رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة روته

تأكيدًا لعمق العلاقات الثنائية، ومستوى التنسيق والتعاون المشترك بين مصر وهولندا، زار القاهرة مارك روته، رئيس وزراء مملكة هولندا، أمس الأول الأربعاء، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قصر الاتحادية، وعكست مباحثاتهما حرص البلدين على استكشاف سبل تدعيم العلاقات الثنائية، فى ضوء وجود آفاق أوسع للتعاون بمختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والعلمية، والثقافية.

يترأس «روته»، Mark Rutte، الحكومة الهولندية منذ ١٤ أكتوبر ٢٠١٠، وفى ٧ يوليو الماضى، انهارت حكومته الرابعة، إثر فشل شركاء الائتلاف الحاكم فى التوصل إلى اتفاق بشأن معاملة اللاجئين والتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وعليه، كان طبيعيًا أن تركز محادثات، أمس، على هاتين القضيتين، وأن يوضح الرئيس السيسى الجهود التى تبذلها مصر، باستضافتها أكثر من ٩ ملايين ضيف، يتمتعون بالخدمات العامة؛ مثلهم مثل المواطنين، مؤكدًا ما تُظهره تلك الحقيقة من ضرورة تعزيز الاستقرار فى المنطقة، للحد من ظاهرتى اللجوء والهجرة غير الشرعية. ومع توافق الرؤى حول هذا الشأن، عكست المباحثات، أيضًا، توافقًا بشأن مكافحة الإرهاب ودعم تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط. وكذا، حول أهمية مصر كشريك موثوق فيه للاتحاد الأوروبى، ودوله الأعضاء.

ركزت المباحثات، أيضًا أو طبعًا، على الأوضاع فى المنطقة، وتحديدًا على العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. ولعلك تتذكر أننا كنا قد توقفنا، منذ ثلاثة أيام، عند مشاركة «روته»، الأحد الماضى، فى افتتاح «المتحف الوطنى الجديد للمحرقة»، بالعاصمة الهولندية أمستردام، وأشرنا إلى أنه زار إسرائيل ثلاث مرات، منذ ٧ أكتوبر الماضى، كان آخرها فى ١٢ فبراير الماضى، التى تزامنت مع صدور حكم من محكمة استئناف هولندية، يقضى بحظر تصدير قطع غيار طائرات «إف ٣٥» إلى إسرائيل، بسبب مخاوف من استخدام تلك الطائرات فى انتهاك القانون الدولى، خلال الهجوم على قطاع غزة. كما أوضحنا أن الحكومة الهولندية طعنت على هذا الحكم، أمام المحكمة العليا فى البلاد، بزعم أن طائرات «إف ٣٥» ضرورية لحماية إسرائيل من «تهديدات إيران واليمن وسوريا ولبنان على سبيل المثال»!

فى هذا السياق، أكد الرئيس السيسى، مجددًا، حتمية الوقف الفورى لإطلاق النار وإنهاء إسرائيل أعمالها العدائية، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لإنهاء الكارثة الإنسانية فى القطاع وإنهاء التصعيد والتوتر فى مختلف أنحاء الإقليم. كما أكد أن ما تمارسه سلطة الاحتلال إزاء المدنيين يمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، لافتًا إلى أن مصر حذرت مرارًا من الخطط الإسرائيلية لجعل الحياة فى القطاع مستحيلة، وحذرت أيضًا، ولا تزال، من مخطط شن عملية عسكرية برية فى مدينة رفح الفلسطينية، الذى يهدد حياة أكثر من ١.٥ مليون نازح تتحمل إسرائيل مسئولية حمايتهم، وفقًا لقواعد القانون الدولى.

أوضح الرئيس، كذلك، أن ما يحدث فى غزة أمام أعين العالم، تقابله فى الضفة الغربية سياسة معرقلة لحياة الفلسطينيين، سواء من خلال إطلاق العنان لعنف المستوطنين، أو من خلال عمليات الهدم والطرد والاقتحامات العسكرية ومصادرة الأراضى، إضافة إلى الأنشطة الاستيطانية وتكريس الاحتلال. ثم أكد أن معاناة الشعب الفلسطينى، فى كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، لن تتوقف إلا بالاعتراف بدولة فلسطين، ومنحها العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، والعمل على تنفيذ حل الدولتين، وفقًا للمرجعيات الدولية، محذرًا من أن التسويف فى حل تلك القضية يُعرّض المنطقة، بل العالم بأسره، لمخاطر عدم الاستقرار.

.. وتبقى الإشارة إلى أن رئيس وزراء مملكة هولندا قال إن هذه الزيارة فرصة لتعميق العلاقات بين البلدين، سواءً على المستوى الثنائى، أو من خلال تعاون مصر مع الاتحاد الأوروبى. وبعد أن أعرب عن تقدير بلاده «الدور المصرى العظيم»، لوجستيًا وإنسانيًا وسياسيًا، فى أزمة قطاع غزة، أكد أن الهجوم، الذى تلوح به إسرائيل على مدينة رفح الفلسطينية، سيؤدى إلى «كارثة إنسانية»، مشيرًا إلى أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلى لمحاولة إقناعه بالامتناع عن اتخاذ هذه الخطوة.