رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة فى شمولية الموازنة العامة وضم الهيئات الاقتصادية


تسعى الحكومة إلى تحقيق شمولية الموازنة العامة للدولة، وذلك من خلال تعديل بعض أحكام قانون المالية العامة وإخضاع كل موازنات الهيئات الاقتصادية وعددها 59 هيئة اقتصادية وضم إيراداتها ومصروفاتها إلى الموازنة العامة للدولة. وكانت كل الهيئات الاقتصادية تابعة وتخضع لموازنة الدولة حتى عام 1979، حيث صدر قانون رقم 11 لسنة 1979 الذى تم بمقتضاه فصل موازنة هذه الهيئات عن الموازنة العامة للدولة على أن تعد موازنات مستقلة تناقش من مجلس النواب. واقتصرت العلاقة فيما بينهما على الفائض من موازنات الهيئات الاقتصادية الذى يؤول للخزانة العامة أو منح وتوفير ما يتقرر لأى هيئة من دعم ومساهمات وسد الالتزامات أو العجز.
ويقصد بمبدأ شمول الموازنة أن يدرج فى الوثيقة الموحدة للموازنة العامة جميع الإيرادات العامة للدولة مهما كانت مصادرها وجميع النفقات العامة مهما كانت أنواعها دون إجراء أى إنقاص أو اقتطاع. ويترتب على تطبيق هذا المبدأ ثلاث نتائج مهمة وهى:

«أ» فى الموازنة العامة تدرج جميع الإيرادات اللازمة لتمويل جميع النفقات.
«ب» فى الموازنة العامة تسجل جميع النفقات العامة والإيرادات العامة.

«ج» فى الموازنة العامة تسجل جميع النفقات الناتجة عن تحصيل بعض الإيرادات. ومن المعروف أن الهدف الأساسى من إعداد الموازنة هو تحقيق نوعين من الرقابة: الأولى دستورية والثانية اقتصادية ومالية. ومن حيث الوظيفة الأولى تعد الموازنة وثيقة سياسية وقانونية تخدم أهداف الرقابة الدستورية وتضمن المشاركة الفعالة من جانب كل فئات المجتمع. وهو ما يتطلب بدوره المعرفة الكاملة بالأوضاع المالية، وبالتالى الشفافية المطلقة فى عرض بنود الموازنة ليس فقط للأغراض الاقتصادية، ولكن وهو الأهم من أجل المزيد من المساءلة السياسية أمام السلطات الرقابية والتشريعية والشعبية.
أما الوظيفة الثانية الاقتصادية والمالية فهى تأتى فى ضوء الدور الذى تلعبه الموازنة العامة فى الاقتصاد القومى ككل من حيث القدرة على تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وتحديد استخدام هذه الموارد على بنود وقطاعات النفقات الحكومية مثل الدعم والأجور والنفقات الاجتماعية. بينما تتيح الإيرادات العامة الفرصة للدولة لتلبية الأهداف العامة. حيث بمقتضى مبدأ شمولية الموازنة فإنه لا يجوز تخصيص مورد معين لنفقة محددة بل يجب أن تتجمع جميع موارد الدولة فى الخزانة العامة التى تقوم بتوزيعها على مختلف جوانب الإنفاق العام حسب رؤية وخطة الحكومة وموافقة مجلس النواب.
وكان الهدف آنذاك هو أن تتحمل الهيئات الاقتصادية مسئوليتها وتعتمد على ذاتها فى توفير احتياجاتها المالية. ولكن هذا لم يحدث للأسف بل مثلت الهيئات الاقتصادية عبئًا على موازنة الدولة، حيث بلغ ما أتاحته الموازنة العامة من دعم وإعانات ومساهمات 481.5 مليار جنيه، بينما بلغ ما آل إليها من فوائض وضرائب دخلية ورسوم 298.9 مليار، مع ملاحظة أن 83% مما يؤول للخزانة يأتى من هيئتى قناة السويس والبترول.
ولا شك أن تطبيق مبدأ شمولية الموازنة سيحقق العديد من المكاسب وهى: 
«أ» سهولة وإحكام الرقابة على كل موارد الدولة وتحديد النفقات الخاصة بكل البنود والقطاعات.
«ب» زيادة حجم إيرادات الدولة ليصل إلى 5 تريليونات جنيه مصرى خلال الموازنة الجديدة، فى حين أنه إجمالى إيرادات الموازنة العامة للدولة الحالية فى حدود 2.1 تريليون جنيه فقط حيث تسعى الحكومة إلى ضم 41 هيئة اقتصادية خلال موازنة العام الجديد 2024 / 2025 على أن يتم إدراج باقى الهيئات خلال الخمس سنوات المقبلة.
«ج» تحسين المؤشرات والنسب المالية للموازنة مثل نسب عجز الموازنة ونسب الدين العام، نظرًا لزيادة إيرادات الدولة وزيادة الناتج المحلى الإجمالى ووضع ضوابط وإحكام الرقابة على القروض والتمويلات التى تتحصل عليها الهيئات الاقتصادية وأوجه استخدامها.