كيف تدعم هيئة الثروة المعدنية مشروع رأس الحكمة؟

يعد مشروع رأس الحكمة في الساحل الشمالي، الذي أعلن عنه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بتكلفة تصل إلى 35 مليار دولار، مشروعًا ضخمًا يستلزم تعاون جميع شركات المقاولات المحلية إلى جانب هيئة الثروة المعدنية، التي كانت تعرف سابقًا بالمساحة الجيولوجية، هذه الهيئة، واحدة من أقدم الهيئات الجيولوجية في العالم، لها دور حاسم في المشروع بفضل خبرتها الطويلة في الجيولوجيا، المسح الجيولوجي، فحص التربة، الحفر، رصد الزلازل وإعداد الدراسات الجيولوجية الفنية للموقع.

للاستفادة من الخبرات المتراكمة للهيئة وتحقيق إيرادات مالية كبيرة للدولة من خلال هذا المشروع، يُوصى بإنشاء شركة جديدة تحمل اسم مثلا "جيوتقنية" متخصصة في تقديم خدمات التعدين، ومن المهم أن تكون هذه الشركة شركة مساهمة تعاونية تضم شركاء من مختلف القطاعات مثل البترول، التعدين، الإنشاءات والصيانة، لضمان تجميع الخبرات والموارد اللازمة لتحقيق النجاح.

بالإضافة إلى المهام الأساسية المتعلقة بالأبحاث الجيولوجية وتجهيز المواقع، ستوسع الشركة الجديدة نطاق خدماتها لتشمل القطاعات الأخرى غير التعدينية بفضل توفر معدات متقدمة وفريق من الخبراء الجيولوجيين، هذا يشمل العمل مع قسمي الجيوفيزياء والحفر التابعين للهيئة لتقديم خدمات متخصصة.

كما ستقدم الشركة خدماتها في رفع خرائط لمشاريع البنية التحتية مثل الجسور، الأنفاق، الطرق، السكك الحديدية، المترو، مشاريع المياه والسدود، وذلك من خلال إعداد خرائط دقيقة وأداء عمليات الرفع المساحي وتحليل خصائص التربة قبل الشروع في أي مشروع، بالإضافة إلى إجراء الدراسات اللازمة للكشف عن التصدعات وتقييم أمان المنحدرات للطرق والسكك الحديدية، بما في ذلك في المناطق السياحية والمجمعات السكنية، كما ستقوم بفحص وتصنيف التربة والمياه الجوفية لضمان أسس متينة للمشاريع المستقبلية.

ستشمل مهام الشركة أيضًا فحص وتقييم الجسام الترابية التي تتأثر بالمياه، مثل أكتاف قنوات المياه، وكذلك قياس وتقييم تأثيرات الأحمال الديناميكية على التربة الناجمة عن أنشطة مثل الدق، التفجير، أو الاهتزازات الناتجة عن وسائل النقل، هذا يتطلب تطبيق مبادئ ميكانيكا التربة والجيولوجيا الهندسية لضمان السلامة والاستقرار.

بخصوص التعاون والمساهمة في الشركة، من المقترح أن تشمل الشركات المساهمة هيئة الثروة المعدنية، بتروجت، صيانكو، بترومنت، وتنمية، مع إمكانية دعوة مستثمرين آخرين للانضمام وتعزيز القدرات المالية والتقنية للشركة.

كما يتطلب النجاح في هذا المسعى سرعة إصدار قرار بتحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، وهو ما تمت الموافقة عليه مؤخرًا استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز صناعة التعدين في مصر، تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة، دعم التنمية المستدامة، توفير فرص عمل، والمساهمة بفاعلية في استدامة الثروة المعدنية في البلاد.

