رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحشاشين.. حصان المتحدة الأسود على مائدة الدراما الرمضانية

منذ شاهدت الإعلان التشويقي لمسلسل الحشاشين كان الرهان على أنه سيكون الحصان الأسود لعودة الدراما التاريخية للشاشة المصرية، وهو ما أكدته الحلقة الأولى للمسلسل، فمع بداية موسيقى التتر تشعر وكأنك انتقلت عبر الزمن لتعود بالفعل للقرن الحادي عشر، وتشاهد أدق تفاصيل تلك الحقبة التاريخية عبر الديكورات التى استعانت بها المتحدة لتصوير مشاهد المسلسل.
العديد من الانطباعات يمكن الحديث عنها فيما يتعلق بالحلقة الأولى من المسلسل، بدايتها هو الهجوم المعتاد الحاقد بطبيعته على كل ما تقدمه مصر، والذي يراهن دائمًا على أن مصر لم تعد تملك من المواهب والإمكانيات ما يعيدها لإنتاج مثل تلك الأعمال الضخمة والكبيرة ليس فقط من حيث التكلفة المادية، وإنما من حيث الفكرة والروح والإبداع، مقارنة ببعض دول المنطقة، وهو بالطبع الرهان الخاسر والذي أثبتت الحلقة الأولى من المسلسل أن الشركة المتحدة تستطيع للعام الثاني على التوالي بعدما قدمت في رمضان الماضي مسلسل رسائل الإمام والذي عادت من خلاله الدراما المصرية عبر بوابة الشركة المتحدة لتقديم الدراما التاريخية الدينية، لتعود العام الحالي من خلال مسلسل الحشاشين، وتجعل  من الدراما التاريخية محور حديث الجمهور، وبطبيعة الحال فإن تركيز خصومك واهتمامهم بمهاجمة وانتقاد ما تقدم هو في حد ذاته نجاح فلا أحد يهتم بانتقاد عمل فني أو كيان أو حتى شخص غير مؤثر، ولذلك نستطيع القول إن الحلقة الأولى من مسلسل الحشاشين استطاعت أن تلفت أنظار الجميع.
وأما الانطباع الأهم من وجهة نظري فهو عن مواقع وجودة التصوير الذي يجعلك تشعر بأنك أمام عمل مميز يهتم بأدق التفاصيل لمنافسة الأعمال العالمية التي تناولت تلك الحقبة من زوايا مختلفة، ليقدم لنا المسلسل أيضًا كريم عبدالعزيز كما لم نشاهده من قبل، حالة من النضج وحالة من الإبداع ينافسها فيها النجم المميز أحمد عيد الذي استطاع للعام الثاني على التوالي الخروج من عباءة الفنان الكوميدي، إلى فنان يقدم أدوار درامية جادة ومؤثرة، من خلال تقديم شخصية زيد بن سيحون، مستخدمًا كل أدواته كممثل سواء من خلال نبرة الصوت أو لغة الجسد.
يعيدك مسلسل الحشاشين بالتاريخ وكأنك تشاهد عملًا سينمائيًا على طريقة المصير للمخرج العالمي يوسف شاهين، وكذلك اللهجة العامية دون الحاجة لاستخدام اللغة العربية الفصحى بصورة غير مطلوبة في مثل ذلك العمل، فاللغة العربية في تلك الحقبة الزمنية لم تكن منتشرة في إيران التي تدور فيها معظم الأحداث، ولذلك استخدام اللغة العربية الفصحى لم يكن ليفيد ذلك العمل، وهو ما حدث العام الماضي وحقق نجاحًا في مسلسل رسائل الإمام ليعاد تكراره في مسلسل الحشاشين بصورة تحافظ على مصرية العمل رغم السرد التاريخي برؤية درامية مصرية.
تلك الرؤية الدرامية التي جعلت من بعض المنتمين لجماعات الإسلام السياسي يشعرون وكأنهم لا يزال لهم وجود أو تأثير حتى يفكر صناع العمل فيهم أثناء إعداده ويظنون عن جهل أن هناك إسقاطًا سياسيًا يستهدفهم من صناع العمل، متناسين أن أفكار جماعات التطرف في العصر الحديث هي قائمة  بالفعل على أفكار جماعات التطرف في الماضي، وعلى رأسها طائفة الإسماعيلية الباطنية (الحشاشين).
الخلاصة أن بداية مسلسل الحشاشين جاءت أفضل من المتوقع لتنبئ بأننا أمام عمل يملك كل مقومات وعناصر الإبهار والجذب من حيث النجوم واستخدام التكنولوجيا، بالإضافة إلى الإنتاج الضخم، وكذلك السرد التاريخي دون تطويل ممل أو تقصيرًا مخل، وأنه يمكن البناء على نجاحه لعودة الدراما التاريخية المصرية لتصبح الوجبة الرئيسية على الشاشة العربية من خلال الشركة المتحدة كما كانت في سابق عهدها.
وفي النهاية كان من الصعب علي كما هو من الصعب على أي مصري أن يستمتع بالمشاهدة أو حتى الأجواء الرمضانية، دون أن تكون غزة وأهلها حاضرة في الأذهان فرغم كل شيء ورغم محاولاتنا التعايش لكننا أبدًا لم نعتد المشهد ولم ننسَ.