؤتمر دولى للسلام بشأن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وهى الدعوة التى جددها وطورها وزير خارجيته، أمس الأول الخميس، فى كلمة ألقاها أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، داعيًا إلى إطلاق مبادرة عربية أوروبية مشتركة لعقد مؤتمر دولى للسلام تستضيفه مدريد، للاعتراف بدولة فلسطين ودعم حصولها على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.

مصر، كما قال رئيسها، تعتز بقوة علاقاتها الثنائية مع إسبانيا، وتحرص على مواصلة أطر التعاون القائمة وتوسيعها، خاصة ما يتعلق بتعزيز التبادل التجارى والتعاون التنموى والاستثمارى. وخلال مباحثاته مع الرئيس السيسى، أمس الأول، أعرب وزير الخارجية الإسبانى عن تقدير بلاده وأوروبا لمكانة مصر كقوة إقليمية رشيدة تعمل من أجل السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط، منوهًا بالدور المصرى المسئول منذ بداية أزمة قطاع غزة. كما أكد الجانبان رفض التصعيد، وحذرا من أى عمليات عسكرية إسرائيلية فى مدينة رفح الفلسطينية، لما ستسببه من عواقب إنسانية وخيمة، وشددا على رفض تهجير الفلسطينيين، وجميع الإجراءات، التى قد تؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإسبانى أعلن عن اعتزامه طرح فكرة المبادرة العربية المشتركة لعقد مؤتمر دولى للسلام، على القمة الأوروبية، التى ستقام فى مارس الجارى، معربًا عن أمله فى أن تناقشها، أيضًا، القمة العربية المقرر عقدها فى مملكة البحرين خلال مايو المقبل.