رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العنف ضد النساء فى السودان

يحظر القانون الإنسانى الدولى المعروف بقوانين الحرب على أطراف النزاع المسلح تعمد إيذاء المدنيين، وتحظر المادة (3) المشتركة فى اتفاقيات جنيف 1949 والقانون الدولى الإنسانى العرفى، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى.
ويُشكِّل الاغتصاب الذى يرتكبه المقاتلون، أحد أشكال التعذيب ويعتبر جريمة حرب، وإذا كان جزءًا من هجوم واسع النطاق، أو منهجى، من قبل حكومة أو جماعة مسلحة على مدنيين، يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية.
وفى الفترة الأخيرة، تزايدت التقارير والإحصاءات التى تتحدث عن الانتهاكات المرتكبة بحق مئات النساء والفتيات فى السودان منذ اندلاع الاقتتال بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتى". وتم توثيق (٣٧٠) حالة فى الخرطوم ودارفور.
إن الوضع مُخز ومشين وفظيع، جراء ما يرتكبه أفراد ميليشيات قوات الدعم السريع، والميليشيات المتحالفة معها ذات الأغلبية العربية، من انتهاكات وحشية للنساء فى المناطق التى يسيطرون عليها، من النهب والضرب والقتل وتدمير المنازل والشركات الحكومية وحرقها، بجانب جرائم الاغتصاب وبالذات فى الجنينة عاصمة مناطق غرب دارفور، والتطهير العرقى لجماعات المساليت غير العربية.
ولم تكتف قوات الدعم السريع بذلك، ولكنها قامت بعمليات نهب منظمة للمساعدات الغذائية التى يقدمها برنامج الأغذية العالمى، مما يهدد بكارثة غذائية، وكان من نتائج ذلك نزوح ملايين من الشعب السودانى إلى البلدان المجاورة، سواء فى الداخل أواللجوء للخارج للبلدان المجاورة، ومنها مصر وتشاد.
ولقد وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، العديد من الجرائم التى ارتكبتها قوات الدعم السريع فى الجنينة عاصمة غرب دارفور بين أواخر أبريل إلى أواخر يونيو 2023، وصرحت بلقيس والى، المديرة المساعدة فى قسم الأزمات والنزاعات فى المنظمة، بمسئولية قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها عن ارتكاب عدد هائل من حالات الاغتصاب أثناء هجومهم على الجنينة، ومنها اغتصاب النساء والفتيات، وبعض الحالات تعرضت للاغتصاب المتكرر من أكثر من رجل وبعضهن تعرضن للضرب بالرصاص بعد الاغتصاب والتهديد لهن (لأنهم غير عربيات) إذا لم يتركن السودان إلى بلدان أخرى.
كما وثقت المنظمة لعدد من الحالات التى تعرضت لنزيف حاد بعد الاغتصاب ولم تتمكن من تلقى العلاج المناسب فى الوقت المناسب.
وفى الأيام الأخيرة، طرحت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى الديمقراطيين والجمهوريين، مشروع قانون، يُصنِّف أفعال قوات الدعم السريع، والميليشيات المتحالفة معها فى دارفور، ضد المجتمعات العرقية غير العربية، على أنها إبادة جماعية، بالإضافة إلى إدانة دور قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة السودانية فى ارتكاب الفظائع والكوارث الإنسانية وتدمير السودان.
ويدعو المشروع إلى وقف فورى للحرب وأعمال العنف والفظائع فى السودان، مع إنشاء آليات لحماية المدنيين، بما فى ذلك إنشاء ممرات إنسانية آمنة، وتطبيق حظر الأسلحة الذى أقره مجلس الأمن فى دارفور، مع سرعة تقديم مساعدات غذائية، وطبية، ومأوى للأشخاص، الذين طالتهم الحرب.
كما طالب العديد من المنظمات الخاصة بحقوق الإنسان ومناهضة العنف ضد النساء، بتطبيق قرار حظر الأسلحة المفروض على دارفور، وفرض عقوبات ضد المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة بما فيها العنف الجنسى، سواء من القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، كما طالبت تلك المنظمات مجلس الأمن بدعم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية فى دارفور.
وأشارت هذه المنظمات إلى أن عرقلة تحقيقات المحكمة، من قِبل الحكومة السودانية، بجانب سلبية مجلس الأمن فى مواجهة هذه العرقلة، سهَّلت الإفلات من العقاب، مما نتج عنه ارتكاب المزيد من الجرائم.
كما تساءلت: لماذا لايتم فرض عقوبات على قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة السودانية، والجماعات المسلحة المسئولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين؟؟!!