ضمن إطار مشروع رأس الحكمة، تقف هيئة الثروة المعدنية على أهبة الاستعداد للعب دور بالغ الأهمية يشمل جوانب متعددة لكفالة تحقيق النجاح للمشروع والحصول على أقصى استفادة ممكنة من الثروات المعدنية في المنطقة، من خلال استخدام تقنيات المسح الجيوديسي المتطورة، بما في ذلك نظم المعلومات الجغرافيةGIS) ) والمسح بالليزر المساحي LiDAR))، ستتمكن الهيئة من توفير بيانات دقيقة ومفصلة حول ملامح المنطقة، مما يساعد في إعداد خرائط دقيقة وفهم شامل لتضاريس المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم استخدام المسح الجيوفيزيائي لاستكشاف الخصائص الفيزيائية للطبقات تحت سطح الأرض، مما يمكن الفرق المعنية من تحديد الموارد المعدنية وتقييم طبيعة التربة والصخور، هذه المعلومات حاسمة لتحديد مناطق الضعف المحتملة أو التصدعات التي قد تؤثر على البناء والتطوير.

أما فيما يتعلق بتقييم استقرار التربة، فإن نتائج تحليل التربة ستوفر بيانات قيمة لتحديد أفضل الطرق والممارسات للتأسيس والبناء، ضمانًا لسلامة البنية التحتية وطول عمرها. 
هذه الأساليب ستشمل تقنيات تعزيز الأرض، اختيار أنواع الأساسات المناسبة، وتطبيق أفضل الممارسات الهندسية للتعامل مع التحديات المحتملة.

من خلال هذا النهج المتعدد الأوجه، تسعى هيئة الثروة المعدنية لتوفير قاعدة بيانات شاملة وموثوقة تدعم جميع مراحل تطوير مشروع رأس الحكمة، من التخطيط والتصميم إلى التنفيذ والصيانة، مما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة بكفاءة وفعالية.

وفي إطار تحليل الفوالق والتصدعات، ستقوم هيئة الثروة المعدنية بإجراء دراسات معمقة للكشف عن التصدعات الجيولوجية والفوالق في المنطقة المحيطة بمشروع رأس الحكمة، هذا يهدف إلى تقييم المخاطر الجيولوجية المحتملة مثل الزلازل أو الانزلاقات الأرضية وتطوير خطط شاملة للإدارة الجيولوجية، هذه الخطط ستستفيد من المعلومات حول التصدعات لوضع استراتيجيات تضمن استخدام تقنيات البناء المتكيفة وتدابير الوقاية من الكوارث، مما يساهم في ضمان استدامة المشروع وسلامة البنية التحتية.

من خلال التكامل والتعاون مع الهيئات والمؤسسات الأخرى المشاركة في مشروع رأس الحكمة، ستضمن هيئة الثروة المعدنية تكامل البيانات والمعلومات الجيولوجية مع خطط التطوير الشاملة للمشروع، هذا التعاون سيسمح بتحقيق نهج موحد يضمن أن جميع جوانب المشروع تتم مراعاتها بشكل كامل وفقًا للمعطيات الجيولوجية والبيئية.

بالإضافة إلى ذلك، ستقدم هيئة الثروة المعدنية استشارات جيولوجية متخصصة للمشاريع الفرعية ضمن مشروع رأس الحكمة، خاصة في مجالات التخطيط العمراني وتطوير البنية التحتية، هذا يشمل تقديم توجيهات بناءً على التحليلات الجيولوجية لضمان أن يتم التخطيط والبناء بطريقة تحترم الخصائص الطبيعية والجيولوجية للمنطقة.

من خلال هذا النهج المتكامل والمركز على الجيولوجيا، تهدف هيئة الثروة المعدنية إلى تعظيم دورها في مشروع رأس الحكمة، مما يسهم في تحقيق التنفيذ الناجح للمشروع وفقًا لأعلى المعايير الجيولوجية والبيئية، هذا ليس فقط يضمن إنجاز المشروع بكفاءة عالية، ولكن يساهم أيضًا في تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة للدولة، بما في ذلك توليد مليارات الجنيهات من الإيرادات وتوفير فرص عمل جديدة.