رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النصر الكامل الذى يقصده نتنياهو!

عودنا نتنياهو على عبارات رنانة تتحول إلى شعارات، نقرأها على الصفحات الأولى فى صحف العالم.. من يتذكر شعار «لن يحدث شىء لأنه لا يوجد شىء»، الذى أطلقه ردًا على الاتهامات ضده «قبل المحاكمة»، ثم شعار «سنحقق مع المحققين» وهو الذى أطلقه أثناء المحاكمة وكان هدفه أن يشكك فى التحقيقات ضده، وشعار «سأعود»، عندما تشكلت حكومة لابيد وبينيت، وعندها وعد ناخبيه بالعودة إلى رأس الحكم «ثم عاد فعلًا بعد عام ونصف العام».

شعار نتنياهو هذه الأيام هو «النصر الكامل».. يتمسك به ويكرره فى كل ظهور علنى له، وكأنه شعار نصحه به روح آرثر فنكلشتاين، مستشاره الراحل.

«النصر الكامل»، مثل باقى شعارات نتنياهو، لا أحد يفهم معناه الدقيق، ولا أحد يدرك كيف سيتحقق، لكن نتنياهو لا يشرح لنا، هو يكرر الشعار ويترك التفسيرات لنا، هو يقول «النصر الكامل»، ويضع الأمر فوق كل اعتبار، حتى لو تقلّبت بنا الدنيا ودارت علينا الدوائر.

الذعر الذى بثه نتنياهو فى الأسابيع الأولى للحرب اختفى «حسب تصريح نتنياهو حركة (حماس) هى التى انتصرت فى السابع من أكتوبر، لا نحن»، الآن هو متماسك وواثق أكثر من نفسه، ينظر إلى الكاميرا بتحد ويقول «النصر الكامل»، ورغم الاستطلاعات التى لا تنصفه وتؤكد فقدانه الحكم حال جرت الانتخابات الآن، وحقيقة أنه وحكومته لا يزالون فى السلطة بعد مرور أربعة أشهر على الفشل الكبير فى ٧ أكتوبر، إلا أنه أصبح من الواضح أكثر من أى وقت مضى أنه لا ينوى الرحيل، والأهم أنه يعد بـ«النصر الكامل».

هناك من يفسر «النصر الكامل» بأن نتنياهو اتخذ قراره بالاستمرار فى الحرب، مهما كانت النتائج، ومهما كان الثمن، وأن مسألة «المخطوفين» لم تعد أولويته، ربما لأنه يفهم أن أى صفقة تبادُل بثمن باهظ ستؤدى إلى زعزعة ائتلافه الحكومى، ولعله يؤدى إلى حل الائتلاف. 

لكن عدم التوصل إلى صفقة سيكون أفضل، فحتى لو تسبب انسحاب كلٍّ من جانتس وأيزنكوت من حكومة الحرب، على الأقل الحكومة ستظل آمنة.

نتنياهو أكد للجمهور أن إسرائيل على بعد خطوة واحدة من النصر، الذى أصبح قاب قوسين أو أدنى، صحيح أنه فى خان يونس سيطر الجيش الإسرائيلى بشكل كامل وتدريجى على المخابئ والأنفاق تحت الأرض التى كان رئيس حماس فى قطاع غزة، يحيى السنوار، يتولى منها قيادة نشاطات رجاله، فضلًا عن الغارات العنيفة التى قتلت العشرات من نشطاء حماس، لكن ليس مؤكدًا أن هذه الإنجازات التكتيكية هى النصر الكامل الذى يقصده نتنياهو.

فهل النصر الكامل هو القضاء التام على حركة حماس «هو أمر مشكوك فى نجاحه»، أم أن النصر الكامل هو تحرير كامل للمخطوفين، «نتنياهو يماطل فى الصفقة» بمبرر «لن نقوم بإطلاق سراح آلاف المخربين»، و«لن نوقف القتال» حتى يتحقق النصر الكامل.

فهل سيتحقق النصر الكامل لو تم القضاء فعلًا على حماس لكن بعد موت كل المخطوفين؟ أم سيكون النصر الكامل بتحرير المخطوفين فى إطار صفقة التبادل التى يجرى الحديث عنها، لكن مع وقف إطلاق النار؟

على نتنياهو أن يشرح لى وللجمهور الإسرائيلى ماذا يقصد بالنصر الكامل؟!