رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصريون وشهر الخير!

ساعات ويهل علينا شهر الرحمة والرحمات رمضان الكريم، كل عام وكل أهل مصر بألف خير، شبابها وشيوخها، نساءها وأطفالها ورجالها، كل عام ومحافظات مصر ومدنها وشوارعها وحاراتها وضواحيها وشواطئها وكل شبر من أرضنا بألف خير.. كل عام وكل صحفي وطبيب ومدرس ومهندس وعامل وفلاح وخباز وصانع وكل إيد شغالة بألف خير، 
كل عام وشعبنا العربي من محيطه لخليجه بألف خير وسلام، كل عام وشعبنا الفلسطيني صابرًا محتسبًا ومنتصرًا بإذن الله على عدوه وعدونا. 
ساعات تفصلنا عن رؤية هلال الشهر الكريم، ومن قبل رؤيته انطلق أهل مصر الكرام ومارسوا عادتهم التي اعتادوا عليها في شهر الكرم والعطاء.
تسابق جموع المصريين لفعل الخير في شهر الخير، الأغنياء والفقراء، الكل بقدر ما يستطيع.. ومع بدء أول أيام الصيام يقف شباب وشيوخ بكوب من العصير أو بثمرة تمر واحدة، ليقدموا ما استطاعوا للعابرين وقت الإفطار.
موائد رحمن وسرادقات كبيرة يصطف الفقراء داخها ضيوفًا على رب العباد وليسوا ضيوفًا على عبيده.. الكل يتناول وجبة الإفطار في قلب المدن وعلى الطرق السريعة، في العلن تقام الموائد وفي السر توزع الوجبات.
هي عادات اختص بها شعب مصر، ورثها عن أجداده عبر عصور مختلفة، حافظوا عليها رغم أي ظروف مرت بها بلادنا، مجاعات وأوبئة، طاعون وكوليرا وحروب وقهر عاشها المصريون لم تمنعهم من فعل الخير طوال أيام الشهر الكريم. 
بمعرفة شخصية بـ"أسر مصرية" لا يفصلها عن الحاجة إلا الستر، تقوم هذه الأيام بجمع الأموال استعدادًا لتقديم الوجبات الساخنة طوال الشهر الكريم بما يعرف باسم "الإطعام"، ويعني تحضير الوجبات بالمنازل كبديل عن موائد الرحمن التي تقام في سرادقات بالشوارع، وتقوم على الإطعام أسر متعاونة تدعو المقتدرين من حولها للمساهمة في فعل الخير، لتوفير الوجبات الرمضانية يوميًا أو بالقدر المستطاع للمحتاجين، وتقوم الأمهات بمعاونة أطفالهن بتجهيز الوجبات وتوزيعها. 
استغل المصريون وسائل التواصل الاجتماعى أفضل استغلال فى الإعلان عن بدء "الإطعام"، وعن توزيع الوجبات ودعوة المحتاجين للوصول إليهم. تطور جديد فى التعاون الاجتماعى تشهده مصر حاليًا بمشاركة واسعة فى تقديم الوجبات طوال الشهر الكريم، بل تمتد لباقى أيام السنة ولا تتوقف بمساهمات من القادرين وطالبى الدعوات والرحمات من الله تعالى لهم ولمرضاهم ولآبائهم والراحلين من أحبائهم.
توسعت قاعدة أصحاب العطاء لينضم إليها تجار الخضار والفاكهة والدواجن والتوابل والجزارون أيضًا، وكل من يعرف أن تلك المشتريات هي لوجه الله.
مصر العظيمة وشعبها الأصيل تعرفها وقت الشدائد ووقت الحاجة للتكاتف والترابط، فعل الخير المعروف والمعلن نعرفه عبر شاشات التلفاز أو إعلانات الراديو، حملات جمع التبرعات التي تنجح كل عام في تقديم ملايين الكراتين الغذائية للقرى الأكثر احتياجًا، جمعيات كبيرة وأسامي مشاهير ونجوم مجتمع تقوم على هذه الحملات التي تنتشر في كل مكان تتصدرها حاليًا مؤسسات حياة كريمة والتحالف الوطني للعمل الأهلي، ومعهما رجال أعمال وقادة الأحزاب والنواب وآلاف الشباب المتطوعين من خيرة شباب مصر. 
كل ما سبق يؤكد أن مجتمعنا وبلدنا وشعبنا بألف خير، ولن تمنعهم أي أزمة أو تعويم عن فعل الخير، وكل ما سبق ليس جديدًا على المصريين وقت الشدة وأوقات الرخاء، هكذا نحن نحب الخير ونفعله سرًا وعلانية، أدام الله علينا نعم العطاء والأمن والأمان.. وكل عام ونحن جميعًا بألف خير.