رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار استراتيجية حماس ولعنة الأنفاق.. لماذا فشلت الحرب الإسرائيلية في غزة؟

أنفاق حماس
أنفاق حماس

أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن السر وراء فشل إسرائيل حتى الآن في هزيمة حركة حماس في حرب غزة، أن الحركة الفلسطينية غيرت من استراتيجيتها بشكل كبير واتبعت تكتيكات مراوغة جديدة، وهي الاستراتيجية التي فشلت أمامها القدرات العسكرية الإسرائيلية الفائقة، فضلًا عن لعنة الأنفاق التي تطارد الاحتلال الإسرائيلي في هذه الحرب.

أسرار استراتيجية حماس وتكيكات الحرب الجديدة

وتابعت الصحيفة، أنه في وقت مبكر، سعت حماس في كثير من الأحيان إلى مهاجمة القوات الإسرائيلية بمجموعات بحجم فصيلة يصل عددها إلى 30 رجلًا، وفقًا لضباط إسرائيليين ومحللين عسكريين.

وتابعت أنه في الأحياء المكتظة بالسكان في مدينة غزة، نفذت فرق من مقاتلي حماس هجمات منسقة، حيث تحاول إحدى المجموعات منع وحدة إسرائيلية متقدمة، بينما تقوم مجموعة أخرى بمهاجمتها من الجناح، ويحاول المسلحون إيقاع خسائر بشرية، ثم يختفون في المباني المدمرة أو في متاهة الأنفاق أسفل القطاع، وتسببت مثل هذه الأعمال في خسائر في صفوف مقاتلي حماس وقادتها، وأوقعت الكثير من جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقال قادة ومحللون إسرائيليون إن حماس استخلصت الدروس خلال فترة التوقف في نوفمبر الماضي، وتحولت إلى هجمات الكر والفر من قبل مجموعات صغيرة من رجلين أو ثلاثة رجال، وأحيانًا فرد واحد فقط.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن شبكة الأنفاق التي كانت بمثابة مخبأ طويل الأمد لكبار مسؤولي حماس في خان يونس تم استخدامها لإخفاء المحتجزين.

وأضافت الصحيفة أن تكتيكات حرب المدن الجديدة لوحظت في جميع أنحاء قطاع غزة، مشيرا إلى أنه في ذلك الوقت، كان لدى حماس هيكل قيادة واتصالات فعال في القطاع.

وأشارت إلى أن هذا التحول أدى إلى تقليص خسائر حماس، ولكنه أدى أيضًا إلى تقليص عدد الإسرائيليين الذين تستطيع حماس قتلهم وجرحهم، ولكنه تسبب في إثارة الرعب والفزع في صفوف جيش الاحتلال، فعادة ما تشتمل الكمائن على قذيفة صاروخية، وخاصة طلقة الياسين 105 التي يتم إطلاقها من قاذفة محمولة على الكتف، والتي طورتها حماس من تصميم روسي، ويطلق أحد المقاتلين قذيفة آر بي جي، ويحمل رجل آخر بندقية آلية من طراز AK-47، ويحمل رجل ثالث كاميرا فيديو لوسائل التواصل الاجتماعي.

وتابعت أن حماس تستخدم في كمائن أخرى ما يسمى بالقنابل اللاصقة، وهي متفجرات بدائية الصنع تلتصق بالمركبات المدرعة الإسرائيلية بواسطة مغناطيس أو شريط لاصق.

يتذكر أوشر، وهو سائق دبابة في اللواء الرابع الإسرائيلي، إصابته بقنبلة لاصقة في خان يونس في ديسمبر بينما كانت وحدته تبحث عن فتحة نفق، ركض أحد مقاتلي حماس عبر الشارع وألصق القنبلة بالدبابة بالقرب من موقع السائق، قائلًا: "سمعت صوت يقول هناك شخص ما في الخارج، لقد كان أحد الجنود قبل أن تصيب القنبلة الدبابة بالكامل، لم أستطع أن أرى أو أسمع، لقد أصبت بارتجاج، ولكني قدت الدبابة للخلف إلى نقطة الإخلاء المخطط لها مسبقًا، وأخبرني الطاقم أن وجهي ينزف".

