رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مليار كيلو سكر

فى الطريق إلينا، إلى الموانئ المصرية، ٣٠٠ ألف كيلو سكر، تم استيرادها، كمرحلة أولى، من أصل مليار كيلو، أو مليون طن، قرّر مجلس الوزراء، الأسبوع الماضى، استيرادها هذه السنة. وخلال مؤتمر صحفى عقده فى ميناء الإسكندرية، الخميس الماضى، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، أن شغل الحكومة الشاغل، خلال الفترة المقبلة، هو تدبير السلع الناقصة، وعلى رأسها السكر. 

لكيلو السكر فى مصر، منذ شهور، ثلاثة أو أربعة أسعار مختلفة، الأول ١٢.٥ جنيه على بطاقات التموين، والثانى ٢٧ جنيهًا فى المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين والمبادرات الحكومية، والثالث ٤٤.٢٦ جنيه، فى بوابة أسعار السلع، التابعة لمجلس الوزراء، أما فى المحال والأسواق فيتجاوز الـ٦٠ جنيهًا. وكان الأستاذ الفاضل وزير التموين والتجارة الداخلية، قد أكد أن «السعر العادل للسكر يتراوح ما بين ٢٢ و٢٦ جنيهًا»، لكن الدكتور إبراهيم عشماوى، مساعد أول الوزير، ظهر فى برنامج تليفزيونى، منذ أيام، ليقول إن سعر كيلو السكر قد يصل إلى ٤٠ جنيهًا، عند انضباط السوق!

قيل فى ديسمبر الماضى، إن وزارة التموين لجأت إلى احتياطيها الاستراتيجى من السكر وسحبت منه ٢٤٠ ألف طن، فى محاولة للسيطرة على تقلبات السعر. وخلال الشهر نفسه جرى استيراد ٨٦ ألف طن من البرازيل، تلتها ١٠٠ ألف طن أخرى فى يناير، و... و... وفى ٢٧ فبراير الماضى، قال أحمد أبواليزيد، رئيس مجلس إدارة «شركة الدلتا للسكر»، والعضو المنتدب، إن الأرباح السنوية للشركة زادت بأكثر من ٨٧٪، خلال العام الماضى، لتسجل ١.٥٩ مليار جنيه، نتيجة توسع الشركة فى إنتاج السكر من البنجر، الأقل تكلفة، مقارنة بإنتاجه من قصب السكر، بالإضافة إلى ارتفاع إيرادات التصدير!

أزمة السكر ليست جديدة، وتتكرر على فترات، وفى نوفمبر ٢٠١٦، مثلًا، رأت وكالة «رويترز» أن «أزمة السكر فى مصر تعكس ارتباك السياسة الاقتصادية»، وتحت هذا العنوان نقلت الوكالة عن صاحب متجر بقالة فى القاهرة، إنه توقف عن بيع السكر منذ أن صادرت السلطات مخزوناته واتهمته بإخفاء السكر. ووقتها، أى منذ سبع سنوات ونصف السنة تقريبًا، رأت الوكالة أن أزمة السكر تأتى فى الأزمة الاقتصادية التى تزداد حدتها وتغضب المصريين وتثير مخاوف من اندلاع احتجاجات!

طبعًا، لم تندلع الاحتجاجات، التى تخوفت منها أو بشّرت بها تلك الوكالة، وبلغ حجم إنتاج مصر من السكر ٢.٨ مليون طن، خلال السنة الماضية، مقابل حجم استهلاك وصل إلى ٣.٤ مليون طن، وتم سد هذه الفجوة باستيراد ٦٠٠ ألف طن، مقابل ٣٠٠ ألف طن، جرى استيرادها سنة ٢٠٢٢، و٤٠٠ ألف طن سنة ٢٠٢١. ما يعنى أن الفجوة تتسع وتضيق، وأن اكتفاء مصر الذاتى من السكر، يتراوح بين ٧٥ و٨٠٪.

السكر كان إحدى السلع الأساسية، التى تضمنها قرار رئيس الوزراء، الصادر فى ٣٠ ديسمبر الماضى، بإخضاعها لأحكام قانون حماية المستهلك وحظر حبسها واحتكارها. والسبت الماضى، قالت منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، التابعة لمجلس الوزراء، فى بيان، إنها قامت، خلال شهر فبراير، بحسم ١٤٥١ شكوى بشأن زيادة أسعار بعض السلع التموينية والغذائية، و١٢٩٣ شكوى من سوء جودة بعضها، أو عدم الإفصاح عنها. وطبقًا للبيان نفسه، قام «جهاز حماية المستهلك» بتلقى وفحص ٩٢٤ شكوى تتعلق بالمبالغة فى رفع أسعار بعض السلع الأساسية أو حجبها. كما أشار البيان إلى قيام وزارة التموين والتجارة الداخلية والهيئة القومية لسلامة الغذاء ومباحث التموين بتنفيذ الحملات اللازمة وتحرير المحاضر للمخالفين.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الأستاذ الفاضل وزير التموين والتجارة الداخلية كان قد تعهّد مساء ٢٩ نوفمبر الماضى، فى برنامج تليفزيونى، بحل أزمة السكر خلال أسبوعين، ثم ظهر مساء ٢٠ ديسمبر التالى، أى بعد ثلاثة أسابيع، فى برنامج تليفزيونى آخر، ليقول «إن مشكلة السكر ستكون من الماضى فى ١٥ يناير»، وفات يناير وفبراير، وغدًا ينتصف مارس، ولا تزال المشكلة قائمة، فى الحاضر، ولا يزال الأستاذ الفاضل فاضلًا فى مكانه، والفاضل، كما لعلك تعرف هو الباقى زائدًا على الحاجة.