ويقول العديد من الجنود الإسرائيليين إن حماس تحاول أيضًا قتل القوات الإسرائيلية عن طريق وضع شراك خداعية في المباني في جميع أنحاء غزة، وقال جنود إسرائيليون إنه تم العثور على أفخاخ على نطاق واسع في منازل نشطاء حماس، وكذلك في منازل العديد من المدنيين.

وفي وقت مبكر، تم وضع المتفجرات حول مداخل المباني، وسرعان ما توقف الإسرائيليون عن استخدام الباب الأمامي، وبدلًا من ذلك فجروا أو هدموا طريقهم عبر جدران المنزل، وقال جنود إسرائيليون إن حماس تكيفت مع الوضع، حيث قامت بوضع فخاخ متفجرة في الأشياء داخل المباني، من بالونات تخزين الغاز إلى ألعاب الأطفال.

وفي بعض الأماكن، حاولت حماس استدراج الجنود الإسرائيليين إلى الفخاخ عن طريق زرع متفجرات في أشياء تخص المحتجزين الإسرائيليين.

وتذكر قائد الوحدة الإسرائيلية المكلفة بالوصول إلى الجنود الجرحى وإجلائهم حادثة عندما عثر الجنود على حقيبة تحمل كتابة عبرية تخص أحد سكان كيبوتس بئيري في جنوب إسرائيل، وقال القائد إن الجنود، الذين نظروا بعناية داخل الحقيبة، رأوا قنبلتين يدويتين معدة للانفجار إذا تم التقاط الحقيبة، وفي حالات أخرى، استخدمت حماس تسجيلات صوتية لمحتجزين يتوسلون المساعدة باللغة العبرية لمحاولة جر الجنود إلى كمين. 

وقلل الإسرائيليون من فرص حماس في نصب الكمائن من خلال الانسحاب من مدينة غزة في شمال القطاع في يناير لكن حماس سرعان ما بدأت في العودة إلى المناطق التي غادرتها القوات الإسرائيلية.

لعنة الانفاق تطارد إسرائيل في خان يونس 

وفي معركة خان يونس، أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية على الأرض والجو إلى درجة أن مقاتلي حماس يتعرضون للخطر كلما أظهروا أنفسهم، لكن التحدي هو إخراجهم من تحت الأرض، فهم يظهرون لجزء من الثانية فقط، ثم يختفون في شبكة أنفاق معقدة للغاية لم يستطع جيش الاحتلال حتى الآن في فك خريطتها.

وقال العديد من الجنود إن الجيش الإسرائيلي لم يجد حلا منهجيا للعثور على أنفاق حماس وتدميرها. تم العثور على مداخل الأنفاق في المنازل والمدارس والمساجد والساحات والشوارع والحقول الزراعية. بعضها مغطى بأبواب فولاذية، والبعض الآخر مغطى بمراتب في المنزل، واعتمدت القوات الإسرائيلية في الغالب على الطائرات بدون طيار والروبوتات لتفتيش الأنفاق، ولم ترسل جنودا إلا في وقت لاحق لتجنب المعارك في الممرات الضيقة.

وقال قائد الإخلاء الطبي إن الحرب أصبحت عبارة عن سلسلة من المواجهات المتفرقة مع المسلحين الأفراد الذين يحاولون إطلاق النار على الجنود الإسرائيليين أو تفجير المتفجرات.

وقال الرقيب الإسرائيلي كوري فيلدمان عن تجربته القتالية في غزة: "لم أر أي مقاتل لحماس،  لقد تعرضنا لإطلاق النار بشكل يومي، ولكن مقاتلي حماس يختفون بسرعة غريبة".